سلام مستمر في مسار التأليف رغم انتقادات “الشركاء”… والحكومة هذا الأسبوع

كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الأوسط”:
لا يزال رئيس الحكومة المكلف نواف سلام يسير قدماً في عملية تأليف الحكومة، التي تؤكد مصادره أنها ستبصر النور هذا الأسبوع، رغم الانتقادات والحملة التي تشنّ عليه في الساعات الأخيرة، ولا سيما من قِبل الكتل والنواب الذين سمّونه في الاستشارات النيابية لاختلافات في وجهات النظر حول كيفية إدارة مباحثات التشكيل.

وتدور هذه الانتقادات في خانة المطالب والشروط التي يضعها كل طرف للحصول على حصة في الحكومة، وهي التي تضعها مصادر مقربة من سلام في خانة «الضغوط الإضافية التي لا تقدم ولا تؤخر»، مؤكدة «أن القطار يسير والحكومة التي تلقى دعماً وحماسة دولية سترى النور هذا الأسبوع، وهذه الحملة المبرمجة عليه لعلمهم أن تأليف الحكومة بات في مراحله الأخيرة».

وفي حين تؤكد المصادر أن المباحثات مستمرة مع كل الأفرقاء مع تمسك الرئيس المكلف بالمعايير التي وضعها، تستغرب الحملة التي لن تغير شيئاً، من قبل «الشركاء»، وتسأل «إذا اعتذر سلام فمن سيكون الخيار البديل؟».

وبعدما باتت الحكومة التي ستتألف من 24 وزيراً رشّحت أسماءهم الكتل النيابية، شبه جاهزة مع تجاوز سلام ما تُعرف بـ«عقدة الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) الذي يطالب بالحصول على حصة من خمسة وزراء ضمنها وزارة المال، أصبح الاصطدام اليوم بعقدة القوى المسيحية، وتحديداً «التيار الوطني الحر»، وحزب «القوات اللبنانية» الذي يطالب بوزارة الخارجية، ويدعو إلى «وحدة المعايير»، فيما تؤكد مصادر سلام على أن المباحثات مع «القوات» ومع كل الأفرقاء مستمرة، ولا بد من الوصول إلى حل.

ودعا رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الرئيس المكلف «الذي كان رئيساً لمحكمة العدل أن يعتمد العدل في تشكيل الحكومة»، مشدداً على أنه «من الضروري الأخذ بعين الاعتبار أن تراعي الحكومة المرتقبة التوازنات النيابية؛ لأنها تحتاج إلى دعم مجلس النواب وثقته». ولفت إلى أنه لا يسعى إلى الحصول على الثلث المعطل مع أي فريق آخر، وقال: «الحزبي لا يعني أنه ميليشياوي بالضرورة، ويجب أن تستند تسمية الوزراء على تمثيل سياسي مدعوم من كتل نيابية». وأكد في الوقت عينه: «نحن من الداعمين لرئيس الجمهورية وللرئيس المكلف، ولا يمكن أن نسهم في تطيير الحكومة الأولى للعهد».

«القوات» تهدد بعدم منح الحكومة الثقة
وفيما أكدت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط» أن المشاورات مستمرة مع رئيس الحكومة المكلف، رافضة «التداول بالتفاصيل بالإعلام»، قال النائب في الكتلة غياث يزبك، أن «(القوات) لن يشارك في الحكومة المرتقبة وسيحجب الثّقة عنها إذا لم يتلق التوضيحات التي يحتاجها»، مشيراً إلى أن «(القوات) لم يحسم موقفه النهائي بعد، بانتظار ما سيقدمه الرئيس المكلف، وهو منفتح على أي خطوات من شأنها إنجاح العهد وإنقاذ البلد».

وأوضح يزبك في حديث إذاعي أن «المعضلة أعمق من نوعية وعدد الحقائب، فـ«القوات» يطالب بمعرفة وجهة الحكومة، وأول استحقاق أمامها حول القرار «1701» في اليوم التالي للثامن عشر من شباط، أما المهمة الثانية فهي إصلاحية، وهذا ما يحتم ألا نبدأ بحكومة عرجاء، بالإضافة إلى الاعتراض على معايير الرئيس المكلف والكيل بمكيالين، حيث فرض كل «حزب الله» و«حركة أمل» أسماء وزراء فرضاً على سلام.

واتهم يزبك سلام بإقصاء «القوات»، سائلاً: «على أي أساس يُقصينا الرئيس سلام فيما يُلبي مطالب الآخرين؟ وكيف ستكون علاقة الحكومة مع مجلس النواب وسط سيل الاعتراضات على التشكيلة الحالية؟».

كذلك دعا حزب «الطاشناق» سلام «إلى مقاربة التأليف بمعايير موحّدة، تضمن مؤازرة القوى النيابية والسياسية والشعبية لمسيرة عمل حكومته العتيدة»، فيما دعا النائب ميشال دويهي الرئيس المكلف إلى «إعادة تصحيح المسار»، رافضاً التسليم بتوزير مرشح الثنائي في وزارة المالية، ومؤكداً أنه «لا ثقة بحكومة يشارك فيها (الثنائي).

لقد خضنا معركة شرسة، أنا ورفاقي، لإيصال نواف سلام لرئاسة الحكومة، ونحن عن قناعة راسخة بأنه، بشخصيته وخبرته ونزاهته، يمتلك القدرة على الإسهام في تمهيد الطريق أمام خطاب القسم الرئاسي، الذي حظي بتأييد واسع من اللبنانيين، وعلى المباشرة بتطبيق كل القرارات الدولية، ومنها (1701)…

من جهته، حذّر حزب «الكتائب» من استخدام توقيع وزير المال، والتمثيل الطائفي، والثلث المعطل لشل عمل الحكومة. وعدّ «الكتائب» في بيان بعد اجتماع مكتبه السياسي برئاسة النائب سامي الجميل أن «المنحى الذي بدأت تأخذه عملية تشكيل الحكومة، والشروط التي توضع، والمطالب التي تبرز ليست مريحة ولا تصب في مصلحة لبنان ولا العهد»، وشدّد على أنه «أخذ عهداً على نفسه بأن يكون غير معرقل لتشكيل الحكومة، وأن يواكب مهمة التشكيل بإيجابية على أن تكون التركيبة متجانسة أمام الملفات الكبرى التي تنتظرها، وأن تأتي خالية من أي أفخاخ داخلية تقوّض عملها، حرصاً على انطلاقة سريعة للعهد، وكسباً لثقة الداخل والخارج». ومن هنا يجدد تحذيره للرئيس المكلف ورئيس الجمهورية من أي معادلة يمكن أن تُستخدم لشل عمل الحكومة، مثل استخدام توقيع وزير المال، والتمثيل الطائفي، والثلث المعطل لتقويض عمل الحكومة. وتبقى الأولوية، بداية ونهاية، حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، ليبقى السلاح بيد الجيش وقوى الأمن الداخلي حصراً.».

وعلى وقع الحملة التي شنّت على سلام في الساعات الأخيرة، دعا النائب مارك ضو، المقرب من سلام والمطلع على مباحثات التأليف، الأصدقاء والحلفاء، إلى أن يدركوا حجم الانتصارات بهذه الحكومة، وألا ينغصوا فرحتهم بهواجس من مرحلة سابقة، وأن يعلموا أن ما يكسبوه هو أحلامهم منذ عشرات السنوات.

وأوضح ضو عبر منصة «إكس»، مشيراً إلى أن هذه الانتصارات تتمثل بعدة أمور في حكومة سلام، أبرزها، أنه «لأول مرة منذ 1990 لن يكون هناك أي شرعية بالبيان الوزاري لسلاح خارج الدولة والأجهزة الأمنية، ولن يكون هناك احتكار لوزراء طائفة من قبل الثنائي أو أي فريق طائفي آخر، ولن يكون هناك ثلث معطل يهدد به رئيس الحكومة، ويخضع به لإرادة أحزاب تهيمن على حكومته».

ولفت إلى أنه في حكومة سلام: «لن يفرض، لأول مرة منذ عام 2008، الثنائي أو أي فريق آخر على رئيس الحكومة أي اسم وزير، بل يطرح الكل اقتراحات أو يقدم لرئيس الحكومة خيارات، ويقرر الرئيس المكلف هو التشكيل بالصيغة النهائية».

وبعدما بات معلوماً أنه تم الاتفاق بين سلام و«الثنائي» على تولي الوزير السابق ياسين جابر وزارة المالية، ذكر ضو أن للأخير مواقف معروفة ضدّ «حزب الله» وأُبعد عن لوائح حركة «أمل الانتخابية» عام 2022، وأن كل أمواله وثروة عائلته خارج لبنان وعُرضة لعقوبات إدارة ترمب، وصاحب خبرة تشريعية، وعلاقات خارجية، ومالية واقتصادية».

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى