إسرائيل تُخفق في تحرير رهائنها
كتب نايف عازار في “نداء الوطن”:
بات من نافل القول إن حرب غزة هي من أطول الحروب التي تخوض غمارها إسرائيل في تاريخها القائم على الغزوات، فتعاظم قوة «حماس» التي راكمت قدرات عسكرية لا بأس بها عبر السنين، بعد نجاحها في «إيهام» الدولة العبرية بأنها منكبّة على إدارة شؤون القطاع المحاصر، أدّى إلى أحداث 7 تشرين الأوّل التي باغتت «جبروت» الجيش الإسرائيلي، في الظاهر على الأقل، والذي يدّعي أنه لا يُقهر، وكان يخوض في السابق حروباً خاطفة وسريعة ضدّ جيوش عربية جرّارة.
بيد أن أكثر ما آلم «الوجدان الإسرائيلي» في هذه الحرب هو قضية الرهائن الإسرائيليين القابعين في القطاع المنكوب في «شِباك» الحركة، والتي أخفقت جهود الوسطاء العرب والأميركيين حتى الآن في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق من تبقّى منهم على قيد الحياة ويقدّر عددهم بمئة، مقابل الإفراج عن فلسطينيين معتقلين في السجون الإسرائيلية يناهز عددهم عشرة آلاف.
ووفق هيئة البث الإسرائيلية، فإن «حماس» تطالب بوقف حركة الطيران الحربي والمسيّر الإسرائيلي فوق القطاع في مرحلة بداية وقف النار، كي يتسنّى لها جمع معلومات عن الرهائن، في حين أفادت مصادر إسرائيلية وسائل إعلام بأن تل أبيب تسعى إلى صفقة تنقسم إلى شقّين: قسم إنساني يشمل النساء والمجنّدات والجرحى وكبار السن، يليه قسم قد يؤدي إلى نهاية الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، الذي حوّلته القبضة الحديدية الإسرائيلية إلى أكبر سجن في العالم، خاضعٍ لحصارها المطبق منذ 18 عاماً.
شهدت مفاوضات وقف النار وتبادل الأسرى صعوداً وهبوطاً على مدى 15 شهراً من الحرب المتواصلة، وفيما كانت تصل إلى «شفير» الاتفاق، سرعان ما كان ينسفها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، «لغايةٍ في نفسه»، وهي مواصلة العمليات العسكرية خوفاً من المصير السياسي القاتم الذي ينتظره فور وضع الحرب أوزارها، ودرءاً لـ «انفراط عقد» حكومته، بسبب تلويح بعض وزرائه الشديدي التطرّف، ومن بينهم وزيرا الأمن القومي إيتمار بن غفير والمال بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب منها تمهيداً لإسقاطها.
وليس خافياً على أحد أن لـ «حماس» وأخواتها «باعاً طويلاً» في خوض الحروب النفسية ضد أهالي الرهائن، بغية حضّهم على فرض مزيد من الضغط على نتنياهو لإبرام اتفاق، ولطالما تعمّدت هذه الفصائل بثّ مشاهد للمختطفين، بالتزامن مع المفاوضات، وهم يلقون باللائمة على رئيس حكومتهم. وآخر فصول هذه الحرب، إعلان «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ «الجهاد الإسلامي»، أن إسرائيلياً من الرّهائن حاول الانتحار، بسبب سوء حالته النفسية، إلّا أن الفريق الطبي لـ «السرايا» نجح في إنقاذ حياته.
أرصدة أخيرة للبقاء
في هذا الوقت، اعتبر بعض الإعلام العبري أنه ما دام المخطوفون في غزة، فإن إسرائيل تستطيع مواصلة الجهد الحربي في القطاع، ويتواصل بذلك الأمل في الحصول على موافقة أميركية لمهاجمة إيران، بينما ستضطر «حماس» للمحافظة على المخطوفين الباقين كأرصدة أخيرة تملكها من أجل البقاء.
الصحافي ألوف بن اعتبر في «هآرتس» أن نتنياهو يعارض التوصل إلى صفقة، ويبرّر موقفه بالحاجة إلى تفكيك الحركة، لكن التحليلات السائدة ترى أن لديه دوافع سياسية، فهو يتخوّف من بن غفير وسموتريتش اللذين يعارضان الصفقة، ويهدّدان بإسقاط الائتلاف الحكومي.
بدوره، كتب إيال عوفير في قناة N12 أنه بعد أكثر من 450 يوماً من القتال، يمكن التشكيك في مدى الاقتراب من تحقيق هدف إسقاط القدرات السلطوية لـ «حماس»، وأضاف: «أمّا أولئك الذين يركزون على إيجاد حكم بديل، فَهُم يتسببون في ضرر سياسي لإسرائيل، إذ إن العالم يرى فيها قوة محتلة للشعب الغزي».
نتنياهو العليل و «حماس» المنهَكة
الصحافي يوآف ليمور كتب في «يسرائيل هيوم» أن «السنة المنصرمة يمكن تلخيصها بسلسلة من الإخفاقات، فهناك مئة مختطَف لم يعودوا إلى بيوتهم، وعشرات آلاف النازحين». وأضاف: «ستكون السنة الجديدة بديهية لربط إعادة المختطَفين بوقف القتال».
المؤرخ آفي شيلون رأى في «يديعوت أحرونوت» أن هناك حجتين يستخدمهما دعاة استمرار الحرب. الأولى أن الحرب في غزة ضرورية لضمان عدم تكرار 7 تشرين الأوّل. أمّا الثانية، فهي أن الجنود الذين قُتلوا يفرضون استمرار الحرب حتى القضاء على «حماس»، وإلّا فإن موتهم سيذهب هباءً.
في المحصّلة، هل يُبرم نتنياهو العليل الذي خرج حديثاً من المستشفى، صفقة مع «حماس» المنهَكة؟ أم أن التوصل إلى اتفاق شامل «ذهب أدراج الرياح» بانتظار تسلّم الإدارة الأميركية العتيدة زمام السلطة؟