تبادل أراضٍ بين لبنان وإسرائيل… وتسويق للسلام؟
كتب نادر حجاز في موقع mtv:
تشارف مهلة الستين يوماً من اتفاق وقف إطلاق النار على الإنتهاء، وقام العدوّ الإسرائيلي بالانسحاب من عددٍ من البلدات التي دخلها الجيش اللبناني وانتشر فيها. لكن، في المقابل، يستمرّ باحتلال أراضٍ لبنانية والتوغّل في عدد من القرى وتنفيذ عمليّات تفجير وشنّ غارات. فهل سيلتزم بشرط الإنسحاب الكامل؟
حرص زوار بيروت في الأيام الماضية على الجزم بأن إسرائيل ستنسحب بالكامل من الجنوب. قالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بثقة، وكذلك فعل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والموفد الأميركي آموس هوكستين. لكن الضمانات الدولية لم تكفل يوماً تل أبيب التي فرضت شروطها في لبنان وكذلك في غزة، مؤمّنةً حرية التحرّك عسكرياً ما بعد الهدنة، وإن لم تذكر البنود المعلنة ذلك حرفياً.
لا ترغب إسرائيل، كما يبدو، بإخلاء الساحة، ومثال سوريا وغزة خير دليل، حيث يشير العميد المتقاعد ناجي ملاعب، عبر موقع mtv، إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية واضحة بمنع القتال القريب ضد إسرائيل وحمايتها من الأخطار القريبة، كما فعلت من خلال خلق منطقة عازلة في غزة لمنع ٧ أكتوبر جديد، وكذلك في سوريا من خلال التقدّم في منطقة الجنوب السوري وصولاً الى جبل الشيخ.
هل يعني هذا الكلام أنها تعمل على الاحتفاظ بمنطقة عازلة في الجنوب أيضاً؟
يقول ملاعب: في لبنان، سُمح لإسرائيل، “بقبّة باط” أميركية، وإن لم يُذكر في نص اتفاق وقف إطلاق النار، بإقامة منطقة عازلة بعمق ٥ إلى ٦ كلم. لذلك لا يمكننا معرفة المواقع التي قد تبقى فيها، لكن الجيش اللبناني يدخل تباعاً إلى البلدات الجنوبية ويفجّر قنابل غير منفجرة ويستطلع أماكن تواجد أسلحة متفلّتة. أما الإنسحاب الإسرائيلي فمرتبط بقيامها بعزل هذه المنطقة الآمنة التي تريدها.
وهنا يوضح ملاعب أن “العقبة أمام الإنسحاب الإسرائيلي الكامل هي تأمين المنطقة العازلة، وإذا لم يحصل ذلك خلال هذا الأسبوع، قد يُسمَح حينها لإسرائيل بإكمال ما خططت له بموافقة أميركية بعد الستين يوماً. فلبنان لم يستطع أن يفرض شروطاً في اتفاق وقف النار كما حصل في غزة، فالفريق الذي كان يحارب وصل الى مكان لم يستطع فيه أن يفرض شروطه”.
بات مؤكداً أن مرحلة جديدة بدأت في المنطقة، ويواكبها لبنان بانتخاب الرئيس جوزاف عون وتكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة، وأولى تحديات العهد الجديد هي ضمان تنفيذ وقف النار وتثبيت هدنة حدودية طويلة، ما يطرح سؤالاً أساسياً حول استكمال الترسيم البرّي وإنهاء النقاط العالقة.
يبدو الأمر أبعد من ذلك، ويذكّر ملاعب بتصريح سابق لهوكستين يتحدث فيه عن إمكانية تبادل أراضٍ بين لبنان وإسرائيل، فإسرائيل التي أقامت تجمعات ومنشآت سياحية في مناطق معينة كشبعا وكفرشوبا مثلاً، لن تدمّرها وتعطيها للبنان.
وتحتاج المسألة إلى توضيح أكثر، فوفق ملاعب، هناك نقاط حُسمت من بين النقاط الـ13 الحدودية الخلافية، لكن هذا الكلام يقيّدنا بالخط الأزرق الذي رسمته “اليونيفيل” بعد انسحاب العام ٢٠٠٠ لكنه ليس بخط حدود. فأرضنا بين لبنان وفلسطين رُسّمت عام ١٩٤٩ باتفاقية الهدنة الموقّعة من لبنان واسرائيل، والإنسحاب يجب أن يحصل وفق هذه الحدود وهذا ما يجب التركيز عليه.
الوقت مرهون بما يجري في المنطقة، يقول ملاعب، فالترسيم قد يكون مقدّمة للإعتراف بالتطبيع، سائلاً: “فهل ستتجه السعودية إلى هذا المنحى بعدما كانت اقتربت من السلام؟ وبالتالي هذا الأمر مرتبط بما يجري في الدول العربية الأخرى، رغم أن لبنان هو آخر دولة قد توقّع السلام، لكن علينا بدايةً معرفة مدى الاهتمام الأميركي بالمنطقة وما السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة لمعرفة ما إذا كان ملف السلام سيُفتح سريعاً أم لا”.
هو أسبوع حاسم لمصير اتفاق وقف النار طبعاً، لكن الواقع جنوباً أبعد بكثير، ولن يكون بمنأى عن التطورات الإقليمية، أو ما يسمّيه الإسرائيلي “الشرق الأوسط الجديد”.