غزة تحت النار مجدّدًا وأميركا تضغط للحفاظ على الاتفاق

شنت إسرائيل عشرات الغارات الجوية في أنحاء قطاع غزة وأوقفت تدفق المساعدات وأغلقت المعابر أمس، إثر اتهامها “حماس” بإطلاق النار نحو قواتها في منطقة رفح التي تسيطر عليها، الأمر الذي نفته الحركة، ما وضع وقف النار الهش في القطاع أمام التهديد الجدّي الأوّل بانهياره، قبل أن تُعلن إسرائيل عودتها إلى تطبيق وقف النار ليلًا، متوعّدة بالردّ بقوة على أي خرق جديد. وأفاد موقع “أكسيوس” بأن إسرائيل أبلغت واشنطن مسبقًا بالضربات في غزة عبر مركز القيادة الأميركي الذي يشرف على وقف النار، كاشفًا أن أميركا حضت إسرائيل على الردّ بشكل متناسب لا يقوّض الاتفاق، في وقت يستعدّ فيه نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس والمبعوث ستيف ويتكوف وصهر الرئيس جاريد كوشنر لزيارة المنطقة هذا الأسبوع.
توازيًا، أعلنت “حماس” أن وفدًا من الحركة برئاسة خليل الحية وصل إلى القاهرة لمتابعة تنفيذ وقف النار مع الوسطاء والفصائل والقوى الفلسطينية، في حين أفاد “أكسيوس” بأن تل أبيب أبلغت واشنطن بأنها ستعاود فتح المعابر إلى غزة وستسمح باستكمال تدفق المساعدات اليوم بعد ضغوط من إدارة ترامب، مشيرًا إلى أن ويتكوف وكوشنر أجريا اتصالًا مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ومسؤولين آخرين لتنسيق ومناقشة الخطوات التالية. وأكد أن إدارة ترامب ستعزز دورها بشكل كبير في تنفيذ اتفاق غزة لضمان عدم انهياره. وأوضح كوشنر أن نجاح خطة السلام يعتمد على قدرة إسرائيل والشركاء الدوليين على إيجاد بديل لـ “حماس” قابل للحياة.
ويأتي ذلك بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل ضابط وجندي وإصابة جندي آخر خلال اشتباكات في رفح تخلّلها إطلاق صاروخ مضاد للدروع على فرقه الهندسية. وبعد ساعات من توجيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمرًا للجيش بالردّ بقوّة على الحادث، كشف الجيش أنه شنّ هجمات على عشرات الأهداف التابعة لـ “حماس” في كافة أنحاء القطاع شملت “مخازن أسلحة وبنى تحتية عسكرية يستخدمها المسلّحون في أنشطة إرهابية، إضافة إلى مواقع إطلاق نار وخلايا مسلّحة ومنشآت إرهابية أخرى”. وأشار إلى أنه قصف نفقًا تحت الأرض تابعًا للحركة بطول ستة كيلومترات، مستخدمًا أكثر من 120 ذخيرة. وأفادت وسائل إعلام فلسطينية بمقتل أكثر من 40 فلسطينيًا في غارات إسرائيلية في أنحاء القطاع أمس.
وأصدرت “كتائب القسام” بيانًا أكدت فيه التزامها الكامل بوقف النار، مدعية أنه “لا علم لنا بأي أحداث أو اشتباكات تجري في رفح، حيث إن هذه مناطق حمراء تقع تحت سيطرة الاحتلال، والاتصال مقطوع بما تبقى من مجموعات لنا هناك… وعليه فلا علاقة لنا بأي أحداث تقع في تلك المناطق”. وحمّلت “حماس”، إسرائيل، المسؤولية الكاملة عن أي تدهور أو انهيار لوقف النار، داعية الوسطاء والمجتمع الدولي إلى “التدخل العاجل لوقف هذه الممارسات العدوانية”. وأعلنت أنها ستسلّم جثة أحد الرهائن الإسرائيليين “إذا سمحت الظروف الميدانية” بذلك.
في الغضون، برزت دعوات من شخصيات إسرائيلية معارضة وموالية، إلى استئناف الحرب بعد الاشتباكات في رفح، حيث حسم رئيس حزب “أزرق أبيض” المعارض بيني غانتس أن الحركة “وضعت إسرائيل أمام اختبار، وكما في لبنان، لا يجوز لنا أن نُظهر ضعفًا، يجب أن تكون كافة الخيارات مطروحة، بما في ذلك العودة إلى المناورة البرية، إذ يُمنع العودة إلى وضع 6 أكتوبر”. ووصف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير تراجع نتنياهو عن إيقاف المساعدات بأنه “مخز”، مشدّدًا على أنه “يجب وقف سياسة التراجع والعودة إلى قتال مكثف في أقرب وقت من خلال المناورات والاحتلال وتشجيع الهجرة”، بينما اعتبر وزير المال بتسلئيل سموتريتش أن تدمير “حماس” واستعادة الأمن “واجب أخلاقي وهدف الحرب الرئيسي ولن نهدأ حتى ننجز المهمة”.
إلى ذلك، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن بلاده ستستضيف الشهر المقبل مؤتمرًا دوليًا لإعادة إعمار غزة، فيما حسم رئيس هيئة الاستعلامات المصرية خلال مقابلة مع “سكاي نيوز عربية” أنه “على “حماس” و”الجهاد الإسلامي” إعلان انضمامهما إلى “منظمة التحرير الفلسطينية” فورًا، لكنه رأى في الوقت عينه أن “الحديث عن إيجاد بديل فوري لـ “حماس” غير واقعي”.