عون يخاطب “الحزب”: عقلانيّة وتطمينات… فهل يلاقيه؟

في كلمته في الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب الاهلية، رسم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون صورة جديدة للدولة اللبنانية، ارادها فيها ان تكون قوية، وراعية وحامية لكل اللبنانيين، في آن معا.
فقال “اننا جميعاً في هذا الوطن، لا ملاذ لنا إلا الدولة اللبنانية. على مدى خمسين سنة من الحرب، ومئة عام من عمر لبنان الكبير، تأكّدنا أن لا الأفكار التي هي أصغر من لبنان، لها مكانتها في الواقع اللبناني، ولا الأوهام التي هي أكبر من لبنان قدمت أي خير لأهلنا ووطننا. لهذا، أعلنّا جميعاً إيماننا بلبنان كوطن نهائي لنا جميعاً. وحين نقول: لا خلاص لنا إلا بالدول اللبنانية، فنحن نعني مؤسساتها، والتزامنا بعضنا ببعض، لنكون جميعاً متساوين، حتى في اختلافنا. فلا أحد منا خائف، ولا أحد منا يخيف. لا أحد منا ظالم، ولا أحد منا مظلوم. لا أحد منا غابن، ولا أحد منا مغبون. جميعنا، كما أردد وأكرر، نتظلل علماً واحداً، ونحمل هويةً واحدة”. أضاف “آن الأوان لكي نستخلص الدرس الأخير من هذه الخمسين سنة على 13 نيسان. آن الأوان لنقول جميعاً: الدولة وحدها هي التي تحمينا، الدولة القوية، السيدة، العادلة، الحاضرة اليوم، الدولة المنبثقة من إرادة اللبنانيين، والساعية بجدّ إلى خيرهم وسلامهم وازدهارهم. وما دمنا مجمعين على أن أي سلاح خارج إطار الدولة أو قرارها من شأنه أن يُعرّض مصلحة لبنان للخطر لأكثر من سبب، فقد آن الأوان لنقول جميعاً: لا يحمي لبنان إلا دولته، وجيشه، وقواه الأمنية الرسمية. وآن الأوان لنلتزم بمقتضيات هذا الموقف، كي يبقى لبنان”.
هذا الكلام متقدم وذات ثقل، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، ليس لكونه صادرا عن رئيسِ جمهورية شكّل انتخابُه علامة على انتقال لبنان من حقبة الى حقبة ولكونه يثبّت هذا الانتقال، فحسب، بل لانه ايضا يأتي في وقت وُضع مصير سلاح حزب الله على طاولة البحث الرسمي جديا.
فالرئيس عون الذي سيتولى التواصل مع حزب الله للوصول معه في نهاية المطاف الى اتفاق على كيفية تسليم سلاحه، بدأ في كلمته هذه، يتوجه بأسلوبٍ أبوي دبلوماسي، وبكل عقلانية ووجدانية الى حزب الله، من دون ان يسميه، داعيا اياه الى إلتحاف الدولة والوقوف تحت سقفها لان التجربة علّمت الجميع ويجب ان تكون علمت الحزب ايضا، ان الدولة هي الملاذ الامن وان الولاء للخارج مضر على الصعد كافة، وحربُ الاسناد يجب ان تكون خير دليل على ذلك.
وقرن الرئيس عون كلامه هذا بتطمينات أعطاها للحزب، بأن في الدولة، لا غالب ولا مغلوب ولا خاسر ولا منتصر ولا داعي للخوف. ويجب التوقف عند هذا الموقف اللافت تتابع المصادر. اذ في الفترة السابقة، مارس الفريق الذي أمسك بالقرار والدولة، شتى انواع الظلم والتهميش وحتى التنكيل، بخصومه. اما اليوم، فالعهد الجديد وعرابوه، لا ينفكون يطمئنون الحزب الى انهم لن يفعلوا معه الامر ذاته، بل يمدون له اليد ويطالبونه بملاقاتهم تحت سقف الدولة والدستور والمساواة، لا اكثر ولا اقل. فهل سيتجاوب معهم؟ وهل سيلاقي عون وايجابيتَه في منتصف الطريق وبنيّات صادقة؟