بري هدد بإقفال البرلمان بوجه سلام
في تطور خطير غير مسبوق، علمت “نداء الوطن” أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبدفع من “حزب الله”، كان ينوي إغلاق مجلس النواب بوجه الرئيس المكلف وذلك كرد فعل على تسمية القاضي نواف سلام وسقوط مرشحه الرئيس نجيب ميقاتي، واعتراضاً على ما اعتبره تملصاً من اتفاق مسبق، لم يعرف طرفه الثاني. بري عاد عن قراره كي لا يؤجج الروح الطائفية ويظهر وكأنه يغلق البرلمان بوجه رئيس الحكومة الذي نال 20 صوتاً سنياً من أصل 27. فالجسم الشيعي المنهك لا يستطيع تحمل فتح مشكل مع السنة والأغلبية اللبنانية إضافة إلى الدول العربية التي ستعتبر أن هذه الخطوة موجهة ضدها، ولن تدخل مشروع إعادة الإعمار.
وتكثفت الاتصالات ليلاً من أجل احتواء الغضب الشيعي، حيث يعمل بري على لملمة الأمور وعدم الدخول في مواجهة تخسر “الثنائي الشيعي” أكثر حتى لو كان “حزب الله” يرغب في ذلك. وسيظهر التوجّه الشيعي في لقاء اليوم الثلاثي الذي سيعقد بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة المكلف ظهر اليوم في قصر بعبدا.
وكانت الاستشارات النيابية مناسبة لتأكيد عون، بحسب ما نقل النواب، على استعجال تأليف الحكومة لتأمين انطلاقة سريعة للعهد وتحمل الجميع مسؤولياتهم حيث طلب دعم الجميع لأن هناك وعوداً بمساعدات كبرى من الخارج لن تأتي إذا لم يكن هناك حكومة قوية وقادرة وفاعلة.
وبعد انجلاء غبار استشارات التأليف، فاجأ الرئيس جوزاف عون الصحافيين في الردهة الخارجية للقصر الجمهوري، وخاطبهم مبتسماً “تعبتم اليوم، لأجل ذلك جئت لأقول لكم، الله يعطيكم العافية. خلصنا من أول مرحلة. وإن شاء الله سيكون التأليف أيضاً سلساً وفي أسرع وقت. بصراحة، لدينا فرص كتير كبيرة ناطرينها. وبعدني مسكّر مع رئيس وزراء إيطاليا. بدنا حكومة جديدة لنروح لعندهم”.
وفي سياق متصل، تردد أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان سيزور بيروت اليوم. وستكون الزيارة تحضيراً لتوقيع 22 اتفاقية ثنائية بين لبنان والسعودية بعد تأليف الحكومة الجديدة.
وكان لبنان شهد أمس تاريخاً مجيداً. وكان ليل المعارضة طويلاً تكثفت فيه الاتصالات حتى الفجر. وفي بادرة وطنية غير مسبوقة نزل أكبر تكتل في المعارضة، وهو تكتل “الجمهورية القوية”، ومعه أكثر من 15 نائباً، عند رغبة نحو 15 نائباً بين مستقل وتغييري، وحصلت زيارات وتقديرات و”بوانتاجات”، وكان الهدف ربح المعركة على مرشح “الثنائي الشيعي”. وتحقق الهدف بعدما أبدى المرشح الطبيعي والمعلن فؤاد مخزومي موقفاً سيُحسب له في قادم الأيام. واستطاعت قوى المعارضة أن توصل وللمرة الأولى منذ 75 عاماً رئيساً لمجلس الوزراء “صنع في لبنان”، بعد خمسة أيام فقط من إيصال رئيس للجمهورية إلى سدة الرئاسة الأولى صنع أيضاً في لبنان. وعليه تتجه الأنظار إلى ولادة حكومة جديدة على منوال هذين الإنجازين الكبيرين لتكون الثالثة ثابتة.
وكان لافتاً أن بين الـ 20 صوتاً سنياً لسلام ينتمي 9 من أصل 11، إلى دوائر عكار والمنية الضنية وطرابلس ما شكّل ضربة قوية لميقاتي.
وفي المقابل، ظهرت هزيمة محور الممانعة كاملة عندما بقي حتى قبل أمس موهوماً بفوز مرشحه الرئيس نجيب ميقاتي. لكن هذا المحور استفاق فجأة، ولكن بعد فوات الأوان على الحقيقة المروعة وهي أن عدّاد ميقاتي توقف عند الرقم 9 فيما راح عدّاد سلام يرتفع تدريجياً حتى وصل في نهاية يوم الاستشارات إلى 84 صوتاً صافياً من دون “جميل” الممانعة من “ثنائي شيعي” وأتباعه.
في المقابل، قاتل “حزب الله” حتى الرمق الأخير كي يغيّر اتجاه التغيير. ولما بدا بعد ظهر أمس أن مرشح المعارضة نواف سلام بدأ يقترب من خط الوصول إلى الأكثرية المطلقة، طلبت كتلة “الوفاء للمقاومة” من رئيس الجمهورية إرجاء موعدها إلى اليوم. لكن طلبها لم يستجب. وصعدت إلى قصر بعبدا متأخرة عن موعدها المسبق. وخرج بعد الاستشارات النائب محمد رعد ليعلن باسم الكتلة التي لم تسمّ أحداً وليعلن هزيمة محوره بقوله: “خطونا خطوة إيجابية عند انتخاب رئيس الجمهورية وكنا نأمل أن نلاقي اليد التي لطالما تغنت بذلك وإذ بها قطعت”.
وقال مصدر من “حزب الله” لرويترز إن نواباً يمثلون الجماعة اجتمعوا مع عون في وقت متأخر عن الموعد المقرر إذ تأخر وصولهم مع شعورهم بتزايد الدعم لسلام. وأضاف المصدر أن “حزب الله” كان يعتقد أن تفاهماً سياسياً حدث في ما يتعلق باختيار ميقاتي لشغل منصب رئيس الوزراء، قبل أن توافق الجماعة على انتخاب عون في منصب الرئاسة الأسبوع الماضي”.
في المقابل، أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع خلال مقابلة مع تلفزيون “الحدث” أن أي حكومة تقوم على ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” لن نكون في صفها أو نمشي بها، لافتاً إلى أن “مفهوم “الجيش والشعب والمقاومة” أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من دمار وخراب وفساد وانهيار اقتصادي. لهذا السبب، وقفنا ضده منذ البداية”.