“معادلة رابح-رابح”… خفايا الزيارة العسكرية السعودية لإيران
مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واستمرار الحرب في غزة وامتدادها إلى لبنان وإيران، واصلت المملكة العربية السعودية توجيه إشارات قوية نحو تعزيز علاقتها مع طهران، مع زيارة نادرة لرئيس أركان الجيش السعودي إلى إيران مؤخراً.
وقد وصف محللون هذه الخطوة بأنها مؤشر على التقارب السعودي الإيراني في ظل عدم وضوح الرؤية الأميركية في المنطقة، خاصة بعد فترة ولاية ترامب الأولى التي شهدت تناقضات في سياسة واشنطن تجاه طهران.
وفي هذا السياق، دعا ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إسرائيل إلى “احترام سيادة إيران وتجنب مهاجمة أراضيها”، في تصريح له خلال افتتاح قمة عربية إسلامية في الرياض.
ورأى خبراء أن هذا الخطاب يعكس تغيراً في سياسة السعودية تجاه إيران، ويأتي في وقت حساس تزداد فيه التوترات في المنطقة.
وربطت المحللة السياسية الأميركية إيرينا تسوكرمان، هذا التقارب السعودي الإيراني بالغموض الذي يحيط بسياسة ترامب تجاه إيران، ففي حين مارست الولايات المتحدة أقصى ضغوط اقتصادية على طهران في عهد ترامب، بما في ذلك فرض عقوبات وتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، فإن واشنطن لم ترد على الهجمات التي استهدفت المنشآت النفطية السعودية من قبل جماعة الحوثي المدعومة من إيران.
وأشارت تسوكرمان إلى أن زيارة رئيس الأركان السعودي فيّاض بن حامد الرويلي إلى طهران ولقاءه بنظيره الإيراني محمد باقري، يعكسان تطورًا كبيرًا في العلاقات بين البلدين، وتعتبر هذه الزيارة بمثابة خطوة نحو التعاون العسكري والسياسي العميق بين السعودية وإيران، وهو ما كان مستحيلاً في 2016 عندما قطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران إثر الهجوم على سفارتها في طهران.
من جهته، رأى الباحث في الشؤون الإيرانية سعيد شاوردي أن السعودية وإيران أصبحا في “معادلة رابح – رابح”، مشيرًا إلى أن “العلاقات الثنائية قد تتحسن إذا نجح الطرفان في تجاوز الخلافات القديمة”.
على الرغم من التوترات التي مرّت بها العلاقات السعودية الإيرانية في العقود الأخيرة، يبدو أن الطرفين يسعيان الآن إلى بناء علاقات أكثر هدوءًا ومرونة، بعيدًا عن الصراعات. وفقًا للمستشار السابق في وزارة الخارجية السعودية، سالم اليامي، فإن هناك تحولًا استراتيجيًا نحو المستقبل، يتمثل في تطبيع العلاقات في جميع المجالات، من السياسية إلى الاقتصادية والعسكرية.
لكن في الوقت نفسه، أشار تقرير لوكالة رويترز إلى أن القلق الرئيسي بالنسبة لإيران يكمن في احتمال تعزيز الضغوط الأميركية، وخاصة من قبل ترامب، الذي قد يحاول الضغط على طهران لتقديم تنازلات في الاتفاق النووي، أو تنفيذ ضربات ضد المواقع النووية الإيرانية بالتعاون مع إسرائيل.
وفي هذا السياق، تسعى إيران إلى تعزيز مكانتها الإقليمية عبر لعب “ورقة الحوثيين” لاستمرار السيطرة على الوضع في اليمن، ما يضمن استمرار نفوذها في المنطقة، بينما تراقب عن كثب التطورات في العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة.