أسبوع حاسم لتثبيت وقف النار جنوباً … اتصالات حكومية مستمرة وجرعة دعم سعودية
كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: بتنا قاب قوسين أو أدنى من تشكيل حكومة العهد الأولى، فالرئيس المكلف القاضي نوّاف سلام يعمل بمنهجية وبراغماتية، مُنطلقاً من عناوين خطاب التكليف، بمدّ اليد وعدم الإقصاء والحوار مع كل الأطراف. وحتى اليوم المشاورات تسير على قدم وساق، لكن ما من شيء محسوم حتى اللحظة، إذ أن رئيس الجمهورية الرئيس جوزاف عون وسلام يحاولان ضبط إيقاع توازنات الحكومة المقبلة للانطلاق في ورشة بناء وإصلاح بنيوي في الدولة والاستعداد لمواكبة متغيّرات مرحلة إقليمية ودولية جديدة.
إذن، البحث جار في مسودة التشكيلة الحكومية والتفاوض ما زال مستمراً بين سلام ومختلف القوى السياسية، حيث زار سلام قصر بعبدا مساء الثلاثاء ووضع الرئيس عون في أجواء عملية التأليف. سلام قال بعد إنهاء الاجتماع أن تأليف الحكومة يسير بخطى ثابتة بالطرق الدستورية، مؤكداً عزمه الاستماع إلى كل الأطراف “لكني ملتزم بعدم المحاصصة تمسكاً بالشراكة الوطنية”.
وأكد سلام أنه يتطلّع إلى تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، معرباً عن أن “الحكومة التي نريدها هي حكومة إصلاح ووفية لتطلعات اللبنانيات واللبنانيين ولن تأخذ أشهراً كما الحكومات السابقة”، على حد تعبيره.
هذا وسبق أن صرّح الرئيس عون أمس أنه “علينا ان نقابل إنتظار دول العالم لنا بإشارات إيجابية”، أملاً بـ “تأليف الحكومة بأسرع وقت كي نخلق استقراراً سياسياً واقتصادياً وأمنياً، فيتمكن المواطنون من أن يعيشوا بكرامة وليس فقط ببحبوحة”.
مصادر مطلعة أشارت عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية الى أن ما من شيء ثابت بالنسبة لتوزيع الحقائب في الحكومة حتى اللحظة، ولا شيء محسوم كذلك، لافتةً إلى أن توزيع الحقائب لا زال قيد البحث ليتولاها أصحاب الكفاءة. واعتبرت المصادر أنه قد تكون الأجواء إيجابية جداً مقارنة بمئات الأيام وعشرات التشكيلات الحكومية لتأليف الحكومات السابقة بعمليات قيصرية، لكن الآن جميع الظروف والمعطيات مختلفة في ظل المتغيرات والتطورات في الدول المحيطة والمنطقة، سيما أنها الفرصة الأخيرة أمام لبنان لالتقاط أنفاسه من جديد في محيطه العربي والاستفادة من اللحظة الدولية والدعم الدولي للنهوض من كبوته بعد توالي الأزمات.
تجاوب دولي
وإلى جانب تشكيل الحكومة، تفصلنا بضعة أيام عن انتهاء المدة المحددة للانسحاب الإسرائيلي في لبنان، بحيث أشار الرئيس عون إلى أنه لاقى تجاوب المجتمع الدولي “الذي يفترض ان يضغط لإرغام اسرائيل على الانسحاب من الاراضي التي تحتلها في الجنوب ضمن المهلة المحددة”، بوفق ما صرّح خلال استقباله رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور على رأس وفد.
كما أبلغ الرئيس عون وزيرة الدفاع الاسبانية ماغريتا روبلس خلال زياتها إلى قصر بعبدا أمس، ان “عدم التزام إسرائيل بالانسحاب يناقض التعهدات التي قدمت للبنان خلال المفاوضات التي سبقت التوصل للاتفاق، ويبقي الوضع متوتراً في القرى الحدودية ويحول دون تثبيت الاستقرار وعودة الأهالي إلى بلداتهم ويعيق عملية ورشة اعمار ما دمره العدو الإسرائيلي خلال عدوانه على لبنان”.
تفاؤل المملكة
توازياً، اعتبر وزير خارجية المملكة العربية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان أن “انتخاب رئيس للبنان بعد فراغ طويل أمر إيجابي للغاية ونحن بحاجة لرؤية إجراءات وإصلاحات حقيقية من أجل زيادة مشاركتنا”. وفي كلمة في منتدى دافوس أعلن أنه يعتزم زيارة لبنان في الأيام المقبلة”، مشيراً إلى أن “المحادثات التي تجري في لبنان حتى الآن تدعو للتفاؤل”.
وفي هذا الإطار، أشارت مصادر مراقبة عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية الى أن تصريح وزير خارجية المملكة مؤشر إيجابي جداً ومحوري في احتضان المملكة للبنان، بعيد الجهود الحثيثة التي بذلتها في المرحلة الماضية لإعادة الاستقرار إلى لبنان وانتظام عمل مؤسساته الدستورية، وكذلك عودته إلى الحضن العربي، خصوصاً أن لبنان في مرحلة انتقالية يحتاج فيها إلى دعم جدي لتثبيت ركائز تواكب الالتزامات الدولية التي سبق وقطعتها الحكومة اللبنانية في تطبيق القرار 1701 وتمكين الجيش اللبناني لتعزيز انتشاره في الجنوب، وإعادة الإعمار، والمضي قدماً بورشة الإصلاحات.
ومن جانب آخر، تعتبر المصادر أن مسار تشكيل الحكومة المرتقبة يشكل نموذجاً عملياً لمستقبل العمل السياسي والإصلاحي في لبنان، والذي سيبني عليه المجتمع الدولي. إلى ذلك، ثمة حقائب وزارية قد يضعها الخارج في مصاف الحقائب الحساسة من بينها وزارات المال والخارجية والدفاع والأشغال والداخلية، لارتباطها في تحقيق استحقاقات المرحلة القادمة الأمنية والاقتصادية وضبط الحدود والإصلاحات وإعادة الإعمار.
عدم الانسحاب والإحراج
إلى ذلك، يستمر العدو الإسرائيلي في خرق اتفاق وقف إطلاق النار، فالأيام الأخير الفاصلة تحمل في طياتها مؤشرات سياسية وعسكرية حول مستقبل الاتفاق. وفي حديث إلى جريدة “الأنباء” الإلكترونية، يتوقع الخبير العسكري والإستراتيجي العميد حسن جوني انسحاب جيش العدو الإسرائيلي ضمن المهلة المحددة في اتفاق وقف إطلاق النار، وإن كان في نهايتها، إذ لا ضرورة وفائدة عملانية توازي التداعيات السلبية لبقائه خارج إطار الستين يوماً.
ويعيد جوني ذلك إلى عدة أسباب، ففي الدرجة الأولى بقاء القوات الإسرائيلية سيعرضها للخطر ولعمليات المقاومة وقد لا تكون مقاومة حزب الله هذه المرة، وربما مقاومة أخرى غير متبناة من جهات محددة، معتبراً أن ذلك “سيشكل إحراجاً للولايات المتحدة الأميركية كونها الضامن للاتفاق، وكذلك إحراج العهد والدولة اللبنانية المدعومة من الولايات المتحدة، خصوصاً أن رئيس الجمهورية جوزاف عون أخذ على عاتقه في خطاب القسم أن الدولة هي التي تزيل الاحتلال”.
كذلك، يشير جوني إلى أن الضغط الدولي على إسرائيل بالانسحاب سيساعد العهد في انطلاقته لاسيما أن لا رغبة دولية في بقاء أي عامل يعيق انطلاقة العهد وذلك لاحتمالية تفجّر الوضع، ونسف إسرائيل الاتفاق إذا ما بقيت في الجنوب بعد الستين يوماً، لافتاً إلى أن “وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتنصيبه الآن يوحي بقرار أميركي حاسم بإعادة الاستقرار إلى المنطقة والذي بدأ يتبلور في اتفاق غزة وبالتالي سينعكس ذلك على لبنان”.
ربما تكون خطوة متقدمة من الجانب اللبناني بإنجاز تشكيل الحكومة، لتتابع حركة التواصل التنفيذية مع الخارج، الذي بدوره وعد وينتظر الدخان الأبيض أن يتصاعد من قصر بعبدا في الأيام القليلة القادمة.. فهل تكون هذه اللحظة قبيل زيارة وزير خارجية المملكة؟