مشهدٌ قاتم وأزمة على طرقاتنا… فهل يحلّها البيان الوزاري؟

كتبت بولين فاضل في “الأنباء الكويتية”: المشهد اليومي الصادم وغير المسبوق على طرقات لبنان، هو مشهد مئات الدرجات النارية التي تزاحم السيارات وتقفز و«تطير» من كل الجهات وتمارس الاستعراضات البهلوانية، فتكون الحصيلة الطبيعية أرواحا تزهق بفعل الصدامات المرورية والقفز فوق القانون.

وإذا كانت تقديرات الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين تفيد عن رقم كبير للدراجات النارية في لبنان هو 600 ألف دراجة (تم استيراد 400 ألف دراجة بين 2020 و2024 فيما كان العدد في العام 2020 نحو 230 ألف دراجة)، فإن الحاجة في ضوء ذلك تبدو أكثر إلحاحا لتضرب «الدولة» في العهد الرئاسي الجديد، بيد من حديد وتضع حدا للتفلت من أي رادع أو قانون، لاسيما أن السواد الأعظم من السائقين غير مستحصل على رخصة قيادة ورخصة دراجة، في موازاة جهل أو تجاهل لأدنى قواعد قيادة الدراجات.

وفي خضم التهاون والظرفية في تطبيق قانون السير منذ صدوره في العام 2012، ثمة نور لاح حديثا في المشهد المروري القاتم، إذ أتى البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، وفي سابقة في تاريخ مثل هذه البيانات، على ذكر السلامة المرورية حيث جاء فيه «توفير ما تحتاج اليه قوى الأمن الداخلي (…) وصولا إلى تطبيق القوانين الخاصة بالسلامة المرورية».

أمين سر المجلس الوطني للسلامة المرورية رمزي سلامة قال في حديث إلى «الأنباء» إن «الإشارة ولو بكلمتين إلى السلامة المرورية في البيان الوزاري تظهر اهتماما بسلامة الناس، وهذا أمر إيجابي، وقد أبلغنا الرئيس سلام ترحيبنا بذلك».

وأكد سلامة أن «سائقي الدراجات النارية يفتقرون إلى ثقافة السلامة المرورية وسلوكياتها، فيقودون بتهور على الطرقات ويقومون بحركات بهلوانية ويمرون بشكل متعرج بين السيارات». وأضاف «كما أنهم لا يضعون خوذات الحماية في وقت هم معرضون أكثر من سواهم للصدمات القوية التي قد تؤدي إلى الوفاة أو إلى أضرار جسيمة في الرأس والرجلين واليدين والرقبة.. في دول العالم، ثمة إصرار ليس فقط على الخوذة، وإنما أيضا على كفوف خاصة وصدرية، على أن تكون الزنود محمية بألبسة جلدية أو أقمشة أو ألبسة خاصة. مع الأسف، نفتقد كل ذلك في لبنان لأن الثقافة والسلوكيات المرورية غير قائمة، فضلا عن أن كثيرين لا يملكون رخص قيادة أو أنهم حصلوا عليها من دون اكتساب المعرفة اللازمة في هذا الخصوص والتحسس بالمسؤوليات وإدراك المخاطر. وفي هذه الحالات، على القوى الأمنية أن تتدخل وتردع المخالفات والسلوكيات الخاطئة، وهذا أمر غير قائم مع الأسف لعدم قدرة قوى الأمن الداخلي بشكل خاص على تلبية كل الاحتياجات في هذا الصدد، بسبب عدم توافر العدد الكافي من الأفراد القادر على تغطية كل المناطق اللبنانية».

وعما إذا كان بالإمكان تغيير سلوكيات سائقي الدراجات النارية، قال سلامة: «المسألة صعبة ومعقدة، وفي وقت يمكن تغيير سلوكيات مستخدمي الطرقات الآخرين، يبدو تغيير سلوكيات سائقي الدراجات النارية من أصعب الأمور التي نواجهها كمجلس وطني للسلامة المرورية. وإذا أردنا نتائج سريعة، لابد من تشدد القوى الأمنية وشرطة البلديات في معاقبة كل تصرف خاطئ لا يراعي أصول السلامة المرورية».

منذ صدور قانون السير الجديد في لبنان في العام 2012 والحكومات المتعاقبة لم تفعل شيئا في إطار دورها الردعي لتطبيقه. ويبدو لبنان خارج سرب الدول الساعية في كل العالم لتخفيض ضحايا السير. غير أن المياه الراكدة في ملف السلامة المرورية تحركت مع بدء العهد الجديد وإشارة البيان الوزاري إلى أهمية السلامة المرورية.
ويقول المعنيون بهذا الملف إن اجتماعا سيعقد في الأيام المقبلة مع رئيس الحكومة نواف سلام لتبيان مدى استعداد الحكومة لتبني هذا الملف، والالتزام بتفعيل عمل المجالس والهيئات الوطنية المعنية بالمساهمة في إزالة تسمية طرقات الفوضى والموت من قاموس الطرقات اللبنانية.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى