قطاع السيارات يكافح للصمود في ظلّ الأزمات وحركة البيع والتأجير تتأرجح مع التطوّرات

كتبت رماح هاشم في “نداء الوطن“: لقطاع السيّارات أهميّة بالغة في تحريك العجلة الاقتصاديّة، حيث يُعتبر مصدرًا مهمًّا للوظائف إذْ يشمل مجالاتٍ عدّة مثل: استيراد وبيع السيّارات، الصيانة والإصلاح، التأمين وقطع الغيار، ما يوفّر آلاف فرص العمل بشكلٍ مباشر وغير مباشر للعاملين في هذه المجالات. وكذلك له دور في نموّ إيرادات الدولة، من خلال الضرائب والرسوم الجمركيّة. وهو يدعم قطاعات أخرى، على اعتبار أنّ السيّارات تؤثّر بشكلٍ مباشر في قطاعات عدّة مثل النقل، السياحة، التجارة والخدمات اللوجستيّة.

شَهد قطاع السيّارات في الفترة الماضية تقلّبات ملحوظة نتيجة الأحداث الأمنيّة التي مرّت في المنطقة، ما انعكس بشكلٍ مباشر على حركة البيع والشراء، فتراجع الإقبال على الشراء بانتظار تبلور الصورة النهائيّة للتطوّرات الإقليميّة.

ولكنّ اللافت أنه بعد تراجع دور المصارف في تمويل القروض عادت هذه القروض بخجل، ما دفع باتجاه نموّ محدود في القطاع، حيث شهدت سوق تأجير السيّارات نموًّا ملحوظًا، خاصة بفضل زيادة الطلب من اللبنانيين العائدين من الخارج لتمضية العطلة، والراغبين في استئجار السيّارات لفترات موَقّتة، ما أسهم في ازدهار هذا النشاط رغم التحدّيات القائمة.

رئيس نقابة مستوردي السيّارات المستعملة إيلي قزي يؤكّد لـ “نداء الوطن”، أنّ “قطاع السيّارات كان جيدًا منذ ثلاثة أشهر مع وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، لكن عاد الوضع إلى التأزّم، وتوقّفت الحركة نوعًا ما مع اندلاع المواجهات بين سوريا وإسرائيل ولبنان مؤخرًا. مع مطلع هذا الصيف كنّا قد بدأنا باستيراد السيّارات وبيعها ولو بعدد محدود”.

معاناة القطاع

إلّا أنّ القطاع، وفق ما يوضح قزي “يُعاني من مشاكل مع الجمارك والنافعة (مصلحة تسجيل السيّارات)، رغم ذلك نُحاول تدارك الأمور بغيَة الاستمرار في هذا القطاع، وكانت الأمور تسير بشكل جيّد حتى آخر أسبوعين حيث بدأت الأزمة تتّضح أكثر في البلد، وعاد الخوف ليتسلّل إلى قلوب المواطنين مجدّدًا، وتوقّف العمل في قطاع السيّارات. وإذا كنا نعمل بنسبة 80 في المئة تراجعنا في الأسبوعين الأخيرين إلى 40 في المئة”.

واقع قطاع التأجير

عن قطاع تأجير السيّارات يقول قزي: “إنه جيّد لكنه غير كافٍ كعمل لشهر أو شهرين، لأنّ هذا القطاع يعتمد على العمل طوال السنة. لا يكفي انتظار موسم الصيف أو الأعياد، لأنّ أصحاب المؤسّسات يخسرون بهذه الطريقة، فلديهم مصاريف وإيجارات للعمّال والموظّفين. عدد اللبنانيّين الذين يعملون في الخارج كبير إذ يصل إلى ما يقارب 15 مليون شخص، إذا جاء منهم فقط مليون شخص إلى لبنان، فهذا لا يكفي بل يؤدي فقط إلى اكتفاء ذاتي. نحن لا ننتظر السيّاح، لأنّ مجيء المغتربين اللبنانيين يكفي وحده لتشغيل القطاع”.

وضع أمني جيّد

ويُردف قائلًا: “هذا القطاع، أكان بيع سيارات أم إيجارها لا ينتظر مساعدة من أحد أو من أي دولة بل يحتاج إلى وضع أمني جيّد وسياسي مستقرّ. لدينا اكتفاء ذاتي، نبرع ونتخطى كلّ المشاكل والصعوبات التي نمرّ بها، ونحلّق بمفردنا”.

ويضيف: “يمكن القول إنّ قطاع تأجير السيارات مزدهر إلى حدّ ما، لكنه غير كافٍ لشهر أو شهر ونصف، لأنه يحتاج للعمل على مدار السنة، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تكبّدهم خسارات كبيرة، لديهم مصاريف كما أنّ كل سيارة تعود من الإيجار تحتاج إلى إعادة تأهيل وخدمات ومصاريف وميكانيك”.

عن الفرق بين هذا العام والعام الماضي، يُجيب قزي: “السنة الماضية لم تكن جيّدة بسبب الحرب وأحداث غزة والوضع في الجنوب، ما ترك أثرًا على بيروت وعلى حركة المطار، وكان هناك خوف لدى الناس ولم يأتِ أحد من الخارج، كان عامًا سيّئًا جدًا. هذا العام كانت بدايته لا بأس بها لكنّنا اليوم تراجعنا بشكل ملحوظ. لا يمكننا أن نستمرّ في هذا الصعود والهبوط، نحتاج إلى الاستقرار. نصمد من اللحم الحيّ، نبيع أراضينا وممتلكاتنا كي نستمرّ في العمل، ولا نلقَى مساعدة من أي جهة كانت، أكان من الدولة اللبنانية أو من أي دولة أخرى”.

حلقة متكاملة

عن حجم اليد العاملة في هذا القطاع، يُجيب قزي: “لا يهمّ العدد، إنّما تجدر الإشارة إلى أننا القطاع الثاني بعد النفط، نستورد سيارات مستعملة والعديد من القطاعات ترتبط بهذا القطاع، كمحلات قطع الكسر والدواليب والفرش والزجاج ورافعات السيّارات وكاراجات تصليح السيّارات… نشكّل حلقة متكاملة في كلّ هذا القطاع الذي يقوم بإعادة تأهيل السيّارات. صحيح أننا نرى السيارة في المعرض جاهزة للبيع مرتبة ونظيفة ومؤهّلة للسلامة العامة وخاضعة لخدمة كاملة ومستعدّة للسير على الطرقات، هذا الأمر يستدعي عملًا دؤوبًا من جهتنا ويمرّ على قطاعات عدّة تستفيد من خلال السيارة المستعملة. إشارة إلى أن الاقتصاد يستفيد من السيارة المستعملة أكثر من الجديدة الجاهزة”.

خوف من الأحداث المفاجئة

ويُشير قزي إلى أنّ “اللبناني يخشى من التطوّرات وأصبح يحسب حسابًا للأحداث المفاجئة، بسبب ما مرّ عليه من تجارب ومراحل صعبة، وبات لديه هاجس الخوف. وهو يسعى دومًا للصبر وانتظار مجريات الأمور واتجاهها، خاصة أنّ السيارة لا توضع في المنزل كديكور بل على الطرقات، وهي بالتالي معرّضة للخطر، ويفكّر في كيفية إعالة عائلته قبل السيّارة، لهذا، فإنّ أقلّ حادث أو أي خطاب ناري لزعيم يتوقّف عملنا على أثره مدّة ثلاثة أشهر. وهذا يدلّ على مدى تأثر هذا القطاع بالوضع الأمني والسياسي”.

أهميّة عودة قطاع المصارف

ويختم قزي: “نطالب بتأهيل قطاع المصارف لأننا كقطاع السيّارات وغيرها من القطاعات أيضًا، نرتكز على تسهيلات المصارف لبيع السيّارات بالتقسيط. كنا نبيع السيّارات بالتقسيط عبر المصارف ونقدّم تسهيلات للزبائن وللقطاعين العام والخاص، وليس المطلوب فقط إعادة هيكلة المصارف بل أيضًا إعادة هيكلة القطاع العام لأننا أيضًا نتّكل على هذا القطاع إلّا أن رواتبه اليوم متدنية جدًا ولا تسمح بشراء سيارة، فموظف القطاع العام يمكنه الحصول على موافقة مباشرة في حال أراد تقسيط السيارة عبر المصرف، بينما في القطاع الخاص يحتاج إلى بحث حول الشركة التي يعمل لديها وقدرته على الدفع. في النهاية، لا يملك كلّ المواطنين أموالًا “فريش” لشراء سيارة ويحتاجون إلى قرض من المصرف، خاصة طلاب الجامعات، ومن أصبحت سيارته قديمة ويرغب في التجديد… وغياب التسهيلات يؤثر بشكل كبير في هذه الشريحة، وهذه الفئة تشكّل نسبة 70 في المئة من اللبنانيين”.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى