بالصور – الأكبر في لبنان والمشرق.. مغارة في المتن لم تكشف بعد كل أسرارها تُنافس جعيتا
على الرغم من تصاعد حدة التوترات الميدانية جنوبا، طغى في الأيام الماضية انجاز “استكشافي” بامتياز تمثل بإعلان “الجمعية اللبنانية لدراسة المغاور” Ales هوة قطين ـ عازار في عينطورة – المتن أطول امتداد جوفي في لبنان ودول المشرق، في احتفال أقيم في المركز الثقافي الفرنسي ـ طريق الشام.
وقد استغرقت عملية الاستكشاف هذه أكثر من 26 عاما وقادها أعضاء من الجمعية، وتُعد هوة قطين ـ عازار ثاني أعمق هوة في لبنان بعد هوة “فوار داره” وتمثل أكبر امتداد جوفي في لبنان والمنطقة، حيث يبلغ عمقها 507 أمتار وتمتد على مساحة 11867 مترًا من الدهاليز، الممرات، الآبار والروافد النهرية، مما يجعلها عنصرًا مهمًا في التنمية المُستدامة.
وللوقوف على أهمية هذا الاستكشاف إلتقى “لبنان 24” عضو الهيئة الإدارية في الجمعية اللبنانية لدراسة المغاور عصام هاشم الذي زودنا بمعلومات قيّمة حول مغارة قطين ـ عازار وعما إذا كان من المتوقع ان تُنافس مغارة جعيتا التي تُعتبر تحفة طبيعية ولؤلؤة السياحة في لبنان.
تمتد على مساحة 11867 مترًا
يُشير هاشم إلى ان “هذا الاكتشاف وضع منطقة عينطورة المتن على خارطة القرى المُستدامة بفضل خزان المياه الضخم الموجود في قعرها”، مُضيفا ان “أعضاء “الجمعية اللبنانية لدراسة المغاور” عملوا جاهدين اعتبارا من العام 1996 وحتى عام 2021 على استكشاف 9517 متراً من الآبار، والدهاليز والممرات الواسعة داخل هذه الهوة.”
وتابع: “خلال عام 2022 أضافت بعثة لبنانية فرنسية مشتركة، ما بين الجمعية اللبنانية لدراسة المغاور وفريق
Continent 8 عُرفت بإسم Qattîne Azar Expédition Comaty 2022 ، ما يُقارب 2350 مترا جديداً لإمتداد هوة قطين عازار.
وأضاف انه “على الرغم من الظروف الاقتصادية والاجتماعية والصحية الصعبة التي يُعاني منها لبنان منذ عدة سنوات، قررت الجمعية خلال عام 2022 استئناف الأعمال في أقاصي هوة قطين ـ عازار وتنظيم رحلة استكشافية تضم ما تبقى من اعضائها في لبنان. وشاءت الظروف خلال المؤتمر العالمي للاستغوار الذي عُقد في جامعة سافوا – شانبري، فرنسا، في تموز 2022 ، وبعد العرض الذي قدمه ممثل الجمعية اللبنانية لدراسة المغاور عن هوة قطين عازار سيباستيان عقل، ان تواصل معه مسؤول من فريق الإستغوار الفرنسي Continent 8 وأعلن رغبة فريقه المشاركة في الرحلة الاستكشافية ما دفع بمستغوري الجمعية اللبنانية لدراسة المغاور إلى تكثيف تدريباتهم استعداداً لإتمام هذه المهمة بأعلى جهوزية لما تتطلبه من مهارات، ولأهمية الحدث على صعيد وطني، كما انضم مغتربو الجمعية للفريق لخوض غمار هذه الرحلة”.
وقال هاشم: “تواصلت الرحلات الإستكشافية المشتركة ما بين ALES و Continent 8 في الفترة الممتدة ما بين 18 و 28 آب 2022 ، حيث أضافت 2350 متراً جديداً من الممرات إلى مساحة قطين عازار المعروفة في العام 2021 ، ولضمان نجاح هذه البعثة، استخدمت اطنان من الحبال وكمية كبيرة من المعدات الخاصة بالاستغوار.
وأشار إلى ان “المستغورين وثقوا جميع تفاصيل المغارة المكتشفة حتى يومنا هذا في النشرة العلمية للجمعية Spéléorient وتضمن هذا الاصدار كل المعلومات
الوصفية والعلمية المتعلقة بهوة قطين عازار بالإضافة الى المغاور الـ 5 المحيطة بها وقد تم تمويل هذه النشرة من قبل مؤسسة فيليب جبر”.
ولفت إلى ان “المستغورين أمضوا أيامًا متتالية في باطن الأرض، على عمق مئات الأمتار، وفي ظروف بيئية صعبة وأجواء باردة وأماكن يغمرها الوحل والماء، وخلال هذه الفترة، تشعبت الأدوار وعمل فريق من الجمعية اللبنانية لدراسة المغاور على تسهيل مهمة المستغورين الموجودين داخل الهوة عبر تأمين مستلزمات العمل الإستغواري الطويل من معدات، وطعام وماء ونقلها الى أسفل الهوة”.
من جهةٍ اخرى، أمّن فريق لوجستي من الجمعية اللبنانية لدراسة المغاور التواصل الدائم وعلى مدار الساعة مع المستغورين داخل الهوة عبر الإنترفون بهدف تأمين كل ما يلزم اثناء تواجد المستغورين داخل الهوة، وما قد يحتاجونه بعد خروجهم منها.
ثروة مائية بداخلها
من جهة أخرى، أكد هاشم ان “جهود أعضاء الجمعية اللبنانية لدراسة المغاور المدربين على أعلى المستويات، ساهم في تحقيق هذا الإنجاز الضخم”، مُشيرا إلى ان “الجمعية تعاونت بعد اكتشافها للنهر الجوفي في 24 آب 1996 مع المكتب الاستشاري للتنمية BTD ، ووزارة المياه والطاقة ومجلس الإنماء والإعمار لدراسة امكانية استخدام المياه الموجودة داخل الهوة، وفي 12 و 13 تشرين الأول 1996 تمّ تلوين مياه النبع الجوفي لقطين عازار بمشروع مشترك بين ALESوالنادي اللبناني للتنقيب في المغاور SCL نظرًا لضخامة كمية المياه، وعليه تم تنفيذ مشروع استخراج 6 آلاف متر مكعب من المياه يوميًا، ليساهم في الاستهلاك اليومي لـ 27 بلدة من بلدات المتن الأعلى التي كانت تعاني من نقص في المياه العذبة، ومنذ ذلك الوقت، أُجريت عدة دراسات علمية مع خبراء محليين وعالميين.”
هل يُمكن ان تنافس مغارة جعيتا؟
يوضح هاشم ان “هوة قطين ـ عازار” هي مغارة عمودية وفيها الكثير من الدهاليز الممرات والآبار والروافد النهرية ولا يُمكن الولوج إليها الا عبر استعمال الحبال والمعدات الخاصة بالاستغوار العمودي. ويؤكد هاشم ان “المغارة تحتاج لدراسات معمقة لبحث إمكانية استثمارها للسياحة وفي الوقت الراهن لقطين عازار قيمة جيولوجية وهيدرولوجية أكثر من سياحية”، لافتاً إلى انه “في مرحلة لاحقة سوف تستكمل البعثات الاستكشافية داخلها ويُمكن القيام بالدراسات اللازمة للاستفادة منها من خلال إقامة المشاريع السياحية في قسم منها”.
إذا مع اكتشاف هوة قطين ـ عازار في منطقة المتن يتأكد لنا ان لبنان بجغرافيته هو معلم طبيعي بامتياز، يتميز بالعديد من المغاور التي لم يتم بعد استكشافها تحتوي على الكثير من الأسرار والثروات المائية والكنوز الجيولوجية.