تحذير أممي: النزاع السوري لم ينتهِ بعد

ما زالت دمشق “تحتضن” وفوداً غربية، خصوصاً أوروبّية، في وقت تستعيد فيه البلاد “نشاطها” السياسي والدبلوماسي بعد مرحلة “خمول” طويلة. لكن رغم الأجواء الإيجابية، كان معبّراً التحذير الذي أطلقه المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن في مجلس الأمن الدولي أمس من أن النزاع السوري لم ينتهِ بعد، معتبراً أن “التحرّك الملموس” من أجل انتقال سياسي شامل للجميع سيكون مفتاح ضمان حصول دمشق على الدعم الاقتصادي الذي تحتاجه.

كما دعا بيدرسن إلى دعم واسع لسوريا لرفع العقوبات والسماح بإعمارها، في وقت تفتح فيه الدول الغربية تدريجاً قنوات للتواصل مع السلطات الجديدة في دمشق بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني). ورفعت فرنسا علمها فوق سفارتها في دمشق أمس، للمرّة الأولى منذ 12 عاماً. وعقدت البعثة الفرنسية لقاءً مع ممثل انتدبته السلطات السورية، وأبلغته بأن فرنسا تتطلّع إلى تحقيق انتقال سياسي سلمي في سوريا، يتماشى مع مبادئ الثورة السورية.

وشدّدت البعثة على أهمّية أن تكون العملية السياسية شاملة، تمثّل جميع مكوّنات المجتمع السوري، وتحترم حقوق جميع السوريين، بما في ذلك حقوق النساء. كما دعت إلى ضمان حماية المدنيين، ولا سيّما الأقليات العرقية والدينية. كما أكدت أن فرنسا ستظلّ ملتزمة بضمان تحقيق المصالح الأمنية الجماعية، بما في ذلك الاستمرار في مكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية” والجماعات الإرهابية الأخرى، ومنع انتشار الأسلحة الكيماوية التي كانت بحوزة النظام المُنهار.

في السياق، أوضحت الخارجية الألمانية أن وفداً ألمانياً برئاسة مفوض البلاد للشرق الأوسط توبياس تونكل أجرى محادثات مع قائد الإدارة الجديدة لسوريا أحمد الشرع وممثل الشؤون الخارجية في الإدارة زيد العطار ووزير التعليم في الحكومة الانتقالية، مشيرة إلى أن الجانبَين ناقشا خلال الاجتماع التحوّل السياسي في سوريا وحقوق الإنسان والأقليات والمرأة. وذكرت أن الوفد تحدّث مع ممثلين عن المجتمع المدني ومنظمات دينية وتفقد مبنى السفارة الألمانية في دمشق.

وفي وقت سابق، ذكرت وكالة “سانا” أن الشرع دعا خلال اجتماعه مع المسؤولين البريطانيين، الدول، إلى استعادة العلاقات ورفع العقوبات عن سوريا لمساعدة اللاجئين على العودة إلى ديارهم، متحدّثاً عن “دور بريطانيا الهام دولياً وضرورة عودة العلاقات”.
أوروبّياً أيضاً، أعربت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني أمام البرلمان عن استعدادها للتحاور مع السلطة الجديدة في دمشق، داعية إلى توخّي أقصى درجات الحذر. وطالبت بضرورة “إقران الأقوال بالأفعال، ونحن سنحكم على السلطات السورية الجديدة بناء على أفعالها”، معتبرة أن “العنصر الحاسم سيكون الموقف إزاء الأقليات الإثنية والدينية”، وقالت “أفكّر خصوصاً في المسيحيين الذين سبق أن دفعوا ثمناً غالياً جدّاً وغالباً ما كانوا موضع اضطهاد”.

في الأثناء، ذكرت رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لاين ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن التكتل سيجري اتصالات مع القيادة السورية الجديدة وسيستأنف عمل بعثته هناك. وبعد اجتماع مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة، أكدت فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي وحلفاءه لا يُمكنهم السماح بعودة تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا. وشدّدت على أنّه “يجب احترام وحدة الأمة (السورية) وحماية الأقليات”، فيما رأى أردوغان أنه من الضروري تأسيس إدارة شاملة في سوريا، داعياً الاتحاد الأوروبي إلى دعم عودة السوريين.

توازياً، كشف رئيس الآلية الدولية المحايدة المستقلّة روبير بوتي أنه بعث برسالة إلى السلطات السورية للتعبير عن استعداده للتعامل معها والسفر إلى سوريا للحصول على أدلّة قد تدين كبار المسؤولين في نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، في حين أكد رئيس الحكومة الموَقتة محمد البشير أنه سيُعاد هيكلة وزارة الدفاع السورية بالاستعانة بالفصائل المسلّحة والضباط الذين انشقوا عن جيش الأسد.

وكان الشرع قد تعهّد خلال اجتماع مع عدد من أبناء الطائفة الدرزية بـ “حلّ الفصائل” وتهيئة المقاتلين للإنضواء تحت وزارة الدفاع، داعياً إلى “عقد اجتماعي” بين الدولة وكلّ الطوائف.

في الغضون، ذكرت الخارجية الأميركية أن اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) حول مدينة منبج في شمال سوريا، قد مُدّد حتى نهاية هذا الأسبوع، في وقت أبدت فيه “قسد” استعدادها “لتقديم مقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كوباني، مع إعادة توزيع القوات الأمنية تحت إشراف وتواجد أميركي”.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى