مجلس الشيوخ… خطوة إصلاحية يرتبط اتخاذها بـ”لا طائفية” البرلمان اللبناني

كتبت كارولين عاكوم في الشرق الأوسط”:
عاد مشروع إنشاء «مجلس للشيوخ» في لبنان إلى الواجهة مجدداً، مع بدء الاستعدادات السياسية لإنجاز الانتخابات النيابية العام المقبل، والحديث عن إجراء تعديلات على قانون الانتخاب.
ومع تأكيد معظم الكتل النيابية على المطالبة بإنشاء «مجلس الشيوخ» الذي نص عليه «اتفاق الطائف» ويفترض أن يمثل كل الطوائف، في خطوة باتجاه الإصلاح، فإن المشكلة تكمن في عدم إقرار التفاصيل بشأن صلاحياته ومهامه، إضافة إلى ربط إنشائه بانتخاب «مجلس نيابي غير طائفي»، وهو ما لا يزال صعب التطبيق في لبنان؛ حيث ينتخب اللبنانيون ممثليهم في البرلمان (128 نائباً) وفق التوزيع الطائفي، مناصفة بين المسلمين والمسيحيين.
وأخذ إنشاء «مجلس الشيوخ» حيزاً من المباحثات التي أجراها النواب في جلسة اللجان المشتركة التي درست عدداً من مشروعات القوانين يوم الاثنين، وتحدث رئيس حزب «الكتائب»، النائب سامي الجميل، عن ملاحظتين تتعلقان بقانون الانتخابات الجديد المطروح من النائب علي حسن خليل، الذي يعتمد «لبنان دائرة واحدة»، وبآلية انتخاب مجلس الشيوخ. وقال: «آلية مجلس الشيوخ لا تُطرح بهذه الطريقة، خصوصاً أننا لا نعرف ما صلاحيات المجلس وما علاقته بمجلسَي النواب والوزراء»، مشدداً على أن «إدخال مؤسسة دستورية جديدة يجب أن يكون ضمن ورشة دستورية كبيرة».
وأكد أن «(مجلس الشيوخ) ملف مهم، ونحن مع إنشائه، ولكن يجب أن يكون طرحه ضمن ورشة دستورية كبيرة، وعندما تحصل الورشة، نناقش الموضوع بعمق».
كذلك، وخلال مناقشة جدول أعمال اللجان المشتركة، قال أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي»، النائب هادي أبو الحسن، في مداخلة: «الكل يطالب بالإصلاح، ونردد شعارات الإصلاح والتغيير، لكن نسي البعض أو تناسى أن المدخل الأساسي للإصلاح لا يكون إلا عبر الإصلاح السياسي»، معلناً بذلك تمسك «اللقاء الديمقراطي» بالإصلاح السياسي الكامل، وبأن «تأسيس مجلس الشيوخ يعدّ بنداً إصلاحياً أساسياً نتمسك به بالتزامن مع قانون انتخابات خارج القيد الطائفي».
وفي السياق نفسه، تحدث عضو كتلة «التيار الوطني الحر»، النائب سليم عون، عن هذا الموضوع، قائلاً: «منذ (اتفاق الطائف) جرى الاتفاق على إنشاء (مجلس شيوخ) في مقدمة للذهاب إلى إلغاء الطائفية بمجلس النواب، لذلك لا يمكن طرح علامات استفهام بشأن إدراجه اليوم ولو أن السؤال مشروع، لكن لنبدأ بالنقاش، ولو أن النتائج غير واضحة تماماً».
وينص «اتفاق الطائف» على أنه «مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي، يُستحدث (مجلس للشيوخ) تتمثل فيه جميع العائلات الروحية، وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية»، وذلك من دون توضيح هذه القضايا أو التطرق إلى طائفة رئيسه، وهو ما يُطرح للنقاش في كل مرة يجري الحديث فيها عن المجلس، فالطائفة الدرزية تطالب برئاسته استناداً لما يقال إنه «اتفاق غير رسمي» عن «اتفاق الطائف»، فيما تعدّ الطائفة الأرثوذكسية أنه من حقّها.
وفي دراسة نشرتها «الدولية للمعلومات» قبل أعوام، أشارت إلى أن بعض النواب الذين شاركوا في اجتماعات «اتفاق الطائف» لفتوا إلى أن القضايا المصيرية هي القضايا التي توجب موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها، والتي حددتها «المادة65» من الدستور، وتشمل: تعديل الدستور، وإعلان حالة الطوارئ وإلغاؤها، والحرب والسلم، والتعبئة العامة، والاتفاقات والمعاهدات الدولية، والموازنة العامة، والخطط الإنمائية الشاملة وطويلة المدى، وإعادة النظر في التقسيم الإداري، وحل مجلس النواب، وقانون الانتخابات، وقانون الجنسية، وقوانين الأحوال الشخصية، وإقالة الوزراء.
وفي هذا الإطار يشير الخبير الدستوري سعيد مالك إلى أن «تشكيل مجلس الشيوخ نص عليه (دستور الطائف)، وهو مطلب محق وحاجة وضرورة، لكن ليس هذا هو التوقيت الملائم لطرحه؛ لأن الهدف منه إبقاء دور المذاهب والطوائف بعد أن يصار إلى انتخاب مجلس نواب على أساس (لا طائفي). أما وإن البرلمان لا يزال يُنتخب على أساس طائفي وتشكيلته على أساس طائفي ومذهبي، فإنه من الصعب الذهاب إلى استحداث (مجلس شيوخ)». ويوضح: «إضافة إلى أن إنشاء هذا المجلس يحتاج إلى كثير من التدابير والنقاش من أجل الوصول إلى هيكلية وآلية عمل له، وهي من الأمور التي لم يتطرق لها الدستور».
يذكر أن «مجلس الشيوخ» كان معتمداً في لبنان قبل أن يُلغى في دستور عام 1927 وتُختصر السلطة التشريعية في سلطة واحدة هي البرلمان. وكانت المجلس مؤلفاً من 16 عضواً موزعين على كل الطوائف، ويعين رئيس الحكومة 7 منهم بعد استطلاع رأي الوزراء، ويُنتخب الباقون، وتكون مدة ولاية عضو مجلس الشيوخ 6 سنوات.