إسرائيل تدفع أكثر من مليون فلسطيني إلى منطقة واحدة بغزة!
يواجه سكان غزة خيارات صعبة، حيث كانوا يعيشون في قطاع مكتظ قبل الحرب، والآن تسببت المعارك في دفع نحو نصفهم بالاتجاه نحو الجنوب.ويقول تقرير لصحيفة واشنطن بوست، إن العديد من مناطق القطاع لم تنجو من القصف الإسرائيلي، وأوامر الإخلاء الإسرائيلية “العشوائية والمربكة” كانت تدفع بالنازحين وتطلب منهم الإخلاء إلى مناطق “آمنة”.
ومنذ اندلاع الحرب إثر الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس المدرجة على قوائم الإرهاب على إسرائيل بـ 7 أكتوبر، حثت إسرائيل في 13 من أكتوبر سكان شمال غزة حوالي 1.1 مليون من إجمالي عدد السكان البالغ 2.4 مليون نسمة على النزوح إلى جنوب القطاع، محذرة من أنها ستضرب مناطق مختلفة لتدمير مراكز عمليات حماس، وفق تقرير لوكالة فرانس برس. وتحذر منظمات غير حكومية ووكالات الأمم المتحدة من أن المساعدات المتدفقة عبر معبري كرم أبو سالم ورفح غير كافية إلى حد كبير.
وفي أوائل كانون الأوّل نشر الجيش الإسرائيلي خريطة على الإنترنت تقسم القطاع الذي تبلغ مساحته 141 ميلا مربعا إلى مجموعة من المناطق لتسهيل أوامر الإخلاء، مشيرة إلى أنه مع محدودية الإنترنت والكهرباء لا يستطيع العديد من المدنيين من الوصول إليها.وتشير الصحيفة إلى أنه في الثاني من كاون الأوّل وجهت إسرائيل المدنيين في جنوب شرق غزة بالتحرك جنوبا نحو رفح.وفي اليوم التالي، طلب من المدنيين في خان يونس ثاني أكبر مدينة في غزة الإخلاء، بعدما لجأ إليها عشرات الآلاف ممن فروا من الشمال.
ومنذ بداية الحرب وحتى الآن أجبر ما يقارب من 1.9 مليون شخص أكثر من 85 في المئة من سكان غزة، على ترك منازلهم، وهو أكبر نزوح منذ الإعلان عن نشأة دولة إسرائيل في 1948. وتؤكد إسرائيل إنها “تسعى باستمرار إلى تقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين الفلسطينيين”، مشيرة إلى أن “نظام إعلان الإخلاء يعتمد على رسائل نصية ومكالمات هاتفية ومنشورات يتم إسقاطها جوا، ناهيك عن غارات تحذيرية”.وقتل نحو 20 ألف شخص في غزة، بحسب وزارة الصحة القطاع، وكانت حماس قد قتلت 1200 شخصا في هجومها في السابع من تشرين الأوّل، واختطفت 250 شخصا. واعتاد الجيش الإسرائيلي على أن يطلق على المناطق التي يفترض أنها خالية من القصف اسم “المناطق الآمنة”. ويواجه نصف مليون شخص، أي قرابة ربع السكان، خطر الجوع بحسب تقرير صادر عن برنامج أممي يرصد مستويات الجوع في العالم.
وفي الأسابيع الستة المقبلة، قد يجد جميع سكان القطاع أنفسهم في الوضع نفسه.بالإضافة إلى ذلك، فإن تسعة فقط من مستشفيات غزة البالغ عددها 36 لا تزال تعمل جزئيا، وفق منظمة الصحة العالمية.وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس الجمعة عبر منصة إكس “الجوع موجود، والمجاعة تقترب في غزة. السكان يتضورون جوعا ويبيعون أغراضهم مقابل الغذاء”.وأضاف “الآباء يحرمون أنفسهم حتى يتمكن أطفالهم من تناول الطعام، وهو أمر كارثي على الحالة الصحية للسكان في جميع أنحاء قطاع غزة”.ورغم أن مدينة رفح التي تشكل 17 في المئة من مساحة غزة ويسكنها 280 ألف نسمة، إلا أنها أصحبت مركزا للنزوح، وزادت فيها الكثافة السكانية أربعة أضعاف مع تدفق أكثر من مليون شخص، أي حوالي نصف سكان غزة بحسب تقديرات الأمم المتحدة.وقال رئيس لجنة الإنقاذ الدولية، أرفيند داس إن “التهجير القسري دفع المدنيين إلى ملاجئ مكتظة بشكل خطير”.
وقالت مديرة الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين “أونروا”، جولييت توما “بالنسبة للطعام والماء، يتقاسم أربعة أشخاص ما يحصل عليه شخص واحد عادة في الملاجئ التي تديرها الأمم المتحدة”.وقال المتحدث باسم الأونروا، عدنان أبو حسنة، إن بعض الملاجئ يتشارك ألف شخص في دورة مياه واحدة، حيث يبقى طابور الإنتظار ساعات، أما بالنسبة للحصول على استحمام فيتشارك بالمكان أكثر من 5 آلاف شخص، وعليك الانتظار لأيام قبل وصول الدور.ونشر الجيش الإسرائيلي في اليوم السابع والسبعين من حربه ضد حماس في قطاع غزة، منشورات تأمر سكان مخيم البريج للاجئين وأحياء عدة مجاورة بـ”المغادرة فورا حفاظا على سلامتهم” باتجاه دير البلح.وجاء في الأمر “من أجل سلامتكم عليكم الانتقال بشكل فوري إلى المآوي في دير البلح” وسط القطاع.
يحذر مسؤولون أمميون من إمكان طرد سكان قطاع غزة الفلسطينيين إلى مصر، مع نزوح غالبية السكان وتوغل القوات الإسرائيلية داخل القطاع، على الرغم من أن رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، قال إن الحرب في غزة تهدف إلى “سحق حماس” وليس طرد الفلسطينييوحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في قطر مؤخرا، من “تزايد الضغط من أجل النزوح الجماعي إلى مصر”. وكرر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، فيليب لازاريني ذلك متهما إسرائيل بتمهيد الطريق لطرد سكان قطاع غزة جماعيا إلى مصر عبر الحدود.وأشار لازاريني، في مقال رأي نشرته صحيفة لوس أنجليس تايمز، إلى الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة واحتشاد المدنيين النازحين الذين فروا من القتال بشكل متزايد قرب الحدود في الشمال ثم الجنوب.
وقال: “التطورات التي نشهدها تشير إلى محاولات لنقل الفلسطينيين إلى مصر”. وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في جنيف، إن “من الأهمية بمكان التشديد على عدم الترويج لعملية إجلاء السكان هذه وعدم التشجيع عليها أو فرضها”.وسبق لمصر والأردن ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس أن حذروا من محاولات تهجير سكان غزة فيما استبعدت اسرائيل والولايات المتحدة الفكرة.
وعلّق متحدث باسم هيئة تنسيق الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية “كوغات” لوكالة فرانس برس برس قائلا “لا توجد ولم تكن هناك أبدا، ولن تكون هناك خطة إسرائيلية لنقل سكان غزة إلى مصر، هذا ببساطة غير صحيح”.لكن أعضاء في الحكومة الإسرائيلية دافعوا علنا عن فرضية مغادرة الفلسطينيين للقطاع.وخلال الشهر الماضي، كتب وزير المال بتسلئيل سموتريتش على فيسبوك مرحبا بـ”الهجرة الطوعية لعرب غزة إلى دول العالم”.وقالت شيلا بايلان،المحامية الدولية في مجال حقوق الإنسان والمستشارة السابقة للأمم المتحدة، لـ”فرانس برس” “إذا تم ذلك في سياق نزاع مسلح، فهو جريمة حرب”.
وبموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن “الترحيل أو النقل القسري للسكان” مدرج كجريمة ضد الإنسانية.وأوضحت بايلان أنه لا يحتاج القادة للقيم باعلان صريح حول ضرورة مغادرة الأشخاص حتى يتم اعتبار ذلك ترحيلا قسريا مؤكدة “إذا جعلت ظروف العيش مستحيلة أمام الناس، فلن يكون أمامهم خيار آخر”. وأشارت إلى حصول إدانات ناجحة متعددة بشأن التهجير القسري للمدنيين، بما في ذلك في المحكمة الجنائية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة والمحكمة الخاصة بسيراليون والمحكمة الجنائية الدولية.