وزراء إلى المحاكمة وتشكيلات أمنية شاملة

كتب سامر زريق في “نداء الوطن”:
تدهور الأمن المجتمعي في الحواضر والأرياف السنية شمالاً أتاح لـ “حزب الله” ورهطه الدخول على خط الاستثمار والتوظيف لإثارة الأحقاد والنعرات، كما حصل مؤخراً غداة تمرّد الساحل السوري، مستغلاً في ذلك ضعف آليات اتخاذ القرار، وأكثر منها، الوهن السياسي المستفحل عند النخب السنية، والتراخي في مواجهة بعض العادات المُحدثة التي صارت جزءاً من ثقافة طرابلس امتداداً نحو عكار، مثل سفك الدماء لتوافه الأسباب، والتخاطب بالسلاح، وفرض الخوات، ووضع اليد على الأملاك، وزمر الميليشيات التابعة لأصحاب مولدات ورموز شعبيين، حتى صار كل منهم يعدّ نفسه “صاحب الدولة”.

لذلك كان لِزاماً على رئيس الحكومة نواف سلام أن تكتسي زيارته الأولى إلى طرابلس وعكار بطابع أمني، وإن كانت غير قاصرة عليه، بل تشمل لقاءات مع نواب ونخب، وزيارة مطار القليعات، في رسالة تؤكّد عزم حكومته على تطبيق ما تعهدت به في بيانها الوزاري بخصوص المطارات، وبأنها لن تدع قطّاع الطرق يحكمون طرابلس وعكار، بل ستعمل على كيّ هذا الداء العضال قبل تمدّده في الجسد اللبناني، ولا سيما بعدما ظهرت إشارات على ذلك في جيوب هنا وهناك، أغلبها سنية.

وهذا ما يستوجب حصول إصلاحات جدية وتغييرات عميقة بدأت تظهر ملامحها من خلال تعيينات قادة الأجهزة الأمنية، والحزم الذي أظهره اللواء إدغار لاوندس في أمن الدولة سريعاً، من ناحية ضبط ظواهر المرافقات المتضخمة في العناصر والسيارات، وإعادة ترسيخ مفهوم الانضباط العسكري ضمن دوائر الجهاز نفسه، فيما تشير المعلومات إلى ملف السلاح الذي بيع منه الكثير “على الطريق”.

في موازاة ذلك، تحتاج الأجهزة الأمنية إلى نفضة يعمل عليها رئيس الجمهورية وفريقه، بالشراكة مع رئيس الحكومة، الذي يركز في خطابه على ضرورة إعادة الثقة بكوادر الدولة الوظيفية، لتطبيق قرار الدولة الحاسم بضبط الأمن في الشمال، من خلال تشكيلات شاملة تطال كل الأجهزة والأفرع خلال شهرين في الحد الأقصى حسب المعلومات، على عكس ما تحاول بعض القيادات الأمنية ترويجه من أن التغييرات لن تطالها.

ولأن الإصلاح بلا محاسبة جدية يبقى مشوباً بعيب يقوّض منسوب الثقة، فإن مسيرة المحاسبة انطلقت فعلياً من عقر دارها، أي القضاء، بعدما جرى توقيف قاضٍ في قضية تعود لسنوات، في رسالة بأن سيف المساءلة أُخرج من جرابه ويمكنه أن يطال الجميع، حتى لو كان نائباً أو وزيراً كما هو الحال مع فتح ملف الوزيرين السابقين أمين سلام وجورج بوشيكيان.

وكذلك الحال بالنسبة لوزير داخلية حكومة ميقاتي، بسام مولوي الذي أعيد إلى الواجهة طرح شكوى في التفتيش القضائي ضده، تلك الشكوى قدمت، عبر نقيب المحامين الأسبق في الشمال، فادي غنطوس، بوكالته عن العائلة المتضررة في اعتداء مسلح قتل بنتيجته رب العائلة عمداً، بسبب حكمه حينما كان رئيس “محكمة جنايات الشمال” بإطلاق سراح الجاني.

كما تشير معلومات “نداء الوطن” إلى محاكمة قيادات كانت حتى الأمس القريب تتولى مسؤوليات أمنية واستخباراتية رفيعة حيث ستُفتح ملفاتها أمام القضاء، من بينها مسؤول أمني سابق في قضية إعادة أموال إعمار “مخيم نهر البارد” والتي تفوح منها رائحة فساد بملايين الدولارات.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى