خمس ملاحظات عن اغتيال نصرالله وما بعده

كتب داني حداد في موقع mtv:
ليس ٢٧ ايلول من الأيّام العابرة في تاريخ اللبنانيّين. استشهاد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، بما يمتلك من تأثيرٍ ورمزيّة، يجعلنا نسأل، بعد الوقوفِ طويلاً أمام هَوْلِ ما حدث، لبنان الى أين؟
وهل لبنان الذي كان ساحةً لمساندةِ الآخرين سيبقى وحدَهُ في ساحةِ المواجهة مع عدوٍّ زرع غضبَه على جزءٍ كبيرٍ من الجغرافيا اللبنانيّة التي تحوّلت رُكاماً؟
وبعد، تكثُرُ الأسئلة: هل اقتربت الحربُ من نهايتها أم هي ستُفتح أكثر على خياراتٍ أخرى منها الاجتياح البرّي الذي تهدّد به إسرائيل؟
وماذا تخبّئ إسرائيل بعد من مفاجآت؟ ومن استشهد مع السيّد نصرالله ومن سيستشهد بعد؟

ولكن، قبل أن يحين موعد الإجابات على الأسئلة الكبيرة، يجدر بنا التوقّف عند بعض الملاحظات التي سبقت أو تبِعت الحدث الكبير.
الملاحظة الأولى هي أنّ حزب الله يعتمد على تمويلٍ كبيرٍ مصدره الأساس إيران، ومن الطبيعي أن تكون الأموال الكافية لتمويل الحزب طيلة أشهر، وهي تُقدّر بمئات ملايين الدولارات، موجودة في المربّع الأمني الذي استُهدف ودُمّر أثناء اجتماعٍ قياديٍّ بحضور نصرالله. خسر الحزب ما يملك من أموالٍ نقديّة، ولكنّ الأهمّ أنّ الحصار الذي فرضه العدو الإسرائيلي، برّاً وبحراً وجوّاً، قد يمنع الإمدادات الماليّة عن الحزب في هذه المرحلة الدقيقة.

الملاحظة الثانية هي غياب أيّ موقفٍ صادر عن الرئاسة السوريّة تعليقاً على اغتيال نصرالله أو نعياً له. فسوريا، الغائبة عن مشهد ما بعد ٧ تشرين الأول، غابت أيضاً عن التعليق على استشهاد من وضع حزبه بتصرّفها، بطلبٍ إيرانيّ طبعاً، واكتفت ببيانٍ خجولٍ صدر عن مجلس الشعب، في حين لم يعلّق الرئيس بشار الأسد على الحادث.
الملاحظة الثالثة عدم إعلان حزب الله عن أسماء الذين سقطوا في استهداف مقرّه المركزي في الضاحية الجنوبيّة، وقد يكون من بينهم نوّاب وقياديّون سياسيّون تواجدوا في المكان أو يقيمون هناك، ومصير هؤلاء مجهول حتى الساعة.
الملاحظة الرابعة عدم الإعلان، حتى الساعة، عن موعد تشييع السيّد نصرالله، علماً أنّ الأوضاع الأمنيّة قد تحول دون ذلك.

أمّا الملاحظة الخامسة والأخيرة، فهي التأخير في تحديد هويّة الخلف، والأمر عائد الى استحالة اجتماع مجلس الشورى المخوّل، وفق نظام “الحزب”، أن يحدّد الإسم. علماً أنّ اختيار نصرالله خلفاً للأمين العام السابق الشيخ عباس الموسوي حصل قبل تشييع الأخير الذي اغتالته إسرائيل في ١٦ شباط ١٩٩٢.
ويُعتبر مجلس الشورى السلطة الأعلى في الحزب ويتألّف من سبعة أشخاص هم أمينه العام، ونائبه الشيخ نعيم قاسم، ورئيس المجلس السياسي ابراهيم أمين السيّد، رئيس المجلس القضائي محمد يزبك، رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين، المساعد السياسي للأمين العام حسين الخليل، رئيس المجلس البرلماني محمد رعد. ولم يُعرف بعد إن كان أحد هؤلاء اغتيل أيضاً في استهداف الضاحية الجنوبيّة.
وتجدر الإشارة هنا الى أنّ اختيار الأمين العام الجديد سيعرّضه أيضاً لاستهدافٍ إسرائيلي، مع التوقّف مليّاً عند القرار الإسرائيلي بعدم استهداف نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم حين وقف خطيباً في الضاحية الجنوبيّة في مراسم تشييع القيادي ابراهيم عقيل.
باختصار، نحن أمام حدثٍ انقلابيّ في المشهد الداخليّ، وحتى الإقليمي، يشبه الى حدٍّ بعيد حدث اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تبعه من تطوّرات. ما بعد استشهاد نصرالله لن يكون أبداً كما قبله. ما بعد الاستشهاد الهدف الأميركي – الإسرائيلي هو: القضاء على حزب الله، وقد لا تنتهي هذه الحرب قبل تحقيق ذلك.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى