حتى بهجة أحد الشعانين باهتة: الكعك والثياب.. كماليات

كتبت جوانا صابر في نداء الوطن”:
تتصاعد رائحة البخور في الكنائس، وتزيّن أغصان الزيتون الأبواب، إيذاناً بحلول أحد الشعانين. لكن هذا العام، تحمل هذه الطقوس عبقاً ممزوجاً بمرارة الأوضاع الاقتصادية الخانقة التي تجتاح لبنان، تاركةً بصماتها القاسية على تفاصيل الحياة اليومية، حتى تلك التي كانت تبعث على الفرح والبهجة.

“أصبح العيد مكلفاً، حتى في أبسط تفاصيله”، تقول ليلى وهي أم لطفلين في بيروت، بصوت يعكس قلقاً عميقاً. إذ يمثل استقبال أحد الشعانين هذا العام تحدياً حقيقياً لعائلتها، تماماً كما هي الحال بالنسبة للكثير من الأسر اللبنانية التي تكابد تحت وطأة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
توضح ليلى أن فرحة طفلَيها بقدوم العيد تصطدم بحسابات دقيقة ومؤلمة. “يترقبان بفارغ الصبر الثياب الجديدة التي اعتدنا شراءها لهما في كل عيد، بالإضافة إلى كعك الشعانين. لكن هذا العام، تبدو الأمور مختلفة تماماً”.
وتضيف بأسى: “زوجي يعمل سائق تاكسي، والوضع الاقتصادي يؤثر بشكل مباشر على دخله. بالكاد نتمكن من تغطية نفقاتنا الأساسية من طعام وكهرباء. وأصبح شراء ثياب جديدة لطفلين وكعك العيد بكمية كافية عبئاً إضافياً لا نستطيع تحمّله في ظل هذه الظروف الصعبة”.

أما ماريا، وهي أم لثلاثة أطفال، تقف أمام تحدٍ مماثل. لكن ماريا قررت أن تحوّل ضغط الظروف الاقتصادية إلى فرصة لخلق ذكريات جديدة ومميزة مع أطفالها. فتقول: “بدلاً من شراء حلوى الشعانين هذا العام، قررت أن نصنعها معاً في المنزل”.
وتضيف ماريا: “جهزت المكونات البسيطة المتوفرة لدينا، ودعوت أطفالي للمشاركة في إعداد الحلوى”. لم يتوقف الأمر عند الحلوى، فقد قررت ماريا أيضاً الاستغناء عن شراء الشموع المزينة الجاهزة.
“اشتريت بعض الشموع البيضاء البسيطة وبعض الخامات الملونة والأقلام الخاصة بالتزيين”، تشرح ماريا.

“اجتمعنا حول الطاولة وبدأنا تزيين الشموع بأشكال وصلبان وأغصان زيتون ورسومات تعبّر عن فرحة العيد وشعر الأطفال بسعادة غامرة وهم يرون إبداعاتهم تزيّن منزلنا في حين حاولت أنا قدر المستطاع أن أوفر بعضاً من المال، فالشموع الجاهزة يتراوح سعرها ما بين 15 و 30 دولاراً وأنا لا قدرة لدي على تحمل هذا المبلغ”.
قد لا تكون حلوى وشموع ماريا بجودة تلك الجاهزة، وقد لا تكون ثياب أطفالها جديدة وباهظة الثمن، لكنها بالتأكيد تحمل قيمة أكبر بكثير.

ختاماً، في هذا العام، قد يقتصر فرح الأطفال على رؤية قطعة صغيرة من كعك الشعانين المصنوع منزلياً وشمعة مزينة بأناملهم الصغيرة، وقد يؤجل حلم الثياب الجديدة إلى حين آخر. لكن المؤكد أن عزيمة الأمهات اللبنانيات على زرع الأمل والفرح في قلوب أبنائهن ستظل حاضرة، حتى إن كانت الظروف أقسى من أي وقت مضى.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى