تأثير إنسحاب بايدن على إتفاق “الصفقة”
في قرار كان متوقعا انسحب الرئيس الأميركي جو بايدن، مساء أمس الأحد، من سباق انتخابات 2024 للرئاسة الأميركية، منهياً محاولات إعادة انتخابه بعد مناظرة مع الرئيس السابق دونالد ترمب، التي أثارت شكوكاً حول أهليته للمنصب قبل أربعة أشهر فقط من الانتخابات.
ويأتي القرار بعد تصاعد الضغوط من حلفاء بايدن الديمقراطيين للتنحي بعد مناظرة 27 حزيران، والتي تراجع فيها الرئيس البالغ من العمر 81 عامًا، وغالبًا ما أعطى إجابات لا معنى لها.
لكن ما تداعيات هذا القرار على مستقبل الإنتخابات الأميركية وعلى اتفاق الهدنة الذي يجري التفاوض حوله منذ شهور لإنهاء الحرب في غزة؟
يقول اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” إنه من المقرر أن يجتمع الرئيس بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارة الأخير لواشنطن خلال ساعات، والتي يتبعه بإلقاء خطابه المرتقب أمام الكونغرس بمجلسيه بعد غد، وهو ما يعني أن بايدن سوف يكون حريصاً على أن يواصل سياساته من أجل دعم الحزب الديمقراطي، وكذا دعم مرشحه القادم للانتخابات الرئاسية.
ويضيف أن بادين سوف يسعى إلى أن يحصل من نتنياهو على موقف واضح بشأن موافقته على التوصل إلى هدنة فى قطاع غزة، وهو ما يمكن أن يضيف بعض الإيجابيات النسبية، و”في رأيي ستكون محدودة لموقف الحزب الديمقراطي الذي تأثر كثيراً نتيجة الانحياز الأميركي الواضح لإسرائيل خلال الحرب على غزة، وعدم قدرة واشنطن على الضغط عليها لوقف حرب الإبادة التي تعدت كافة الحدود الإنسانية”.
وفى هذا الإطار، كما يقول الخبير المصري “من المهم أن نشير إلى موافقة نتنياهو خلال اجتماعه مع فريق التفاوض وكبار القيادات الأمنية أمس على إرسال الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة يوم 25 الجاري أي بعد أن تكون زيارته لواشنطن قد انتهت”، بهدف استئناف المفاوضات من أجل التوصل إلى الهدنة وهو ما يعني أن أي موقف نهائي حول الهدنة يجب أن ينتظر لحين عودة نتنياهو من واشنطن، وتقييمه لنتائج الزيارة ومدى تماشي الهدنة المتوقعة مع توجهاته، وتحديداً ألا تؤدى إلى انهيار الائتلاف الحاكم وهي كلها أمور لن يحسمها سوى نتنياهو نفسه.
ويتابع الخبير المصري ويقول إنه لاشك أن العلاقات بين نتنياهو والرئيس بايدن شابها الكثير من التوتر، رغم كل الدعم الأميركي المقدم إلى إسرائيل في عهده عسكرياً وسياسياً، وفى تقديرنا أن نتنياهو لن يكون حريصاً مطلقاً على التجاوب مع أية مطالب أميركية بشأن التوصل إلى هدنة لا تتمشى مع مواقفه، وخاصة التمسك بعدم وقف الحرب تماماً إلا بعد تحقيق إسرائيل كافة أهدافها طبقاً لما تراه ملائماً.
ويوضح اللواء الدويري أن العلاقات بين نتنياهو والمرشح الجمهوري دونالد ترمب كانت إيجابية للغاية عندما تولى الأخير رئاسة الولايات المتحدة خلال الفترة من 2016 وحتى 2020، وبالتالي يراهن نتنياهو على عودة ترمب للبيت الأبيض لاستعادة الزخم القوي للعلاقات الثنائية، ويدعم ذلك أن الشخص الذي رشحه ترمب – وهو جي دي فانس مواليد 1984- لشغل منصب نائب الرئيس يعد من أكبر المؤيدين لإسرائيل.
وحول مستقبل الانتخابات الأميركية بعد تنحي بايدن، يقول اللواء الدويري إن قرار التنحي ارتبط بالضغوط المتعددة التي مارستها العديد من القيادات الكبيرة للحزب، من بينهم الرئيس الأسبق باراك أوباما والرئيس السابق لمجلس النواب نانسي بيلوسي، بالإضافة إلى العشرات من الأعضاء المرموقين، وهو الأمر الذي دفع بايدن إلى اتخاذ القرار – الذي كان منتظراً – لصالح الحزب ونزولاً على رغبة قياداته.
ويضيف بأن هذه الضغوط جاءت في ضوء قناعات قيادات الحزب الديمقراطي بأنه في حالة ترشح الرئيس بايدن لفترة ثانية للرئاسة فإن فرص نجاح المرشح الجمهوري المنافس -وهو الرئيس السابق دونالد ترمب مواليد 1946- سوف تتزايد في ضوء مجموعة من العوامل أهمها التذبذب الواضح للحالة الصحية للرئيس بايدن -مواليد 1942- وأدائه السيئ خلال المناظرة السابقة أمام ترمب والتي تمت يوم 27 حزيران الماضي، بالإضافة إلى التزايد التدريجي لشعبية ترمب عقب نجاته من محاولة الاغتيال مؤخراً.
وأوضح أنه من المتوقع أن يجتمع الحزب الديمقراطي خلال الفترة القادمة لاختيار مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية، حيث تشير المعطيات إلى أن نائبة الرئيس بايدن كامالا هاريس -مواليد 1964- سوف تكون مرشح الحزب.
وأشار إلى أن ما يدعم ذلك هو إعلان “بايدن” نفسه تأييد ترشحها، وكذا الخبرات التي اكتسبتها وهى تشغل هذا المنصب، كما أن عامل الوقت أصبح شديد الأهمية بالنسبة لعدم إمكانية ترشيح شخصية أخرى خلافاً لـ “هاريس”، مع الأخذ في الاعتبار أن “بايدن” سوف يستمر في ممارسة مهام منصبه المعتادة كرئيس للولايات المتحدة حتى تنصيب رئيس جديد فى كانون الثاني 2025 .
وتابع الخبير المصري قائلا: “لا شك أن انسحاب بايدن من سباق الرئاسة سوف يمنح فرصة أكبر للرئيس السابق ترمب العودة إلى البيت الأبيض خاصة إذا استمرت حالة الزخم الحالية في الحزب الجمهوري على مستوى قياداته ومؤيديه، إلا أن إسراع الحزب الديمقراطي بتسمية مرشحه للانتخابات الرئاسية، وغالباً ما ستكون هاريس، سوف تمنح الحزب القدرة على سرعة التحرك الذي لم يبدأ حتى الآن رغم أن ترمب أطلق منذ عدة أيام حملته الانتخابية وبدأ يتجول في بعض الولايات الهامة مع تزايد تأييده في استطلاعات الرأي”.
ويوضح الخبير المصري أنه “من المؤكد أن انسحاب بايدن من السباق الرئاسي سوف تكون له تأثيرات مختلفة على السياسات الأميركية إزاء العديد من القضايا على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة وأن العالم سوف يتهيأ للتعامل مع إدارة جمهورية برئاسة دونالد ترمب الذي يمتلك سياسات واضحة تتعارض مع سياسات الإدارة الديمقراطية وخاصة أن إدارة بايدن يراها الكثيرون أنها لم تكن على المستوى المطلوب”.