الانقسامات السياسية تهدِّد تأمين المناصفة بانتخابات بلدية بيروت

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
تثير مسألة اجراء الانتخابات البلدية في مدينة بيروت، كثيراً من اللغط والتساؤلات وصولاً إلى حدود القلق والخشية من اختلال المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي الجديد، المعتمدة بالتوافق بين المرجعيات السياسية والدينية وفاعليات المدينة، منذ اجراء أول انتخابات بلدية بعد الحرب الاهلية، للحفاظ على التوازن في المجلس البلدي للعاصمة، في اطار العيش المشترك، وتمثيل جميع مكوناتها من دون استثناء، برغم زيادة عدد الناخبين المسلمين، بفارق كبير عن الناخبين المسيحيين.

سببان رئيسان للقلق من امكانية انفراط صيغةالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين في انتخابات المجلس البلدي المقبل، التي كرسها الرئيس الشهيد رفيق رفيق الحريري في تسعينات القرن الماضي، وحافظ عليها نجله سعد الحريري بعده في الانتخابات البلدية السابقة وقبلها، أولها تباعد القوى السياسية في المدينة، وتفرق معظمها بعد الانتخابات النيابية الاخيرة،وغياب اي مرجعية سياسية فاعلة، وقادرة على جمع معظم القوى في لائحة واحدة، بعد تعليق الاخير عمله السياسي، ووجوده خارج لبنان منذ فترة طويلة.

وبالرغم من وجود توجه لاعادة تكرار صيغة التوافق السابقة بتشكيل لائحة واحدة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين في الانتخابات البلدية المقبلة، لاجل وصول مجلس بلدي متوازن على هذا النحو، الا ان بعض القوى ترفض الاندماج في اللائحة المذكورة، وتصر على تأليف لائحة منافسة، بالتحالف مع قوى التغيير التي تعد نفسها لخوض هذه الانتخابات، مستقوية بالنسب العالية التي نالها مرشحوها بالانتخابات البلدية الماضية، وهي على قناعة بانها قادرة على تحقيق خرق كبير لصالحها في الانتخابات البلدية، وتكون ضمن المجلس البلدي المقبل.

اما السبب الثاني، فهو قناعة كثر بعدم جدوى انتخاب لائحة مناصفة توافقية للمجلس البلدي للعاصمة، بعدما اثبت فشله وعجزه عن الاتفاق على اتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة للنهوض بالعاصمة، تارة لخلافه مع محافظ العاصمة على الصلاحيات من جهة، وغرقه في الخلافات المتواصلة بين أعضائه من جهة ثانية،ما ابقى العاصمة بيروت، دون الاهتمام المطلوب بشؤونها، وحرمانها من ابسط الخدمات الضرورية.

بعد تحديد وزارة الداخلية مواعيد اجراء الانتخابات البلدية في كافة المحافظات رسميا، بات جميع الاطراف السياسيين والاحزاب والناس، امام الامر الواقع، لتحضير انفسهم لخوض هذه الانتخابات، في حين يبقى الحفاظ على صيغة المناصفة في انتخاب المجلس البلدي للمدينة، تحديا بارزا يواجه الجميع، تفاديا لحصول اختلالات تطيح بهذه الصيغة، وتتسبب بموجة من الاعتراضات، قد تؤدي الى تجديد المطالبة بتعديل قانون الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت، وماقد تجره من خلافات تطال المجلس البلدي الجديد وتضعه على طريق الشلل والعجز عن إتخاذ القرارات الضرورية والملحّة للنهوض بالعاصمة وتلبية حاجات المواطنين فيه.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى