ما وضع الحركة التجارية في طرابلس؟

كتبت زائدة الكنج الدندشي في “نداء الوطن”:
في قلب طرابلس، المدينة التي لطالما شكّلت نبض الشمال اللبناني، تتردّد أصوات التجار بين أزقتها القديمة وشوارعها الحديثة، تحمل وجعاً اقتصادياً ومعيشياً لا تخطئه العين. رمضان هذا العام لم يكن ككلّ الأعوام، لا حركة في الأسواق تُرضي التجار، ولا قدرة شرائية تُرضي الزبائن. في ظلّ الانهيار المالي والأمني الذي يعصف بالمدينة.

يقول محمد الغريب أحد تجّار طرابلس لـ”نداء الوطن”: “بالنسبة للقدرة الشرائية التي كانت موجودة قبل شهر رمضان فهي تعدّ متدنية رغم أننا قبل رمضان تجهّزنا بطريقة صحيحة وحتى أثناء البيع في رمضان ولكن نسبة تدني البيع بلغت ما يقارب 40 في المئة مقارنة بالسنة الماضية، وبالنسبة للأعياد كان العمل المكثف في آخر أربعة أيام فقط”.

ويشير الغريب إلى ظاهرة باتت ملحوظة لدى الزبائن وهي أن “ذوق الأشخاص اختلف أيضاً، فقديماً كان الناس يبحثون عن النوعية الجيدة وإن كان سعرها غالياً قليلاً، ولكن بسبب ما حلّ في لبنان في السنوات الأخيرة بات الناس يقصدون المنتج الأرخص مع ازدياد متطلبات الحياة وارتفاع الأسعار والغلاء غير المقبول”.

ويؤكد “أنّ كل ذلك انعكس علينا كتجار فباتت نسبة ربحنا قليلة، وأثر علينا نحن الاثنين البائع والزبون حيث بتنا نبحث عن أسعار تناسب الجميع وتحقّق لنا نسبة ربح مقبولة”.

ومع اقتراب الانتخابات البلدية وتأثيرها المحتمل على جوّ الإنفاق يؤكد الغريب أنه “بالطبع هناك تأثير إما سلباً أو إيجاباً على جوّ الشراء، إذا تمت الانتخابات فهذا يعني أن هناك سيولة مالية سيتم ضخّها في طرابلس وغيرها من المدن والمحافظات الأخرى ما سينعكس إيجاباً على حركة الشراء وعلينا نحن كتجار”.

عن حركة البيع والشراء، يقول “إن رواتب الموظفين تمّ استلامها في بداية رمضان فكان اهتمام الناس والتفاتهم إلى شراء الطعام والأساسيات المتعلقة بشهر رمضان، لذلك كانت حركة البيع والشراء قليلة وخجولة باستثناء الأيام الأخيرة من شهر رمضان وبداية العيد حيث كنا نعمل لاستقطاب الطبقة المتوسطة قديماً، ولكن بسبب الأزمة الاقتصادية التي مرّ بها لبنان باتت هناك طبقة فقيرة معدمة غير قادرة على شراء الملابس أو الكماليات بل بات همّها الوحيد أن تحصل على لقمة عيشها هي وأفراد أسرتها”.

كتاجر يهمّه الوضع الأمني في ظلّ ما يحصل في طرابلس وخصوصاً في رمضان الذي شهدنا فيه الكثير من المشاكل وعمليات السلب، يقول الغريب: “هناك عدة مشاكل حصلت في المدينة مع بدء شهر الصوم وخاصة ما يتعلق بالتشليح والسرقة من بعض الأشخاص حيث لا ينقضي يوم إلا ونسمع بمشكلة أو بخلاف حصل بين شبان إما انتهى بسرقة أو بإطلاق نار، بالإضافة إلى تفلّت السلاح في المدينة ووجوده بأيدي “الزعران” وربما يكون سبب ذلك ارتفاع نسبة البطالة ما أثر على سلوك هؤلاء الأشخاص”.

ختاماً، يأمل الغريب أن يكون الوضع في المستقبل القريب أفضل بالنسبة لأمن طرابلس مع وزير الداخلية والبلديات الجديد أحمد الحجار ليتم ضبط الأمن في المدينة ليصبح أهلها قادرين على الخروج ليلاً وهم يشعرون بالأمان دون التخوّف في كل لحظة من أن يصادفهم أحد السارقين أو المعتدين.

ووجّه الغريب رسالة للعهد الجديد باسمه وباسم زملائه من تجّار طرابلس: “نتمنّى أن يتحسّن الوضع في المدينة وفي لبنان ككل، ونشدّ على أيدي المسؤولين الجدد في مهمّتهم الصعبة من أجل ضبط الأمن واستقراره، وضبط الوضع الاقتصادي أيضاً لما فيه خير المدينة والبلد ولنتكاتف من جديد كتجار من الجنوب إلى الشمال لنضمن مستقبل أولادنا، فنحن لم نقم بتربيتهم لنخسرهم لصالح الخارج بل نريد أن يقوموا كل حسب اختصاصه بنفع بلده بعد تلك السنوات الصعبة التي مرّت علينا وعلى أهل البلد”.

ما بين الأمن الغائب والاقتصاد المنهار، يبقى الأمل هو الحبل الذي يتمسّك به تجّار طرابلس في مواجهة الأمواج العاتية. كلمات محمد الغريب تختصر معاناة مدينة بأكملها، ولكنها في الوقت نفسه تعكس صموداً وعزيمة على البقاء. فطرابلس التي اعتادت النهوض رغم كل الكبوات، ما زالت تنتظر يداً تمتدّ لانتشالها، وإرادة سياسية حقيقية تعيد إليها الحياة، وتمنح أبناءها وتجّارها فسحة أمل طال انتظارها.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى