التجارة مع أوروبا: ركّزوا على “المطبخ”

كتبت رماح هاشم في “نداء الوطن”:
مع بروز معالم أزمة عالميّة تسبَّبت فيها التعرفات الجمركيّة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإنّ التداعيات لن تكون بعيدة من لبنان، إلّا أنّ لبنان الذي يشهد على تبادل تجاري جيّد مع الاتحاد الأوروبي يُعوّل على استمرار هذا المسار في الالتفاف على كل النتائج المُترتبة عن هذا الأمر. وفي جردةٍ عن حجم التبادلات بين لبنان والاتحاد الأوروبي لعام 2024، فإن الأرقام تتكّلم على واقع هذه العلاقات.

“شَهِد التبادل التجاري بين لبنان والاتحاد الأوروبي في عام 2024 تراجعاً طفيفاً مقارنة بعام 2023، وسط التوترات الأمنيّة على الحدود الجنوبية والتداعيات الاقتصادية الناتجة عن الحرب الإسرائيلية على لبنان. وعلى الرغم من التأثيرات السلبيّة التي طالت بعض القطاعات، استطاعت قطاعات أخرى تحقيق تقدّم ملحوظ، بما يعكس مرونة نسبيّة في العلاقات التجارية بين الطرفين رغم التحدّيات”، وفق ما يوضح المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر.

ويُشير أبو حيدر لـ”نداء الوطن”، إلى أنّ “الصادرات اللبنانية إلى الاتحاد الأوروبي سجّلت انخفاضاً بنسبة 14 في المئة، متراجعةً من نحو 600 مليون يورو في 2023 (باستثناء الصادرات الدوائيّة إلى هولندا) إلى 517 مليون يورو في 2024. ومع ذلك، لا يزال هذا المستوى مقبولاً، حيث يُعادل تقريباً ما تم تحقيقه في عام 2021، الذي يُعتبر من الأعلى خلال العقدين الماضيين”.

وأمّا الواردات اللبنانية من الاتحاد الأوروبي، فقد “تراجعت بنسبة 8 في المئة، لتنخفض من 5.4 مليارات يورو في 2023 إلى 4.9 مليارات يورو في 2024”.

أبرز المنتجات المصدّرة

يُعدّد أبو حيدر أبرز المنتجات المصدّرة من لبنان إلى الاتحاد الأوروبي في 2024، وهي:

الدهون والزيوت الحيوانية والنباتية: حققت نموّاً استثنائياً بأكثر من 100 في المئة، حيث ارتفعت الصادرات من 11 مليون يورو إلى 24 مليون يورو، مستفيدةً من الحصة السنوية الكاملة المخصصة للبنان لتصدير زيت الزيتون البكر.

الفواكه والمكسّرات (بما في ذلك قشور الحمضيات): شهدت نموّاً بنسبة 66 في المئة، لتصل إلى 4.5 ملايين يورو.

العسل: سجّل مستوى قياسياً غير مسبوق، متجاوزاً 100 ألف يورو، بعد إدراج لبنان ضمن قائمة الدول المسموح لها تصدير العسل إلى الاتحاد الأوروبي.

الأقمشة (قطاع النسيج): ارتفعت صادراته بنسبة 80 في المئة، مسجلة زيادة قدرها 100 ألف يورو مقارنة بالعام الماضي.

مشتقات الصابون: ارتفعت صادراتها بنسبة 56 في المئة لتصل إلى 400 ألف يورو.

منتجات تراجعت

إلّا أنّه وحسب أبو حيدر “هناك منتجات لبنانية تراجعت صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي، وهي:

اللؤلؤ والأحجار الكريمة وشبه الكريمة: تراجعت بنسبة 41 في المئة لتصل إلى 19 مليون يورو.

الحديد والصلب: شهدا انخفاضاً حادّاً بنسبة 50 في المئة، لتصل الصادرات إلى 4 ملايين يورو.

البلاستيك ومشتقاته: تراجعت بنسبة 23 في المئة لتُسجّل 12 مليون يورو.

الواردات… زيادة وتراجع

بالنسبة إلى الواردات من الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، فالمنتجات التي شهدت زيادة، هي:

السكر: سجّلت وارداته ارتفاعاً كبيراً بنسبة 370 في المئة، لتصل إلى 65 مليون يورو.

الأدوية: ارتفعت الواردات بنسبة 21.9 في المئة، لتصل إلى 278 مليون يورو.

الحبوب: شهدت نمواً بنسبة 27 في المئة، حيث ارتفعت قيمتها من 66 مليون يورو إلى 85 مليون يورو.

وأما المنتجات التي تراجعت وارداتها إلى لبنان من الاتحاد الأوروبي، فهي:

الوقود والزيوت المعدنيّة: تراجعت بنسبة 20 في المئة لتصل إلى 1.5 مليون يورو.

المركبات: انخفضت الواردات بنسبة 14 في المئة، مُسجّلة 116 مليون يورو، وفق ما يلفت أبو حيدر.

دعم الإنتاج المحلي والمطبخ اللبناني

ويخلص أبو حيدر إلى أنّ “الأرقام هذه تُظهر أهميّة تعزيز قدرات الإنتاج المحلي وتوسيع قاعدة الصادرات لتشمل المُنتجات التي يتميّز بها لبنان، وعلى رأسها المنتجات الزراعية والغذائية. ويبرز المطبخ اللبناني هنا كرافعة اقتصاديّة حقيقيّة، ليس فقط لقدرته على اختراق الأسواق الأوروبية بل أيضاً لما يحمله من هويّة ثقافية مميزة جعلته أحد سفراء لبنان في الاغتراب وقيمة مضافة لصورة لبنان الخارجية”.

ويؤكّد أنّ “دعم الصناعة المحليّة والزراعة بات ضرورة اقتصادية واستراتيجية في آن، ويتطلب تنسيقاً فعّالاً بين مختلف الوزارات المعنية، لا سيّما وزارات الاقتصاد والتجارة، الصناعة، والزراعة، وهو ما بدأ يتحقق من خلال العمل المشترك والمُتكامل بين هذه الوزارات لتنشيط الإنتاج والتصدير وتحقيق الأمن الغذائي”.

الدور الدبلوماسي والاقتصادي

في السياق عينه، يُشدّد أبو حيدر على أهميّة “عدم إغفال الدور الذي تقوم به السفارة اللبنانية في بروكسل، وبشكل خاصّ السفير والملحق الاقتصادي، في فتح قنوات التواصل مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي ودعم المنتج اللبناني في الأسواق الأوروبية. هذه الجهود الدبلوماسية والاقتصادية المتكاملة تُشكّل عنصراً أساسيّاً في استراتيجية النهوض الاقتصادي”.

ويرى أنه “ورغم التحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي شهدها لبنان في 2024، لا تزال العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي تحافظ على قدر من الاستقرار. يشكّل هذا التعاون التجاري ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد اللبناني، ما يتطلب تعزيز الشراكات والاستفادة القصوى من الاتفاقيات التجارية القائمة. ومن هنا، تبرز ضرورة وضع سياسات تحفيزية تدعم الصادرات اللبنانية وتُحسّن الميزان التجاري بين الجانبيْن، على قاعدة دعم المنتج المحلي، والاستثمار في هويّة لبنان الثقافية والاقتصادية التي يُجسّدها مطبخه العريق، بصفته السفير الأوّل للبنان إلى العالم”.

ويؤكّد أنّ “المطبخ اللبناني لم يعد مجرّد تقليد ثقافي، بل أصبح قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني، وسفيراً دائماً للبنان في الاغتراب”.

ويختم أبو حيدر، بالقول: “إذا كنا قادرين على دخول الأسواق الأوروبية من خلال زيت الزيتون والعسل والصابون، فلماذا لا نُراهن على هوية كاملة، تدمج الزراعة والصناعة، وتحمل توقيع: صُنع في لبنان؟”، مُثنياً على التعاون المشترك بين “وزارات الاقتصاد والزراعة والصناعة”.

عجز تجاري خلال 10 سنوات

في السياق عينه، أشارت إحصاءات دليل الصادرات والمؤسسات الصناعية في بيانٍ، إلى أنّ “عجز التبادل التجاري للبنان مع دول الاتحاد الأوروبي بلغ 57.076.900 مليار خلال السنوات العشر الأخيرة من سنة 2016 حتى آخر آذار 2025 حيث بلغ ما استورده لبنان في الفترة المذكورة 60.682.82 مليار دولار مُقابل حجم تصدير بلغ 3.160.592 مليارات دولار”.

ووفق البيان، “سجّل المعدل السنوي لاستيراد لبنان من الاتحاد الأوروبي حوالى 8 مليارات دولار خلال أربع سنوات من 2016 حتى 2020 مقابل معدل تصدير لبنان ما يُقارب 350 مليون دولار سنوياً للفترة نفسها أي بعجز تجاري سنوي بلغ 7.165.000 مليارات دولار، في حين انخفض حجم مستوردات لبنان من الاتحاد بعد جائحة كورونا وبداية الأزمة المصرفية في لبنان منذ عام 2020 حيث بلغ المعدّل السنوي للمستوردات اللبنانية ما يُقارب الـ5 مليارات دولار في السنوات الأربع الأخيرة من 2020 حتى 2024”.

ولفت إلى أنّ “اليونان تصدّرت المرتبة الأولى في التصدير إلى لبنان بحيث بلغ حجم صادراتها خلال عشر سنوات 13.003.703 مليار دولار مقابل تصدير لبناني بلغ 489.977 مليون دولار للفترة نفسها. وجاءت إيطاليا في المرتبة الثانية حيث بلغ تصديرها إلى لبنان 10.632.454 مليارات دولار مقابل استيراد من لبنان بقيمة 361.266 مليون دولار للسنوات نفسها، وتليها ألمانيا في المرتبة الثالثة 7.511.124 مليارات دولار مقابل 391.861 مليون دولار. وتأتي فرنسا في الدرجة الرابعة بتصدير منتجاتها إلى لبنان بحجم 4.794.818 مليارات دولار مقابل تصدير لبناني 380.531 مليون دولار. وفي المرتبة الخامسة إسبانيا حيث تصدر إلى لبنان بقيمة 3.849.297 مليارات دولار مقابل تصدير لبناني بلغ 408.465 ملايين دولار وتليها المملكة المتحدة وبلجيكا وغيرها”.

من جهة أخرى، أظهرت إحصاءات دليل الصادرات أن التبادل التجاري بين لبنان والأسواق الخارجية حصراً من السلع التي تنتجها المصانع اللبنانية، إذ أشارت هذه الإحصاءات إلى أنّ “حجم استيراد لبنان خلال سنة 2024 للسلع المماثلة التي تنتجها المصانع اللبنانية بلغ 9.575.458 مليارات دولار مقابل حجم تصدير للبنان من هذه السلع نفسها بلغ 2.061.428 مليار دولار أي بعجز تجاري بلغ 7.514.030 مليارات دولار سنويّاً”.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى