المعلمون يصرخون: لسنا هواة إضراب… بل أصحاب حقوق

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
لم يلتقط العهد الجديد أنفاسه بعد، في ظل الظروف الاستثنائية التي عاشها لبنان مؤخراً، بدءاً من الحرب الإسرائيلية، مروراً بمعالجة الأزمات المعيشية والاقتصادية، حتى كرت سبحة الاعتصامات. فبعد الاحتجاج على قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية، يواصل معلمو المدارس الرسمية إضرابهم حتى تحقيق مطالبهم العادلة، المتمثلة بتصحيح رواتبهم ودفع مستحقاتهم المالية.

ووسط أجواء الأعياد المسيحية، التي أمل فيها اللبنانيون أن تتحقق آمالهم، التزم معلمو المدارس الرسمية في صيدا بالإضراب الذي دعت إليه روابط التعليم الرسمي في لبنان، إلى حين صرف مستحقاتهم المالية، بعدما أصبح من المتعذر عليهم الاستمرار بالحضور وأداء واجباتهم في ظل التأخير في دفع حقوقهم.

لكن معلمي المدرسة النموذجية الرسمية في صيدا قرروا أن يواصلوا التعليم، حرصاً على مصلحة الطلاب وخشية من ضياع العام الدراسي مع قرب انتهائه، وفي الوقت ذاته أن يعبروا عن تأييدهم للمطالب التي رفعتها روابط المعلمين، فنظم أفراد الهيئتين التعليمية والإدارية، وجنباً إلى جنب مع طلابهم، اعتصاماً أمام مدخل المدرسة تحت شعار: “لسنا هواة إضراب، بل أصحاب حقوق”.

ورفع المعتصمون لافتات تطالب بحقوقهم، ومنها: “ما بدنا وعود، بدنا حقوق”، “سينتهي العام الدراسي… أين الحقوق؟”، و”أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه”، موضحين أن المرسوم الصادر بقرار من مجلس الوزراء لا يزال “حبراً على ورق”، ولم يُنفذ حتى الآن، ما يزيد من معاناتهم اليومية في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.

وقال مدير المدرسة، الأستاذ حذيفة الملاح، إن هذا التحرك هو صرخة ألم ووجع من المعلمين، مضيفاً: “لا يجوز لمعلم الأجيال أن يُجبر على الوقوف في الشارع للمطالبة بحقوقه. كرامة المعلم يجب أن تكون محفوظة، تماماً كما هي مسؤوليتنا في تنشئة الأجيال”.

وأكد أن المعلمين ليسوا هواة إضراب، بل مجبرون عليه بفعل التجاهل المستمر لمطالبهم، مشدداً على أن “أبناءنا ليسوا رهائن، بل أمانة في أعناقنا، وسنواصل الاعتصام لأجلهم كما لأجل كرامتنا وحقوقنا”. وأضاف: “لا نقبل أن تتحوّل مقولة: ‘قم للمعلم وفّه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا’، إلى ‘كاد المعلم أن يكون مقتولا'”.

وعدّد أبرز مطالب المعلمين، وعلى رأسها: تصحيح أجر الساعة للمتعاقدين، الذي لا يزال عند حدود 150 ألف ليرة لبنانية، وهو ما وصفه بـ “غير المقبول”، ورفع رواتب المعلمين في الملاك، التي لا تتجاوز 200 إلى 300 دولار شهرياً، مشيراً إلى أن هذا المبلغ لا يغطي حتى إيجار منزل أو اشتراك كهرباء، فضلاً عن باقي نفقات المعيشة.

وشدد على أن المطالب تشمل جميع العاملين في القطاع التربوي، دون استثناء، قائلاً: “حقوق المعلمين المتعاقدين، والمستعان بهم، والعاملين على نفقة الجهات المانحة، وعمال الخدمة، والحراس، واختصاصيي المكننة، يجب أن تُصان. نحن أسرة تربوية واحدة، وكرامة الجميع خط أحمر”.

من جهتها، قالت المعلمة سوزان أبو عون: “اعتصامنا اليوم هو صرخة وجع، نريد إنصافنا. كيف تكفي ساعة العمل بـ 150 ألف ليرة في ظل الغلاء المعيشي والارتفاع الجنوني في الأسعار؟”. بينما طالبت معلمة أخرى وزارة التربية والتعليم العالي بـ “الإسراع في صرف المستحقات المالية والوفاء بوعودها المتكررة”، مشددة على أن الكرامة الإنسانية والمهنية للمعلم لا تحتمل المزيد من الإهمال.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى