بعد جريمة “الضبيّة”… دعوات لتعليق المشانق!

كتبت كارين القسيس في نداء الوطن: رغم التطورات السياسية المتسارعة في البلاد، نالت جريمة قتل صاحب معرض السيارات في الضبية جورج روكز، حيّزاً وافراً من اهتمام اللبنانيين خصوصاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي ضاقت بعبارات الشجب والاستنكار لمنسوب الجرائم المرتفع في الآونة الأخيرة.

تعد جريمة قتل الشاب جورج واحدة من أبشع الجرائم التي هزّت المجتمع، لما تحمل من تداعيات نفسيّة كبيرة، ولا تقتصر تأثيرات هذه الجريمة على العائلة فقط إنّما تشمل المجتمع ككل، إذ تولّد من ورائها مشاعر الذعر والخوف والتوتر ممّا دفع بعض اللبنانيين للمطالبة بتنفيذ حكم الإعدام، وهو المطلب الذي يتردّد في كلّ مرّة تسجل جريمة جديدة في البلاد.

الإعدام واحدة من أكثر العقوبات المثيرة للجدل. فتتحول المطالبة بتنفيذها تلقائياً بعد كل جريمة إلى ملف جدلي واسع ومتشعب تنتج عنه مواقف معارضة تؤمن أنّ الإعدام عقوبة في منتهى القسوة واللاإنسانية وهي لا تردع الجريمة، ومواقف مؤيدة تعتبر أنّ ردة فعل الرأي العام العفوية ودعوته إلى تنفيذ هذه العقوبة أمر طبيعي.

المؤيدون لتنفيذ حكم الإعدام في حالة القتل يرون أنّ الجاني الذي ارتكب جريمة قتل عن عمد يستحق الموت كعقاب مناسب لما فعل. كما أنهم يرون أن الإعدام يمكن أن يكون وسيلة لردع الآخرين ومنعهم من ارتكاب الجرائم المماثلة.

أمّا المعارضون لهذه العقوبة فيؤكدون أن القوانين يجب أن تهدف إلى الإصلاح والعدالة، لا الانتقام. ويؤمنون بأنّ أحداً لا يحق له سلب حياة إنسان آخر، حتى وإن ارتكب جريمة خطيرة. كما أن هناك حالات من الإعدام قد يكون تم تنفيذها ضد أشخاص ثبت لاحقاً أنهم أبرياء، وهو ما يشير إلى وجود أخطاء قانونية يمكن أن تترتب عليها عواقب خطيرة.

في هذا السياق، يؤكد المحامي أمين بشير في حديث لـصحيفة “نداء الوطن” أنّ عقوبة الإعدام صادرة في قانون العقوبات لكنّها لا تُطبّق، لأنّ لبنان وقّع على اتفاقيات دوليّة عدّة لعدم تطبيقها نظراً لعدم ظهور الحقيقة المطلقة بأنّ القاتل هو فعلاً من قام بهذه العمليّة.

واعتبر أنّ هناك مشكلة كبيرة في لبنان، وهي أنّ بعض القضاة يعتمدون تأجيل إصدار الأحكام في القضايا الكبرى الحسّاسة، خصوصاً في القضايا الجنائية المتعلقة بالجرائم الخطيرة مثل القتل، بهدف تهدئة الأوضاع لذلك يرى القاضي أنّ إصدار حكم سريع قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات أو زيادة حدة التوترات بين أفراد المجتمع. في مثل هذه الحالات يسعى لتجنب اتخاذ قرار قد يؤدي إلى رد فعل عنيف من الأطراف المتأثرة بالقضية.

وعلى الرغم من أنّ المماطلة قد تُعتبر أحياناً وسيلة للتهدئة، إلاّ أنّ لها تأثيرات سلبية كبيرة على العدالة. فقد يشعر أهالي الضحايا باليأس والإحباط نتيجة التأخير المستمر في إصدار الحكم. كما أن هذا التأخير قد يساهم في زيادة الشعور بالظلم وعدم الثقة في النظام القضائي.

وأشار بشير إلى أنّ مدّة حكم أي جريمة جنائية تصل إلى خمس سنوات، لأنّ مع الوقت “بيبرد الدم” ونرى “إسقاط الحق” يتصدّر الملف، لهذا السبب لم نر يوماً في لبنان حكماً قضائياً يُنصف الضحيّة إنّما العكس تماماً.

وكشف أنّ الهدف الأساسي من تطبيق عقوبة الإعدام، هو ردع القاتل عن القيام بأي جريمة والخشية من الموت وأنّ القاتل الذي يعلم أن عقوبة جريمته قد تكون الإعدام سيكون أقل احتمالاً لارتكاب الجريمة، نظراً للتهديد المباشر لحياته. فالفكرة السائدة هي أن الإنسان، بشكل عام، يخشى فقدان حياته، وبالتالي فإن وجود الإعدام كعقوبة قد يردع البعض عن الإقدام على ارتكاب جريمة القتل.

في النهاية، يبقى الهدف الأساسي من عقوبة الإعدام هو ردع القتل عن تنفيذ جريمته، إلاّ أنّ فعاليتها في هذا الصدد تبقى موضع نقاش مستمر. لا يمكن تجاهل الحجج المؤيدة لها، لكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات بشأن أخلاقيتها وفعاليتها مقارنة مع بدائل أخرى قد تكون أكثر فعالية. ومع تطور القوانين والمفاهيم الاجتماعية، يبقى البحث عن طرق أفضل لتحقيق العدالة والردع هو الهدف الأسمى في جميع الأنظمة القانونية.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى