الشريط الحدوديّ يشلّ سوق النبطية
كتبت رمال جوني في “نداء الوطن”:
انعكست الإشتباكات الحدودية على الداخل، خصوصاً في منطقة النبطية، التي استعادت يوميات حرب تموز والحروب السابقة. ضاق الأهالي ذرعاً بالتهجير، أيام طويلة أمضوها في المدارس ومراكز النزوح، وهم يخشون تكرار السيناريوات. موجات النزوح من الشّريط الحدودي نحو قرى النبطية تزداد يوميّاً. على عجل ترك «عبد المجيد» بلدته ميس الجبل وقصد كفررمان، كان يعمل بائعاً متجولاً على خط ميس الجبل – عيترون – بنت جبيل -عيناتا. لم يتمكّن من أخذ «بضاعته» معه، يقول: «هربنا في الليل مع اشتداد القصف، لم نحمل سوى بعض الأغراض»، مشدّداً على أنّ «الخوف سيطر على الناس، خشية تكرار مشاهد حرب تموز»، آنذاك بقي «عبد المجيد» أكثر من عشرة أيام في ميس الجبل قبل مغادرته البلدة. هذه المرّة «قرّرت المغادرة مع عائلتي باكراً، فالغموض الذي يلّف المعارك يُقلقنا أكثر، فضلاً عن الذعر في نفوس أحفادي». هو يسكن في إحدى الشقق مع أولاده وأحفاده وعدد من أقربائه، يتحمّلون معاً كلفة إيجار الشقة التي ناهزت 600 دولار أميركي. ولفت إلى أنّ «الشقّة غير مجهّزة بالكاد نملك بضع فرشات وعدداً من الأغطية والضروريات».
ما يقلقه هو طول مدّة الحرب، «حينها سنكون أمام منعطف آخر». ذاق الأخير ويلات النزوح قبل التحرير، ولا تزال مراراتها داخله، مشيراً إلى أنّه «على يقين بأنّ العودة إلى ميس قريبة». غادر معظم أبناء البلدة، كما ارتفع النزوح مع بدء القصف على البلدة وطال محيط مستشفى ميس الحكومي».
نزح عدد من أبناء البلدة إلى أقربائهم في قرى النبطية، بعضهم استأجر، إذ لم تفتح مراكز إيواء حتى الساعة في النبطية، ويشير مصدر مطلع إلى أنّ «المحافظة تدرس الوضع وتحصي الأعداد وتنتظر ردّ الجمعيات الأجنبية بالتدخّل وتقديم المساعدات».
أرخى الواقع ظلاله على منطقة النبطية، «التي تُسجّل في كثير من الأيام حركة خجولة، مصحوبة بالقلق والخوف، وتراجع حركة البيع والشراء واقتصارها على الضروريات».
يقول أحد الباعة محمد علي إنّ حركة السوق تراجعت بشكل لافت. ويشكو «حسين» وهو بائع ملابس من انخفاض المبيعات، إلى درجة لامست النصف تقريباً، عازياً السبب إلى ارتفاع حدّة التوتر من جهة، واقتصار المشتريات على الضروريات، من جهّة أخرى.
في حرب تمّوز نالت سوق النبطية نصيبها من القصف والدمار. والعدد الأكبر من التجّار لم يتقاضوا تعويضات من مجلس الجنوب، وثمة نداءات وتحركات عديدة قام بها المتضررون من دون جدوى. ويؤكد رئيس جمعية تجار النبطية محمد ملي أنّ نسبة الجمود لامست الـ90% في حركة السوق، لافتاً إلى أن الشّلل ضرب قطاع الأجهزة الإلكترونية والألبسة، باستثناء المواد الغذائية التي تشهد حركة تصاعدية مع تخزينها من قبل المواطنين خوفاً من الحرب. وأضاف ملي أنّ «الإستيراد أيضاً شبه متوقف، فالحرب وإن كانت محدودة فقد عطّلت الدورة التجارية، ما يعيدنا إلى زمن ما قبل الـ2000 إبان الإحتلال الإسرائيلي للجنوب، والخوف الأكبر من أن يكون الوضع طويلاً، فالظروف صعبة للغاية».