بانتظار رفيق حريري ماروني للرئاسة؟

كتتب د.نبيل خليفة في نداء الوطن : كان من الملفت والمهمّ جداً تصريح السيد سليمان فرنجية أمام كوادر المردة (18/12/2024) حول معركة رئاسة الجمهوريّة. فهو لم يعلن انسحابه من المعركة كما كان الكثيرون ينتظرون ذلك، بل شدّد على المعايير التي ينبغي ان يتمتّع بها المرشح للرئاسة. «وإذا اتفقنا على اسم قدر المرحلة فأنا مستعدّ للتنازل من أجل أحد يعبئ هذا المركز المسيحي الأول .. نريد رجلاً بحجم رفيق الحريري مسيحي لرئاسة الجمهورية».

1- أول ما يلفت في هذه الشهادة للسيد سليمان فرنجية هو صراحته الكاملة وهي ميزة عرف بها آل فرنجية تاريخياً بقول الحقيقة مهما كانت صعبة. فالسيد فرنجية لم يكن سياسياً في خط رفيق الحريري. مع ذلك ها هو يعترف الآن أن شخصية رفيق الحريري ليست مجرّد شخصية سياسية عاديّة بل هو قيادة تاريخية نقلت أهل السّنة من موقع إلى آخر بالنسبة لنظرتهم إلى الكيانيّة اللبنانيّة، فلم يعد كيان لبنان كما استوعبه أهل السنّة من زمن رياض الصلح معطى للعقل فقط، بل جعله معطى للقلب والضمير معاً. لقد حقّقت تحوّلاً عاطفياً لدى السّنة إذ جعل «لبنان أولاً ولبنان النهائي ثانياً» جزءاً من مشاعر اللبنانيين وحرارة إيمانهم. لقد حقّق الإنجاز الأكبر على الجمع بين عاطفة العروبة وعاطفة اللبننة بما ولّد شعور العروبة الجديدة، أي العروبة الحضارية، عروبة الحرية – الليبرالية فوق أرض لبنان، أرض الحرية.

2- إن في كلام السيد فرنجية تركيزاً على عدم الشمولية. بمعنى أن المرشحين للرئاسة اللبنانية يتمتّعون بصفات في حقول معيّنة من الحياة الوطنية العامة:
-بعضهم معنيّ بأمور الأمن والناحية العسكرية.
-وبعضهم معنيّ بالصراعات السياسية والحزبية.
-وبعضهم لديه خلفيّة أكاديمية.
-وبعضهم ذوو خلفيات اقتصادية ومالية.

… بمعنى آخر ليس هناك من شخصيات أو أشخاص لديهم التنوّع الشمولي في القدرة على إدارة شؤون البلد على مختلف النواحي والقطاعات ومن ضمن المعايير العقليّة والنفسيّة والمالية.. وهي الصفات التي عرف بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري وجمعها في شخصه فكان رجلاً بحجم وطن وإن لم يقبل ان يكون أي انسان أكبر من وطنه! ولعلَّ أهم ما يذكر اللبنانيون في هذ المجال أن الحريري ساعد 35 ألف طالب لبناني في دراساتهم الجامعية في لبنان ودول العالم. هذا الأمر مهمّ جداً لأنه يؤكد رؤية الحريري للمستقبل، مستقبل لبنان والمنطقة انطلاقاً من القاعدة القائلة إن مجتمع الغد ينبغي أن يكون مجتمع المعرفة. ولكي يكون كذلك فإن التعليم الجامعي هو الذي يحدد مدى المعرفة في حياة المجتمعات البشرية.

3- هل هذا يعني أنه ليس لدى المسيحيين الموارنة قيادة تاريخيّة في هذه المرحلة شبيهة بقيادة الحريري كي يتم اختيارها لرئاسة الجمهورية اللبنانية؟ والجواب كلاّ. هناك دائماً لدى الموارنة رجال قادة من هذا الصنف ومن كافة الأصناف، ولكنهم قلّة أولاً، ولا يطرحون أنفسهم للمشاركة في الأمور العامة ثانياً. فتبقى الساحة للزعامات وليس للقيادات: والفارق كبير بين الجهتين. في لبنان أكثر ما يكون زعامات وليس قيادات. وهذا سبب أساسي للمشاكل التي عانى ويعاني لبنان منها قديماً وحديثاً. وعدم القدرة على التفريق بين هذين الخطيّن كان من مكوّنات المشكلة اللبنانية.

أجل نحن بحاجة إلى رئيس جمهورية ماروني للبنان يكون أشبه بما كان الرئيس الحريري بالنسبة للسنّة ولبنان. رجل ذكي وقائد تاريخي يستجمع في عقله وذهنه وقلبه كل قضايا أمته. والكلمة التي تختصر فلسفته في الحياة هي «النهضة» من أجل « المستقبل».
لذا كان كل شيء، ومؤسسة، مرتبطاً لديه «بالمستقبل». وكانت الكلمة الجامعة لكل أمّته هي العيش في حمى الحرية.
إن الرئيس الجديد للبنان مدعو لأن يكون خلاصة لتاريخ لبنان…! تاريخ الإبداع والحرية!

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى