تعدّدت أسباب هجرة اللبنانيين والنتيجة نقمة

كتبت ماريا موسى في “نداء الوطن“: م يهاجر اللبنانيون من وطنهم حباً بالغربة أو البعد عن عائلاتهم، إنما هرباً من الوضع المرير الذي ذاقوه في بلدهم بعدما يئسوا من فشل الدولة في تحقيق آمالهم وتطلّعاتهم المستقبلية. هاجروا لعدم إيجاد ملاذ آمن لهم. تردّي الأوضاع السياسية والاقتصادية أفرغ لبنان من الشباب ليجدوا في دول الغرب فرصتهم الذهبية للإبداع وللتأكيد أن طاقتهم الإنتاجية ستثمر وتزدهر في الخارج. وما يزيد من رغبة الشباب في الهجرة هو تدنّي مستوى المعيشة وارتفاع الأسعار مقارنة مع الرواتب المتدنّية تحديداً بعد الأزمة الاقتصادية عام 2019.

أسباب عديدة للهجرة اللبنانية يردّها الباحث والكاتب الاقتصادي الدكتور بطرس لبكي إلى “الهروب من مناطق الخطر إلى العيش بأمان، أو الانتقال إلى دول حيث حرية التعبير متاحة، أو سعياً لطلب العلم أو الحصول على جنسية أخرى”.

ويقول لبكي: “إن أكثر أنواع الهجرة والتي لها وقع سلبي على مستوى التنمية والاقتصاد، هي هجرة الأدمغة الشبابية، وذلك بعد تلقيهم عروضاً مغرية تفتح لهم الشهية للهجرة وتتيح لهم العمل من خلال كفاءاتهم المكتسبة كما تشجّعهم على إكمال بحثهم العلمي. لا يمكن لأحد أن ينكر أن الظروف الاقتصادية هي الدافع الأول لهجرة اللبنانيين، فمع بداية الأزمة المالية عام 2019، خسر لبنان نحو 600 ألف نسمة، أي حوالى 15% من عدد اللبنانيين المقيمين فيه، لترتفع الوتيرة مع تأزّم الوضع السياسي والأمني في البلد. كما أن الحرب بين “حزب اللّه” وإسرائيل دفعت بالعديد من اللبنانيين إلى الهجرة وترك البلد. ويحتلّ لبنان المرتبة السادسة بين الدول العربية من حيث عدد المغتربين في العالم. وبحسب آخر الإحصاءات، يتبيّن أن عدد المهاجرين اللبنانيين والمغتربين من أصل لبناني والمنتشرين في بلدان العالم، يتراوح عددهم ما بين 8 و 12 مليون نسمة، أي أضعاف عدد اللبنانيين المقيمين في لبنان. هناك في البرازيل، البلد الأول الذي تنشط فيه هجرة اللبنانيين، أكثر من 8.8 ملايين برازيلي من أصل لبناني بحسب الحكومتين البرازيلية واللبنانية. ثم تأتي كندا، تليها كلّ من ألمانيا وفرنسا، وأستراليا والولايات المتحدة الأميركية”.

وتابع لبكي: “إن هجرة الشباب أصبحت نقمة على البلد من الناحية الاقتصادية: أولاً، انخفض الإنتاج المحلي نتيجة السياسات الخاطئة للصناعة والزراعة والمتبعة من أشخاص ليسوا من ذوي الخبرات لتنخفض معه عائدات البلاد.

وثانياً، كثرت في السنوات الأخيرة الجامعات التعليمية في لبنان وخرّجت طلاباً عدة لم يجدوا عملاً لتصبح الجامعة أداة من أدوات التهجير اللبناني. وحوالى 15% من الجامعيين هم من المهاجرين ويعملون في الخارج”.

وخلص لبكي إلى القول: “لم تقتصر الهجرة فقط على السفر للخارج بطريقة شرعية، فالمهاجرون ليسوا سواء. فمنهم من اختار الهجرة بطريقة غير شرعية عبر قوارب الموت هارباً من البلد لعلّه يجد في الخارج ما لم يحصل عليه في وطنه. لكن في أغلب الأحيان يقوى البحر عليهم أو يهربون من خفر السواحل على أمل أن يصل بهم القارب إلى الضفة الأخرى وهم على قيد الحياة”.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى