هل تكون آخر انتخابات للمخاتير؟


بدأ العدّ التنازلي للانتخابات البلديّة والاختياريّة في أيّار المُقبل، وسُجّل ارتفاعٌ ملحوظ في منسوب الحماسة في مختلف القرى والبلدات اللبنانيّة تحضيراً للاستحقاق المقبل، ولكن ما لا يُدركه كثرٌ هو أنّ الدولة التي تشهدُ ورشة على مُختلف الأصعدة يؤمل أن تقودها قريباً الى ملعب الدّول المتطوّرة على الصّعيد الرقمي، قد تكون أمام إتمام آخر انتخابات اختياريّة في تاريخ لبنان. فهل يُلغي التحوّل الرقمي دور المخاتير؟


في تعريف لدوره الذي وُلد إبّان حكم العثمانيّين وتواجَدَ في بلدان عربية عدّة كفلسطين والعراق والأردن وسوريا ومصر وشهد تحوّلاً مع مرور السنوات وتعاقب الأنظمة، يُمثّل المختار وجهاً محليّاً يختاره أهالي قرية أو مدينة معيّنة ليكون صلة الوصل بينهم وبين مؤسّسات الدّولة ويتمّم بعض معاملاتهم الرسميّة، فضلاً عن دوره الاجتماعي كواحدٍ من أبرز وجهاء المنطقة الذين يعرفون شؤون وشجون الأهالي وينشطون في الأفراح والأحزان، وتكون لهم الكلمة الفصل في محطّات ومُناسبات عدّة. ولكن هل لا زال دور المختار يتمتّع بهذه الأهميّة اليوم؟
يُشير مختار بلدة عينطورة في المتن طوني عازار الى أنه “في تاريخ لبنان، كان دور المختار مهماً جداً وكان يتمتّع بسلطة كبيرة إذ لم يكن هناك بلديّات فكان المختار المرجع الرسميّ الوحيد في كلّ بلدة وقرية، ولكن اليوم تغيّر الواقع وأصبح المختار يلعب دور “الضابطة العدلية” عند حصول أيّ حادث أمني في البلدة”، لافتاً الى أنّ “دور المختار لا يزال مهمّاً اليوم خصوصاً لجهة مكانته كمرجعٍ في البلدة بالإضافة الى الخدمات التي يقدّمها لأهل ضيعته، مع العلم أنّ عمله غيرُ مربحٍ من الناحية الماديّة لا سيما في القرى”.

ويرى عازار في حديث لموقع mtv أنّ “تحوّل الوثائق الى النسخة الالكترونيّة خطوة متقدّمة ومهمّة، ولكن للأسف القوانين في لبنان مهترئة، لذا فإنّ الحاجة الى المخاتير لا تزال كبيرة خصوصاً وأنّهم يتعاطون مع المواطنين مباشرة على عكس البلديات التي تلعب دوراً إنمائياً أكثر”.
مع تصاعد فرص تحوّل لبنان الى دولة رقميّة يحظى فيها كلّ مواطنٍ بملفّ إلكتروني وبهويّة رقميّة تخوّله إنجاز مُختلف معاملاته الرسميّة بسهولة كبيرة من دون عناء التوجه الى مؤسّسات الدولة وإداراتها والى المخاتير بشكل خاصّ للاستحصال منهم على بعض الوثائق التي ستُصبح متاحة ببضعة نقرات، تُطرح علامات استفهام حول مُستقبل المخاتير الذين قد يخسرون دورهم ومهامهم.
وعن هذا الموضوع يكشف مصدرٌ في وزارة الداخلية والبلديات لموقع mtv أنّ “الحكومة مهتمة بشكلٍ كبير بالتحوّل الرقمي وقد بدأ العمل على هذا الملفّ ما سينعكس على الكثير من المعاملات الرسميّة والوثائق ومن بينها إخراجات القيد وغيرها التي قد تُصبح بنسخة إلكترونيّة”، مُستبعداً في المقابل أن “يكتمل المشروع قبل سنتين على الأقلّ”.

ولكن ما أهميّة هذه الخطوة وما ستكون انعكاساتها؟ يقول الخبير في التحوّل الرقمي رولان أبي نجم: لا زلنا للأسف في لبنان نعتمدُ على الكثير من الوثائق للتّعريف عن المواطنين كالهويّة وإخراج القيد وجواز السّفر وغيرها من المُستندات، في وقتٍ أنّ هذه الظاهرة غير موجودة في مُختلف بلدان العالم حيث الهويّة الالكترونيّة هي المرجع الوحيد للتعريف عن الأشخاص وهي موجودة على تطبيق حكوميّ على الهاتف ما يُسهّل استعمالها، بالإضافة الى التوقيع الالكتروني”، مُعتبراً في مقابلة مع موقعنا أنه “قد ينتهي دور الكثير من الموظّفين في المؤسّسات الرسميّة مع الانتقال الى الدّولة الرقميّة، وقد يكون المخاتير من بينهم، لأنّ مختلف الوثائق ستُصبح بنسخة إلكترونيّة وستكون متاحة للمواطنين من دون أيّ وسيط”. ويختم أبي نجم بالقول: “الخطورة في موضوع التحوّل الرقمي تكمُن في أنّ تحويل الوثائق الى النسخة الالكترونيّة سيُعرّضها للسرقة والاستغلال من قبل جهات عدّة في لبنان وخارجه وهنا أهميّة حمايتها عبر تفعيل الأمن السيبراني”.

تسيرُ عجلة الإصلاح في لبنان بوتيرةٍ سريعة ستُطيح قريباً بالكثير من “المسلّمات” القديمة وببعض المهام والمراكز والمناصب أيضاً، فهل يُصبح “مختار المخاتير” قصّةُ شخصيّة لن تتكرّر طبعت تاريخ لبنان الجميل؟ (MTV)

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى