العلويون في سوريا: من حلم الدولة إلى معركة البقاء بعد سقوط الأسد

تشهد سوريا منذ يوم الخميس الماضي أعنف المعارك منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، مع تصاعد ظهور فصائل ومجموعات مسلحة في مناطق الساحل السوري. وأعلنت السلطات السورية يوم السبت تعزيز انتشار قوات الأمن في هذه المناطق للسيطرة على الوضع، إثر مقتل مئات المدنيين العلويين على يد قوات الأمن والمجموعات الرديفة، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

يشكل العلويون نحو 9% من سكان سوريا، وتوجد أغلب تجمعاتهم في محافظتي اللاذقية وطرطوس، بالإضافة إلى مناطق أخرى في حمص وحماة وريف دمشق. ارتبطوا تاريخياً بحكم عائلة الأسد، وشغلوا مناصب رفيعة في الدولة والجيش، لكن الحرب تركت آثارها عليهم حيث فقد العديد منهم في المعارك، ما دفع بعض الشباب للبحث عن طرق لتجنب التجنيد الإجباري.

العلويون كانوا مرتبطين بمناطق الساحل السوري التي شهدت إنشاء “دولة جبل العلويين” خلال الانتداب الفرنسي في عام 1920، والتي استمرت حتى عام 1936، حيث تم دمجها لتصبح جزءاً من الدولة السورية. الطائفة العلوية، التي كانت تعرف في البداية بـ”النصيريين”، عرفت من قبل الفرنسيين بهذا الاسم تمييزاً لها عن المسلمين الشيعة، ولم يُعترف بها كطائفة مسلمة رسمياً إلا في عام 1932 بعد فتوى من مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني.
ومع صعود حزب البعث عام 1963، تولى حافظ الأسد السلطة في 1970، ما سمح للعلويين بالاستفادة من مناصب رفيعة في الجيش والمخابرات.

خلال سنوات الثورة السورية، تردد طرح فكرة إقامة “دولة علوية” يمكن أن تكون ملاذاً لبشار الأسد، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرة هذه المناطق على الاستمرار كمشروع انفصالي. من الناحية الاقتصادية، تفتقر هذه المناطق إلى صناعة قوية، ولا تحتوي على احتياطيات نفطية، كما أنها ستكون محاصرة من القوى السنية التي تسيطر على باقي البلاد.
الدول الإقليمية الكبرى مثل تركيا وروسيا وإيران ستكون حريصة على منع قيام أي كيان علوى منفصل، بينما ستظل القوى الخارجية مثل روسيا وإيران وحزب الله في موقف حرج بخصوص علاقتها مع العلويين في حال نشوء هذا الكيان.

بحسب بعض المحللين، يشكل تصاعد التوترات في المناطق الساحلية تحدياً محلياً كبيراً، حيث قد تفتح المعارك الأخيرة الباب أمام توترات تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. ويشبه الباحثون الوضع في هذه المناطق بـ”قنبلة موقوتة”، إذ يشعر الجميع بأنهم تحت تهديد، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني في ظل تصاعد العنف والمواجهات بين الأطراف المختلفة.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى