أين يقف سُنة بعلبك من الانتخابات البلدية؟

كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
تشقُ اللوائح الانتخابية طريقها إلى التشكيل بعد اكتمال عقد التحالفات وتفاهم العائلات، لتبدأ معالم المعركة التي ستجرى في الثامن عشر من أيار المقبل في محافظة بعلبك الهرمل بالتبلور، ومعها يبرز السؤال الأهم: أين يقف سُنة بعلبك في هذه الانتخابات؟ وهل يبقون في دائرة النفوذ التقليدي للأحزاب السياسية، أم أنهم سيعيدون ترتيب أوراقهم مع الأطراف المتنافسة؟

في خضم خلط الأوراق على الصعيد السني في لبنان عموماً، ومدى تأثره بالمشهد العربي والإقليمي والتحولات التي طرأت، لا يمكن فهم موقع وموقف السُنة في بعلبك الهرمل من الانتخابات البلدية بمعزلٍ عن المشهد السني العام في لبنان، حيث تعيش الطائفة حالة تشتت وفراغ، تلعب فيه المملكة العربية السعودية دوراً محورياً في ملئه عبر إعادة ترتيب الأوراق بطريقة أكثر تحفظاً عن المرات السابقة. وفي بعلبك تحديداً، لا يخفى أن بعض الأصوات السنية تنظر إلى الرياض كمرجعية سياسية وروحية رغم غياب القنوات التنظيمية المباشرة، ما يجعل الموقف من الانتخابات يتأثر بالعوامل الإقليمية، إلى جانب الحسابات المحلية الدقيقة.

يعيش سُنة بعلبك في بيئة تتسم بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية، ويعانون كسائر أهالي المدينة ضعفاً في الخدمات، ويتأثرون بالنزاع السياسي والطائفي الذي عصف بالمنطقة، ويحتفظون بموقعهم السياسي والاجتماعي رغم كل الظروف، إذ يشكلون ركيزة أساسية لأي عملية انتخابية ناجحة. ومع اقتراب موعد الانتخابات يعمل “حزب الله” الذي رفع شعار التفاهم والتوافق مع العائلات على بذل جهود مكثفة لاستمالة الرأي العام السني، بعد أن ضم إلى لائحته النيابية نائبين سنيين عن بعلبك وعرسال عام 2022، ويسعى إلى٧ ضم عدد من أبناء العائلات السنية إلى لائحته التي يهندس تشكيلها وفق رؤيته للانتخابات القائمة على تقاسم الرئاسات ونياباتها بما يحفظ حقوق العائلات، وبعد أن ثبت التفاهم مع جمعية المشاريع الخيرية التي لها امتدادها الشعبي والانتخابي في المدينة.

سياسة “حزب الله” لاستمالة السنة مبنية على الزرع الذي انتهجه طوال المرحلة الماضية، من إيصال نائبين اثنين، إلى تمدد “سرايا المقاومة” ضمن البيئة السنية، وما بينها الخدمات التي يقدمها، ما يسهل عليه اختيار المرشحين على لائحته، وصولاً إلى تمثيل أبناء العشائر التركمانية ذات الأصول التركية بمرشح، بعد أن وصلت المعلومات عن تبني اللائحة المعارضة لمرشح منها، وهي المرة الأولى منذ تاريخ الانتخابات البلدية.

على ضفة المعارضة التي تحاول منذ العام 2004 خرق محدلة “الثنائي” الشيعي وحلفائه، تعمل الشخصيات الشيعية على تشكيل نواة لائحة قادرة على خوض الغمار الانتخابي وتأمل في إحداث الخرق، بالتكافل والتضامن مع أبناء العائلات السنية البعلبكية التي باتت شبه منتهية من انتقاء الأسماء التي ستخوض المعركة بهم ضد “حزب الله” وحلفائه. حيث يشكل السُنة الرافعة الأساسية للائحة بعد أن عمد “الحزب” إلى تصويب المسار وتعميم فكرة استهداف الطائفة الشيعية، وضرورة الإلتفاف لضمان البقاء.

بدوره يبدو أن “تيار المستقبل” بات على قناعةٍ كاملة بالاعتكاف والخروج من السباق الانتخابي ترشحاً أو من خلال تشكيل لوائح في بعلبك الهرمل، تاركاً أمر تحالفاته لقرارات الرئيس سعد الحريري، والتي يسأل كثيرون عنها، وهل ستكون نتيجة تقديرات استراتيجية أم ضغوطات؟ وكيف سيؤثر غياب “المستقبل” على التوازنات المحلية؟ وهل سيعتبر غيابه إشارة لضعف وتراجع حضوره أم لضرورات انتخابية؟

وفي ضوء المعطيات، يبدو المشهد السني معلقاً بين غياب المرجعية وتعدد الضغوطات السياسية المحلية والخارجية، ومع انكفاء “المستقبل” ومحاولات استقطاب “حزب الله”، يجد الناخب السني نفسه أمام خيارات مشوشة، تبنى على حسابات ظرفية لا إنمائية. ويزيد في الموقف تعقيداً الخوف الحقيقي من العقوبات الدولية التي قد تطال لوائح “حزب الله” ومن بينها المرشحون السنة، وهو أمر بات يطرح جدياً، ما يدفع الكثيرين لإعادة التفكير جيداً بهكذا إجراءات إن اتخذت، وانعكاسها على التوازنات الطائفية في اللوائح.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى