جدولة السلاح تتأخّر 35 عاماً: التسليم بموافقة برّي حتماً

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
دخل ملف تسليم «حزب اللّه» سلاحه دائرة النقاش الحقيقي، وساهمت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس في تسريع طرحه، وينتظر في الأيام المقبلة كيف سيتمّ التعاطي مع الملف في ظلّ التصاريح المتضاربة.

طرحت القوى السيادية إشكالية وضع جدول زمني لسحب السلاح، وكاد هذا المطلب يزرع الشقاق داخل الحكومة. قبل أن يوضح رئيس الحكومة نواف سلام موقفه جازماً بحتمية التسليم، وكرّر هذا الأمر أمس الأول من بكركي خلال زيارته البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.

بات موضوع تسليم «حزب اللّه» سلاحه الأبرز على الساحة. وضعت أورتاغوس الجميع أمام مسؤولياتهم، وهذا الأمر دفع رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى الاجتماع بكل من رئيس مجلس النواب نبيه برّي وسلام للتباحث في كيفية التصرّف.
يكشف زوّار رئيس الجمهورية لـ «نداء الوطن» أن الرئيس مطمئن إلى تسليم السلاح، وينقلون عن عون تأكيده أن «حزب اللّه» بات في أجواء التسليم ويعرف ألّا مفرّ من هذا الأمر، والمطالب الدولية واضحة في هذا السياق، ووصلت تطمينات إلى القصر الجمهوري بعدم معارضة «الحزب» معالجة هذا الملف.

ينقل زوّار بعبدا، أن هناك اتفاقاً حصل بين عون وبري على وضع استراتيجية لتسليم السلاح، وبرّي أكثر المتفهمين والذين يعرفون اتجاه الأمور ولم تعد هناك إمكانية للتهرّب من معالجة هذا الملف المتفجّر.
ويعمل رئيس الجمهورية على وضع أُطر لتسليم سلاح «حزب اللّه» في جميع المناطق اللبنانية وليس فقط في جنوب الليطاني. فالأوامر واضحة في منطقة الجنوب وأصبحت شبه خالية من السلاح غير الشرعي، وبالتالي سينتقل الاهتمام في المرحلة المقبلة إلى شمال الليطاني وكل المناطق وخصوصاً البقاع والضاحية، ومبدأ تسليم السلاح متفق عليه ويبقى انتظار عملية الإخراج.

تضارب المواقف
وإذا كان ملف تسليم السلاح وضع على نار حامية، إلّا أنّ هناك تناقضاً في تصاريح كوادر «حزب اللّه». هناك ضياع بين من يؤكد ترميم «الحزب» قواه العسكرية، وبين تصاريح أخرى تتناول عدم رغبة «الحزب» في التسليم، ومنهم من يعتبرون أن باب النقاش مفتوح. كل ذلك يحصل وسط مفاوضات أميركية – إيرانية يريد من خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض شروطه على إيران، وأبرز تلك الشروط، هي قطع تمويل أذرع إيران في المنطقة وعلى رأسهم «حزب اللّه»، من هنا فإن أي طلب إيراني لـ «الحزب» بضرورة تسليم سلاحه سيحلّ المسألة سريعاً.

جدولة متأخّرة
في العودة إلى إشكالية سلاح «حزب اللّه»، فإن وضع جدول زمني لحلّه تأخّر نحو 35 سنة، و «الحزب» الذي أنشأته إيران خلال الحرب الأهلية، كان يفترض أن يُجدول تسليم سلاحه بعد انتهاء الحرب عام 1990. لكن إطلاق يد الاحتلال السوري سمح لإيران ببناء قاعدة متقدمة لها على شواطئ البحر المتوسط.
أنجز التحرير في 25 أيار 2000، عندها ظنّ اللبنانيون أن جمع السلاح غير الشرعي سيكتمل وسيسلّم «حزب اللّه» سلاحه، لكنّ الاحتلال السوري زاد من دعمه لـ «الحزب»، وعند صدور القرار 1559 في أيلول 2004 نص في أحد بنوده على سحب السلاح غير الشرعي، لكنه لم يطبّق. وحين انسحب السوري في 26 نيسان 2005، طالبت قوى 14 آذار بتسليم السلاح، فسارع «الحزب» إلى استغلال طاولة الحوار الوطني وافتعل حرب «تموز» 2006، وبدّل الموازين الداخلية وتم إقرار القرار 1701 الذي يُذكّر بالقرار 1559، لكنه بقي حبراً على ورق.
اندلعت الحرب السورية، فتحوّل «حزب اللّه» من «مقاومة في لبنان» إلى جيش يقاتل إلى جانب نظام بشار الأسد، يتنقل بين لبنان وسوريا والعراق واليمن تحت شعار «وحدة الساحات»، وبات الوضع على ما هو عليه إلى حين الدخول في «حرب الإسناد» ومن ثم توسّعها وتوقيع اتفاق الهدنة في 27 تشرين الثاني 2024.

التهرّب ممنوع
كان «حزب الله» وخلفه النظام الإيراني والأسد يلعبون على عامل الوقت، لكن هذه المرّة، انتهى هذا الأمر مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة وهزيمة محور «الممانعة».
من ساعد نجم «الحزب» في السطوع هو النظام الإيراني الذي أنشأه وصدّر الثورة الإسلامية عبره إلى لبنان. ومن نمّاه هو النظام السوري الذي كان يسيطر على لبنان، ومن ثمّ سمح له باستخدام سوريا منذ عام 2005 لتأمين خط الإمدادات، وبناء منشآت لتصنيع السلاح والمخدرات والكبتاغون.
سقط نظام الأسد بعد ضرب «حماس» و «حزب اللّه»، إيران مطوّقة وفقدت أذرعها، وبات «الحزب» محاصراً بلا خط إمداد ولا سلاح ولا أموال. البيئة الحاضنة له تعرّضت لأكبر نكسة وتنتفض كل يوم لأنها لم تحصل على مساعدات وتعويضات. وهناك ربط دولي بين إعادة الإعمار من جهة وتسليم السلاح من جهة أخرى، وهذا الموقف لا يقتصر فقط على الولايات المتحدة الأميركية بل يشمل السعودية والخليج العربي ودول أوروبا. ويحصل كل ذلك وسط مخاوف من تجدد الحرب الإسرائيلية التي لا يقوى «حزب الله» على مواجهتها وإلا لكان رفض اتفاق الهدنة والاستسلام.

يبحث «حزب اللّه» عن مخارج لتأمين أفضل صورة لتسليم السلاح، ويربط هذا التسليم بضرورة انسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلّها في الجنوب وترسيم الحدود وعودة الأسرى، ويدخل رئيس الجمهورية على الخط مع الأميركيين لحلّ هذه النقطة، فعون يرغب في حصر السلاح وتطبيق خطاب القسم، لكنه لا يريد حصول صدام داخلي، ومن جهة ثانية لا يهمل التحذيرات والتهديدات الأميركية التي هي إسرائيلية بالأصل ولا يوجد أي رادع أمام إسرائيل لإشعال الحرب، وبالتالي ينتقل البحث على الإخراج بعد الاتفاق على المبدأ وهذه المهمة الأساسية للدولة التي تريد حصر السلاح لكنها ترفض استفزاز «الحزب».

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى