لماذا وافق نتنياهو على وقف إطلاق النار في هذا التوقيت؟.. تقرير يُجيب

ذكر موقع “سكاي نيوز عربية” أنه وسط استمرار النزاع في قطاع غزة والخسائر المتزايدة للطرفين، جاء إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس ليطرح تساؤلات جوهرية بشأن دوافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للموافقة على هذا الاتفاق في هذا التوقيت الحساس.

وأثار اتفاق وقف إطلاق النار، الذي جاء بوساطة قطرية ودعم دولي، جدلًا واسعًا بشأن أسبابه وتوقيته، خاصة أن حكومة نتنياهو تواجه ضغوطًا متزايدة داخليًا وخارجيًا.

الضغط الدولي ودور الولايات المتحدة

تحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أظهرت الولايات المتحدة رغبة في إنهاء الصراع بسرعة، خاصة مع الأعداد الكبيرة من الضحايا المدنيين والدمار الواسع في غزة.
يقول مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية، توم حربة، لسكاي نيوز عربية إن “الضغط الدولي الذي مارسته واشنطن كان حاسمًا في دفع نتنياهو للموافقة”.
وأكد حربة أن الإدارة الأميركية استغلت الإنجازات التي وضعتها إدارة ترامب سابقًا، مما ساهم في تسريع الوصول إلى الاتفاق.
ومع ذلك، يشير حربة إلى أن الاتفاق ليس نهاية للصراع، بل بداية لمرحلة جديدة تتطلب إعادة إعمار غزة بمشاركة دولية. وأضاف أن إسرائيل اضطرت للتراجع عن الخيار العسكري المكلف في ظل تصاعد الخسائر الميدانية.

الخسائر العسكرية الإسرائيلية

من الجانب العسكري، يؤكد الدكتور علي الهيل، أستاذ العلوم السياسية والإعلام في حديث للموقع أن إسرائيل تكبدت خسائر كبيرة في الأيام الأخيرة، سواء على مستوى الأفراد أو المعدات. “الجنود الإسرائيليون أصبحوا هدفًا مباشرًا للمقاومة، مما زاد الضغط على القيادة الإسرائيلية للموافقة على وقف إطلاق النار”، يوضح الهيل.
كما أشار إلى أن المقاومة الفلسطينية لم تستنفد كل قدراتها العسكرية، بل حققت إنجازات استراتيجية رغم الفارق الكبير في القوة. هذه الخسائر دفعت الشارع الإسرائيلي إلى المطالبة بإنهاء النزاع، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن 58% من الإسرائيليين يرغبون في الانسحاب من غزة.

المأزق السياسي الداخلي في إسرائيل

أما الباحث في معهد ترومان للسلام بالجامعة العبرية، روني شاكيد، يرى أن نتنياهو كان محاصرًا بين الضغوط الداخلية والخارجية. ويشير شاكيد إلى أن “نتنياهو كان مترددًا في الموافقة على الاتفاق خشية انهيار حكومته، لكنه اضطر إلى ذلك بعد أن أصبح واضحًا أن الحل العسكري لن يحقق أهدافه”.
كما أضاف أن المعارضة السياسية في إسرائيل ضعيفة في الوقت الحالي، مما أعطى نتنياهو مجالًا للمناورة. ومع ذلك، فإن التوترات داخل حكومته، خاصة من التيار اليميني المتطرف الذي يطالب بتوسيع المستوطنات في غزة، لا تزال تشكل تحديًا.

تراجع قدرات حماس وتأثيره على القرار

من جهته، أكد محمد عز العرب، رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن حماس تعرضت لضربات قاسية خلال الأشهر الأخيرة، حيث فقدت جزءًا كبيرًا من قياداتها وقدراتها العسكرية. “تقديرات القوة الدولية لحماس انخفضت بنسبة تتراوح بين 75-80%، مما جعلها مضطرة للتفاوض”، يوضح عز العرب.
ويضيف أن إسرائيل كانت تراهن على إنهاك حماس، لكنها أدركت أن القضاء الكامل عليها مستحيل دون تكاليف بشرية ومادية ضخمة. كما أن وقف إطلاق النار يتيح لنتنياهو تحقيق مكاسب سياسية من خلال استعادة الرهائن.

إعادة الإعمار ومستقبل غزة

في ما يتعلق بإعادة إعمار غزة، يشير الخبراء إلى أن الاتفاق سيخلق تحديات لوجستية وسياسية ضخمة. يرى الدكتور الهيل أن غزة تحتاج إلى دعم دولي مكثف لإعادة بناء بنيتها التحتية. ومع ذلك، يظل السؤال حول من سيتولى إدارة القطاع مفتوحًا.

توم حربة أشار إلى احتمالية تشكيل قوة داخلية أو دولية لإدارة غزة، مع استبعاد استمرار سيطرة حماس المطلقة. ويضيف أن الاتفاق قد يكون بداية لمرحلة جديدة من المفاوضات حول مستقبل القطاع.

دور ترامب وتأثيره على المعادلة

يشير العديد من الخبراء إلى تأثير الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على القرار الإسرائيلي. روني شاكيد يصف الاتفاق بـ”اتفاق ترامب”، موضحًا أن الضغوط التي مارسها ترامب سابقًا ساهمت في تهيئة الأجواء لهذا الاتفاق. “وجود ترامب كان مفيدًا لإسرائيل في عدة قضايا، لكن الضغوط الأميركية الحالية جعلت نتنياهو مضطرًا للتعاون”، يوضح شاكيد.

ويعكس توقيت موافقة نتنياهو على وقف إطلاق النار تداخل عوامل معقدة، من بينها الضغط الدولي، التحديات الداخلية، والخسائر العسكرية. رغم الانتقادات التي تواجهها حكومته، يبدو أن نتنياهو يحاول استغلال هذا الاتفاق لتخفيف حدة التوترات الداخلية وتعزيز موقفه السياسي.
ومع ذلك، فإن استمرار الصراع في غزة يظل احتمالًا قائمًا ما لم يتم التوصل إلى حل شامل يضمن حقوق الفلسطينيين ويضع حدًا للتوترات في المنطقة.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى