“هل بدأ النهوض من القاع”… تقرير جديد لبنك عوده
صدر التقرير الاقتصادي الفصلي الجديد لبنك عوده بعنوان “هل بدأ النهوض من القاع، مع احتمال انعطافة اقتصادية؟”.
وجاء فيه: “أنّ العام 2023، والذي تأثر سلباً بالحرب الإسرائيلية خلال الفصل الأخير، هو عام منعدم النمو، رغم أنّ الاقتصاد كان قد بدأ بالتحسن قبيل الحرب. إن القطاع السياحي، والذي شكّل محرك النمو خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، تلقى نكسة منذ تشرين الأول في ظل التداعيات السلبية للحرب على توافد السياح والمغتربين اللبنانيين إلى أرض الوطن. إذ يقدّر عدد الوافدين أن يكون قد تقلص بنسبة 18% في الفصل الأخير من العام 2023 بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق”.
وأردف التقرير “جاءت مؤشرات القطاع الحقيقي متفاوتة خلال العام 2023، كانعكاس لأداء الاقتصاد عموماً. من بين مؤشرات القطاع الحقيقي التي سجّلت نمواً إيجابياً في العام 2023، يذكر التقرير عدد السياح (+17.1%) في الأشهر الإحدى عشر الأولى من العام، وعدد المسافرين عبر مطار بيروت (+12.1%) في كامل العام 2023، وتسليمات الإسمنت (+10.7%) في الأشهر الستة الأولى من العام، وحجم البضائع في مرفأ بيروت (+6.5%) في الأشهر العشرة الأولى من العام”.
ومن بين المؤشرات التي سجّلت انكماشاً في العام 2023، ذكر التقرير “الشيكات المتقاصة (-66.3%) في الأشهر الإحدى عشر الأولى من العام 2023، وتراخيص البناء (-40.8%) في كامل العام 2023، والصادرات (-24.0%) في الأشهر السبعة الأولى من العام، وإنتاج الكهرباء (-13.9%) في الأشهر الستة الأولى من العام، والواردات (-9.3%) في الأشهر السبعة الأولى من العام”.
وأضاف، “باختصار، كان العام 2023 هو عام التقلّب في الأداء. فقد شهد الفصل الأول من العام تدهوراً حاداً في العملة الوطنية، إذ وصل سعر صرف الليرة مقابل الدولار إلى مستوى غير مسبوق هو 145000 في آذار بعد أن كان قد استهل العام بـ43000، وقد ترافق ذلك مع تداعيات سلبية كبيرة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان عموماً”.
وتابع، “أما الفصل الثاني من العام فقد سجّل تحسناً نسبياً في أوضاع القطاع الحقيقي في ظل الاستقرار النقدي واستقرار العملة، إذ ظل سعر الصرف يتحرك في محيط 90000. أما الفصل الثالث من العام فقد اتسم بنهوض ماكرو-اقتصادي نسبي نتيجة الأداء الإيجابي اللافت للقطاع السياحي وفي ظل الاستقرار المستمر في سعر الصرف. في ما يخص الفصل الرابع من العام، فقد جاء في خضم المستجدات الأمنية على الحدود اللبنانية الجنوبية إثر اندلاع الصراع بين إسرائيل وحماس في 7 تشرين الأول، بحيث تبدّدت نسبياً في الخريف معظم المكاسب الاقتصادية التي حققتها مختلف القطاعات خلال فصل الصيف، مع العلم أنّ تداعيات الحرب لم تزعزع استقرار الليرة اللبنانية حتى الآن”.
ولفت الى أنه “عليه، من المرجح أن يكون العام 2023 قد سجّل بشكل عام جموداً في الاقتصاد الحقيقي، حيث من المتوقع أن يكون النمو قد ناهز الصفر، في حين أن النمو الاقتصادي كان إيجابياً بعض الشيء حتى نهاية شهر أيلول. إن أبرز القطاعات التي تأثرت خلال الفصل الأخير من العام هو القطاع الثالث، أي قطاع التجارة الخدمات، ولا سيما الفنادق والمطاعم، وتأجير السيارات، وقطاع المناسبات والمؤتمرات، إلخ”.
وقال: “اما بالنسبة للتوقعات للعام 2024 فهي تتمحور حول ثلاث سيناريوهات وفق بنك عوده: السيناريو الإيجابي الذي نسبة احتمال تحققه تقارب 25% والسيناريو السلبي مع احتمال تحقق بنسبة 25% ايضاً والسيناريو الوسطي مع احتمال تحقق بنسبة 50%”.
وأردف، “يعتمد السيناريو الإيجابي على نهاية للحرب المستجدة، انتخاب رئيس جمهورية قريباً، تشكيل حكومة فاعلة وكفوءة، إطلاق عجلة الإصلاحات، التوصل الى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي والحصول على مساعدات خارجية. في حال تحقق مجمل هذه الفرضيات نتوقع ان تتخطى نسبة النمو القعلي ال7%، ينخفض معدل التضخم، يستقر سعر الصرف، تعزز احتياطيات مصرف لبنان ويسجل فائض في ميزان المدفوعات بمقدار 5 مليار دولار”.
وأشار الى أنه “اما السيناريو السلبي فيتمحور حول توسع لدائرة الصراع على الأراضي اللبنانية، غياب الانتخابات الرئاسية وبالتالي غياب تشكيل الحكومة وغياب الإصلاح الاقتصادي وعدم الاتفاق مع صندوق النقد، ما يؤدي الى نسبة نمو سلبية في الناتج المحلي الإجمالي تقارب -20% وارتفاع نسبة التضخم الى 400% وانخفاض احتياطيات مصرف لبنان وتسجيل عجز في ميزان المدفوعات قدره ما لا يقل عن 5 مليار دولار”.
وتابع، “يبقى ان السيناريو الوسطي يفترض بقاء الصراع في الجنوب محصوراً مع المحافظة على قواعد الاشتباك انما دون انفراجات سياسية داخلية تؤدي الى الإصلاحات الاقتصادية. في ظل هذا السيناريو الوسطي قد تناهز نسبة النمو الصفر بالمئة ومعدل التضخم يقارب 100% مع انخفاض طفيف في احتياطيات مصرف لبنان وشبه توازن في ميزان المدفوعات”.
وختم: “هذا ونظراً الى المفارقة الكبيرة بين السيناريوهات الثلاث يأمل تقرير بنك عوده ان يستقر الوضع جنوباً ويترفع السياسيين اللبنانيين عن مصالحهم الآنية ويحدوا من التجاذبات فيما بينهم ويعززون الأرضية المشتركة ويسلكون طريق التسوية والإصلاح”.