لبنان سيُوافق على تطعيم اللجان؟

تدرك واشنطن جيدًّا وجود استحالة أمام لبنان لتطبيع علاقاته مع إسرائيل. وإنّها تضغط عليه بعدم اعتراضها على الخروقات الإسرائيلية شرطًا للتوّصل الى اتفاق. وهي على استعداد كما أفيد لسحب التطبيع من التداول ومقايضته بالتوصل إلى اتفاق أقل منه وأكبر من اتفاقية الهدنة.
وبكلام آخر، فان الضغط الأميركي على لبنان يهدف إلى التوصل الى ترسيم دائم للحدود لن يتحقق ما لم يتلازم مع سحب سلاح “حزب الله” تطبيقًا للقرارات الدولية واتفاق الطائف. لذا فان وقوف الحزب خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي لتثبيت مستدام لوقف النار يعني حكما انه بات على قناعة بوجوب الاستجابة لمتطلبات انخراط لبنان في مرحلة سياسية جديدة خلافا للسياسات السابقة. وتحديدًا تلك التي قرّر فيها منفردا من دون العودة الى الدولة اسناد غزة. وبالتالي فان سلاحه مع مرور الوقت يبقى دون وظيفة في حال استعادة الدولة سيطرتها على كامل أراضيها، وإلّا لماذا وافق على البيان الوزاري وقاعدته الأساسية حصر السلاح بيد الدولة.
لذلك تعتقد واشنطن وجود إمكانية للتوصل إلى اتفاق أكبر من اتفاقية الهدنة وأقل راهنًا من التطبيع من شأنه ضبط الحدود على نحو لا يسمح لـ”حزب الله” باستخدام سلاحه وهو ما استندت إليه نائبة مبعوث الرئيس الأميركي الى الشرق الأوسط مورغن أورتاغوس في مطالبتها لبنان إشراك دبلوماسيين في اجتماعات مجموعات العمل الثلاث المقترحة لتسوية النزاع مع إسرائيل مستندة في ذلك إلى سابقة تمثلت في إشراك لبنان دبلوماسيًّا في مفاوضاته معها للتوصّل إلى اتفاقية الهدنة.
العميد المتقاعد ناجي ملاعب يقول لـ “المركزية” في السياق أنّ إسرائيل منذ البداية لم تلتزم بالقرار 1701 وأكّدت رفضها له على ما صرّح رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الساعي لاستبداله بقوات متعددة الجنسيات. حاولت تل ابيب ذلك من خلال مجلس الامن بحيث يكون لقوات الطوارئ صلاحية التدخل على الأرض من دون التنسبق مع الجيش اللبناني لكنها اصطدمت بالرفض الفرنسي ما دفعها أخير الى استهداف القوات الدولية العاملة في الجنوب . وهي لطالما شككت بقدرة الجيش اللبناني على الإمساك بزمام الأمور جنوب الليطاني .ولما تم دحض مزاعمها وفشلت في مساعيها العسكرية عادت إلى اللعب على الوتر السياسي محاولة ومن خلفها أميركا دفع لبنان للقبول بصيغة اللجان الثلاث المطعمة بدبلوماسيين وسياسيين التي رفضها لبنان متمسكا بالقرار 1701 واتفاقية الهدنة. وعندما وجدت تل أبيب نفسها محشورة لجأت إلى واشنطن المتطلعة إلى التطبيع ما بين إسرائيل والدول العربية الذي أطاحت به عملية طوفان الاقصى. من هنا ما يحدث في سوريا اليوم واستهدافها الممنهج عسكريا وسياسيا ما هو الا بداية للتطبيع الذي لا يمكن للبنان بلوغه دون حصوله على الجبهة السورية باعتبارها بوابته البرية الى العالم العربي. هنا اعتقد ان لبنان سيوافق على تطعيم اللجان الثلاث بتقنيين في خطوة تمهد للتطبيع ما بين إسرائيل وسوريا التي رغم ما تتعرض له لم تعلن العداء يوما لتل أبيب.