هل هيئة تحرير الشام قادرة على بناء سوريا جديدة؟.. تقرير لـ”National Interest” يكشف

 ذكر موقع “The National Interest” أنه “في كانون الأول 2024، شنت هيئة تحرير الشام هجوما مفاجئا ضد قوات الجيش السوري، مما أدى إلى انهيار نظام بشار الأسد وهروبه إلى روسيا. وقد شكل هذا الامر لحظة تاريخية للشعب السوري، الذي عانى عقودا من القمع والتدخلات الأجنبية. وبالنسبة للمنطقة، التي عانت طويلا من تحالفات النظام مع إيران وروسيا، شكل هذا أيضا نعمة.

وباعتبارها الحاكم الفعلي لدمشق، حاولت هيئة تحرير الشام إعادة تسمية نفسها كجماعة معتدلة قادرة على الحكم، سعيا إلى إبعاد نفسها عن تاريخها من التطرف والإرهاب. ومع ذلك، تظل سوريا مجزأة بشدة، مع وجود العديد من الجماعات المسلحة التي تسعى إلى تحقيق أجندات متنافسة، مما يزيد من تعقيد الأزمة الهشة بالفعل”. وبحسب الموقع، “في الآونة الأخيرة، أعلنت هيئة تحرير الشام عن تشكيل حكومة انتقالية مدتها تسعون يومًا، مصحوبة بخطاب يروج للتعددية والتحول الديمقراطي وحماية الأقليات، في محاولة واضحة للحصول على الشرعية الدولية. ومع ذلك، يكمن تاريخ من العنف وطموحات للسيطرة المطلقة، مما يثير مخاوف جدية بشأن النوايا الحقيقية لهيئة تحرير الشام ومستقبل سوريا تحت حكمها.

يمثل هذا التحول معضلة حرجة للمجتمع الدولي: كيف يمكنه دعم الشعب السوري دون إضفاء الشرعية على جماعة كانت الأمم المتحدة، حتى تموز 2024، تدرجها على قائمة الجماعات الإرهابية السائدة في شمال غرب سوريا؟”. وتابع الموقع، “على الرغم من محاولات هيئة تحرير الشام إظهار موقف معتدل، فإن حكمها في إدلب يكشف عن واقع مختلف تمامًا، يتسم بسياسات قمعية تتناقض مع روايتها العامة. وقد وثق تقرير صادر عن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا انتهاكات ممنهجة للحريات المدنية من قبل هيئة تحرير الشام، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية وتعذيب النشطاء والصحفيين والمدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال الذين يعبرون عن معارضتهم. وفي مواجهة ضغوط داخلية وخارجية متزايدة، حاول زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع تهدئة التوترات من خلال دعوات الحوار والوعود بالإصلاح.

ومع ذلك، لم تشير هذه الجهود إلى تغيير حقيقي”. وأضاف الموقع، “ما كان ينبغي أن يكون حكومة انتقالية سورية هو في الواقع نظام تهيمن عليه هيئة تحرير الشام ويسيطر عليه شخصيات موالية للشرع. وتشمل التعيينات الرئيسية شقيقه وزيراً للصحة، ورجالاً أقوياء موالين له مثل أسعد الشيباني، ومرحب أبو قصرة، وأنس خطاب، وشادي الويسي، وهم جميعاً لديهم تاريخ من العنف والتطرف”.

وبحسب الموقع، “إن الجهود السريعة التي بذلها أحمد الشرع لإعادة صياغة صورته وعلامة هيئة تحرير الشام تتبع نمطاً مألوفاً بين الجماعات الإسلامية، حيث يمزج الخطاب المحسوب بالإيماءات الرمزية لجذب الغرب. إن تكتيكات هيئة تحرير الشام تتوافق بشكل وثيق مع استراتيجيات الجماعات الإسلامية الأخرى، وإن كانت هناك اختلافات دقيقة بينها. فبعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، بدأت حركة طالبان بوعود الاعتدال ولكنها سرعان ما عادت إلى سياسات القمع. وعلى نحو مماثل، استغلت حماس في غزة العمليات الديمقراطية للوصول إلى السلطة قبل فرض الحكم الاستبدادي. وفي تركيا، أظهر الرئيس رجب طيب أردوغان كيف يمكن توجيه النظام الديمقراطي العلماني تدريجيا نحو نظام استبدادي إسلامي. وتسلط هذه الأمثلة الضوء على النهج الانتهازي التدريجي المشترك للجماعات الإسلامية”.


وتابع الموقع، “على مدى الشهر الماضي، كان هناك تفاعل دبلوماسي كبير مع الحكام الفعليين لسوريا. وهذا التفاعل ضروري لتخفيف معاناة الشعب السوري وملء الفراغ الذي خلفه تضاؤل نفوذ إيران وروسيا. بالإضافة إلى ذلك، تسعى بعض القوى الإقليمية إلى مواجهة النفوذ الإيراني وتأسيس موطئ قدم سنيّا في المشهد السوري الناشئ مع تجنب السيطرة التركية الحصرية.

إن منح الشرعية لهيئة تحرير الشام يشكل تهديدًا كبيرًا للأمن الإقليمي والدولي، والدروس المستفادة من تخفيف العقوبات على إيران مفيدة. استخدمت إيران هذه الموارد الإضافية لتمويل الجماعات المسلحة مثل حزب الله والحوثيين، مما أدى إلى تفاقم عدم الاستقرار في كل أنحاء المنطقة. وعلى نحو مماثل، سمح شطب الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية بحجة ضمان المساعدات الإنسانية لهم باستغلال هذا التساهل، وتعزيز قدراتهم الهجومية، واستهداف ممرات الشحن الدولية، وإطلاق الصواريخ على إسرائيل. إن الخطر الكامن في إضفاء الشرعية على هيئة تحرير الشام يتجاوز إعادة فرض الحكم الإسلامي المتطرف في سوريا. فهو يشكل تهديداً أخلاقياً وأيديولوجياً ويشكل سابقة خطيرة قد تشجع الجماعات المتطرفة على استخدام العنف والإرهاب كوسيلة للوصول إلى السلطة”.

وأضاف الموقع، “إن تخفيف معاناة الشعب السوري يتطلب رؤية موحدة من الشركاء الدوليين والإقليميين، مرتبطة برفع تدريجي للعقوبات في مقابل خطوات ملموسة من جانب الحكومة. إن العملية السياسية الشاملة المتجذرة في الملكية السورية ضرورية، ويجب أن تعكس التنوع المجتمعي والديني والطائفي في البلاد مع إعطاء الأولوية لجهود مكافحة الإرهاب لمنع سوريا من أن تصبح ملاذًا آمنًا للعناصر المتطرفة. إن الرقابة الصارمة على تصرفات هيئة تحرير الشام أمر ضروري لفرض معايير حقوق الإنسان وتجنب خطر تحول سوريا إلى مركز جديد للتطرف “.

وختم الموقع، “إن الوضع الحالي في سوريا يمثل فرصة نادرة لإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية. ومع ذلك، فإن التعامل مع هيئة تحرير الشام يتطلب الحذر الشديد لتجنب إضفاء الشرعية على الإرهاب. وإذا تم إدارة المرحلة الانتقالية بحكمة، فإن سوريا لديها القدرة على الظهور كنموذج لإعادة البناء السياسي والاجتماعي، وتقديم مثال للتعافي الإقليمي بدلاً من الانحدار إلى التطرف والإرهاب”.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى