التلويح بالتصعيد مستمر.. والتسوية ممكنة

 تتوالى التحذيرات التي تصل إلى لبنان و”حزب الله” من أكثر من جهة دولية وإقليمية، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة، وسط ترقّب حذر لما تحمله المرحلة المقبلة من تطورات ميدانية وسياسية. إذ تؤكّد مصادر مطّلعة أن الورقة الأميركية التي يجري التداول بها في الكواليس لا تزال تشكّل مصدر قلق حقيقي لدى دوائر القرار في بيروت، لا سيّما أنها تتجاهل تمامًا مسألة الضمانات الأمنية في مقابل أي تسوية محتملة، وتُركّز فقط على مطلب أساسي يتمثّل في تسليم السلاح.
وبحسب المعلومات، فإن واشنطن لم تُبدِ أي مرونة حقيقية تجاه الهواجس اللبنانية، ولم تعر اهتمامًا جديًا لموضوع التدرّج في تطبيق بنود المبادرة، بل تُصرّ على التنفيذ الكامل والمباشر، وهو ما يضع الدولة اللبنانية، ورئيس الجمهورية تحديدًا، أمام معادلة دقيقة ومعقّدة. إذ يُنتظر أن يقوم الرئيس بدراسة متأنّية للمقترحات الأميركية، قبل أن يُبلور موقفًا واضحًا يُعاد طرحه عبر القنوات الدبلوماسية.

في المقابل، لا يتعاطى “حزب الله” مع هذا المشهد بخفّة، بل يتابع تفاصيله بدقة، معتمدًا على سلسلة من التسريبات والمعطيات التي تصل إليه من أكثر من مصدر خارجي. وتشير هذه التسريبات، بحسب مصادر مطّلعة ، إلى احتمال كبير لحدوث ضربة إسرائيلية واسعة النطاق، قد تتجاوز الضربات الجوية الموضعية لتصل إلى اجتياح بري محدود لبعض المناطق الحدودية.

هذه المعلومات، وإن لم تُؤكَّد بشكل رسمي، تُؤخذ داخل “حزب الله” بجدّية مطلقة، ويتم التعامل معها على أنها سيناريو مطروح وواقعي. لكن في الوقت نفسه، لا يبدي الحزب قناعة تامة بأن الاحتلال بصدد الذهاب إلى مغامرة كبيرة بهذا الحجم، خصوصًا في ظل التوازنات القائمة والتكلفة العالية لأي تصعيد ميداني واسع.

وبين الورقة الأميركية المليئة بالضغوط، والسيناريوهات الأمنية والعسكرية المطروحة في الجنوب، يبدو المشهد اللبناني مفتوحًا على احتمالات متعددة، ما يُحتم على القوى السياسية الدخول في مرحلة جديدة من الحسابات الدقيقة، لتجنّب الانزلاق نحو مواجهة لا تُحمَد عقباها. 

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى