عكار تحت وطأة أعباء النازحين الجدد

كتبت ماريا موسى في “نداء الوطن”:
لطالما شكل لبنان الملاذ الآمن للسوريين الهاربين من الظلم الذي يلاحقهم منذ سنوات، فكيف لا تكون عكار الجارة القريبة من الحدود اللبنانية السورية كذلك، وهي التي لم تتوان يوماً عن استقبال النازحين على الرغم من الوضع الاقتصادي الهش في المنطقة؟
في الأيام الماضية تحوّلت منطقة عكار إلى ملاذ للنازحين الذين هربوا من مناطق الساحل السوري (طرطوس، بانياس، اللاذقية) بعد المواجهات العنيفة التي حصلت بين قوات الحكومة السورية الحالية (هيئة تحرير الشام) وقوات الجيش السابق أو ما يسمى بـ”فلول” النظام والعشائر العلوية.
هرب العلويون والمسيحيون من قسوة الإجرام والتفلّت الأمني إلى القرى اللبنانية الشمالية، ولجأوا إلى منازل أقاربهم أو أصدقائهم، وتحديداً في عكار عبر المعابر غير الشرعية في ظل غياب أي إجراء أو إحصاء رسمي لعدد الوافدين نظراً إلى أن المعابر الشرعية ما زالت مقفلة منذ الاعتداء الاسرائيلي عليها.
دخل حوالى 10 آلاف نازح سوري أكثريتهم من طرطوس إلى محافظة عكار وفق آخر إحصاء لغرفة الكوارث والأزمات. وتوزعوا بين القرى (السماقية وحكر الظاهري والمسعودية والريحانية وتلبيرة والحيصة)، وعبروا إلى لبنان عن طريق ممر العريضة البحري وممر الجسر الروماني في حكر الظاهري، ومعابر برية أخرى موجودة في عكار بحسب محافظ عكار عماد اللبكي الذي لفت إلى أنه اجتمع مع بلديات المناطق التي نزح إليها السوريون (المسعودية، تلبيرة، الريحانية، العريضة، تل عباس الشرقي، الحيصة، ضهر القنبر) ذات الأغلبية العلوية، وطلب منهم تقريراً مفصلاً عن العدد النهائي للنازحين لمعرفة احتياجاتهم. وكان العديد من هؤلاء هربوا بسرعة من مناطقهم من دون أي شيء من حاجياتهم. وأكد اللبكي أنه لا يمكن إحصاء السوريين الهاربين بعدما دخلوا لبنان عبر المعابر غير الشرعية، ومنهم من لديه أقارب في لبنان ليسكن عندهم.
أما عن المساعدات، فيقول اللبكي إن الوضع سيئ فالعائلات تحتاج إلى الملبس والمواد الغذائية والدواء علماً أننا بدأنا كغرفة كوارث عكار بالتعاون مع الجمعيات كالـ NFCR ، UNDP، الصليب الأحمر وWFP، بتوزيع الفرش والبطانيات والطعام، ومواد التنظيف على النازحين حتى لا تنتشر الأمراض بينهم.
ووصف رئيس بلدية تلعباس الشرقي محسن صالح وضع النازحين السوريين بأنه “كارثي”، ويروي كيف تصل العائلات هرباً مما سماه “الإعدام الطائفي”. لافتاً إلى أنهم يفتقرون إلى كل شيء، طالباً المساعدة من المفوضية ومن الجهات الرسمية للمساعدة أقله في تأمين المواد الغذائية، علماً أن أهالي البلدة لم يوفروا أي مساعدة كي يقدموها. لكن الأوضاع المعيشية أساساً صعبة على المواطنين فكيف الحال مع النازحين؟
ما يحصل اليوم على الحدود الشمالية للبنان ليس وليد صدفة، بل هو مخطط منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، يوم صُنِّف المواطن بين مؤيد للنظام ومعارض له. وأفضت جولات عديدة بين اللبنانيين والسوريين إلى اعتبار الجار اللبناني الذي لطالما ساند الدولة الشقيقة آنذاك على أنه العدو نظراً لاختلاف الطوائف والحكم السوري اليوم.
ويقول رامي الهارب مع عائلته إلى بلدة الحيصة “إن ما يحصل في الساحل السوري هو عملية تصفية لطائفة بحد ذاتها، تنفذ الإعدامات بشكل علني أمام أعين السوريين وكأن العلويين هم الشياطين لدى هيئة تحرير الشام”.
أمام مشهد ما يجري اليوم على الحدود الشمالية والشرقية بين لبنان وسوريا هل يهدد الاحتقان الطائفي بحرب جديدة؟