سعد الحريري في بيروت… هل تمهّد ذكرى “العشرين” لعودة دائمة؟
![](https://dailynewslb.com/wp-content/uploads/2024/02/UYCTOGZHAK.jpg)
“كل شي بوقتو حلو”.. قالها الرئيس سعد الحريري خلال زيارته إلى بيروت قبل عام بالتمام والكمال، حين سئل عن إمكانيّة العودة عن قراره تعليق العمل السياسي، خصوصًا بعدما ظهر بـ”نيو لوك”، وفتح داره أمام الناس، ومدّد إقامته فيها لعدّة أيام، بعدما اقتصر إحياؤه لذكرى اغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، في السنوات السابقة، على قراءة الفاتحة على الضريح، من دون أيّ نشاطات ذات طابع سياسيّ، أو حتى شعبيّ.
لكنّ عودة الحريري إلى بيروت هذا العام، في الموعد الذي بات أقرب إلى تقليد سنويّ، تبدو مختلفة في ظروفها وحيثيّاتها وكذلك مضامينها، فتيار “المستقبل” بدأ منذ أسابيع التحضير لذكرى الرابع عشر من شباط، كما كان يفعل في السنوات الأولى، وصولاً إلى المرحلة الأخيرة ما قبل تعليق العمل السياسي، وهو ما يعبّر عنه خير تعبير، الشعار الذي اختاره للذكرى، وهو “بالعشرين عالساحة راجعين”، مع ما ينطوي عليه من “نوستالجيا”.
وفي وقت ليس خافيًا على أحد أنّ تيار “المستقبل” يعمل بكلّ السبل المتاحة منذ أيام على “تحشيد” جماهيره وأنصاره في مختلف المناطق اللبنانية، من أجل تأمين مشاركة شعبيّة واسعة، يترقّب كثيرون الخطاب الذي سيدلي به الحريري، والذي تؤكد المعطيات أنّه سيكون أول خطاب سياسي للرجل منذ قراره تعليق العمل السياسي، وهو ما يدفع الكثيرين إلى التساؤل عمّا إذا كانت ذكرى “العشرين” تمهّد لكسر هذا القرار، وبالتالي لعودة “دائمة وثابتة” إلى السياسة..
لا جواب “حاسمًا”
يقول العارفون إنّ من الصعب الوصول إلى جواب “حاسم” على هذا السؤال في الوقت الحالي، ولو أنّ كلّ المؤشّرات تدلّ على أنّ ثمّة شيئًا ما يُطبَخ في الكواليس، بدليل “الاستنفار الكبير” لتيار “المستقبل” للتعامل مع ذكرى اغتيال المؤسّس، رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، بشكل مختلف عن كلّ السنوات المقبلة، وخصوصًا من خلال العودة إلى الميدان، وإلى “الساحة”، وكأنّ هناك من يريد تحويل الذكرى إلى “استفتاء” في مكانٍ ما، إن صحّ التعبير.
وفقا لهؤلاء، فإنّ الشيء “الثابت” حتى الآن، أو “المحسوم” إن صحّ التعبير، هو أنّ عودة الحريري باتت مطروحة فعليًا على “الأجندة”، وأنّ احتمال حصولها بات أكبر من أيّ وقتٍ مضى، ولو أنّ هناك من يتحدّث عن بعض المعوّقات التي لا تزال تؤخّرها، أو تحول دون حصولها، علمًا أنّ مجرّد خروج الحريري يوم الجمعة المقبل، بخطابٍ سياسي شامل كما أصبح معروفًا، يشكّل “خطوة أولى” في مسار العودة، سواء كان سريعًا أو بطيئًا.
ويشير العارفون إلى أنّ الظروف التي تحيط بـ”زيارة” الحريري تعزّز هذا الاعتقاد، بعد المتغيّرات الكبرى التي عصفت بالمنطقة والإقليم، والتي تنسجم إلى حدّ بعيد مع “متطلّبات العودة” التي ألمح إليها الرجل في خطاب الاعتكاف، سواء داخليًا، مع انطلاقة “العهد الجديد”، وفق أسُس “تغييرية” بصورة أو بأخرى، أو إقليميًا، على وقع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، إضافة إلى التراجع الذي استجدّ على الدور الإيراني في المنطقة.
السيناريوهات المطروحة
استنادًا إلى ما تقدّم، ستكون الأعين مشدودة إلى الحضور الجماهيري الذي سيشارك في ذكرى اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، لما قد يحمله من دلالات حول الحضور “المستقبلي” المستمرّ رغم غياب “القائد”، إن صحّ التعبير، لكنّ الآذان ستكون أيضًا مشدودة إلى الكلمة التي سيلقيها الحريري، والتي يُعتقَد أنّ كلّ حرف فيها سيكون مدروسًا بعناية، لتحديد معالم المرحلة المقبلة، والأهمّ من ذلك التعاطي “المستقبليّ” معها.
وفي وقت تحرص أوساط تيار “المستقبل” منذ أيام على تسريب أنّ كلمة الحريري المنتظرة ستحمل “الإجابات الكاملة” على كلّ تساؤلات الناس، يُحكى عن أكثر من “سيناريو” على مستوى التبعات الممكنة، من بينها أن تفتح الكلمة “صفحة جديدة” في سيرة سعد الحريري، علمًا أنّ الرجل استبقها في المرحلة الأخيرة بعدّة مواقف سياسية عبر حسابه على منصّة “إكس”، بعدما اقتصرت تدويناته سابقًا على التهاني والتعازي إلى حدّ بعيد.
لكنّ السيناريو الذي يبقى الأكثر ترجيحًا، وفقًا للعارفين، فيستند إلى تقدير أنّ كلمة الحريري المنتظرة ستفتح الباب أمام عودة تيار “المستقبل” إلى الشأن العام بصورة تدريجية، من دون أن يعني ذلك عودة “ثابتة” للحريري من “غربته القسرية”، وهي عودة يعتقد كثيرون أنّها ستبقى مؤجّلة حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة بالحدّ الأدنى، التي يمكن أن تشكّل “المفصل الحقيقي” على مستوى العودة إلى النشاط السياسي، بعد انتهاء ما يمكن وصفه بـ”المرحلة الانتقالية”.
“كل شي بوقتو حلو”، قالها الحريري قبل عام، لكن هل حان هذا الوقت؟ الظروف توحي بذلك، فالبلاد دخلت مرحلة جديدة، مع انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة، على وقع متغيّرات هائلة حدثت على مستوى الإقليم، منذ السابع من أكتوبر. لكنّ الظروف وحدها قد لا تكفي لتكريس عودة يريدها الحريري كما جمهوره “ثابتة”، فهل تكون تظاهرة “بالعشرين عالساحة راجعين”، الباب الذي سيُفتَح على مصراعيه لمثل هذه العودة؟!