مفاجأة جديدة عن سجون سوريا.. ماذا كُشف فيها؟
لم تفتح أبواب السجون في سوريا فحسب بعد انتهاء حكم الرئيس السابق بشار الأسد، فمع هذا التطور الكبير، بات بإمكان محققين دوليين الوصول لجميع أطراف البلاد والتحقيق في الجرائم التي ارتكبت من جميع أطراف الحرب خلال 13 عاماً.
يأمل محققون أمميون يجمعون منذ سنوات أدلّة توثّق الفظائع المرتكبة في سوريا في أن يتيح لهم سقوط الأسد الوصول أخيرا إلى ما يشكّل بالنسبة إليهم “مسرح الجريمة”.
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس بعد سقوط الأسد في نهاية الأسبوع الماضي، أكّد روبرت بوتي الذي يدير منذ مطلع العام 2024 مجموعة المحققين الأمميين “التغيّر العميق” الحاصل بعدما “باتت الأدلّة في سوريا متاحة”.
وكلّفت الآلية الدولية المحايدة المستقلة التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2016 وتتّخذ من جنيف مقرّا بالمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة، وفق تصنيف القانون الدولي، المرتكبة في سوريا منذ مارس 2011.
وبالنسبة إلى مجموعة المحققين هذه الذين تصفهم الأمم المتحدة بـ”ميسّري العدالة”، حان الوقت “لبدء مواجهة حالة الإفلات من العقاب المعمّمة”.. فما أبرز ما أزيل عنه النقاب؟ وماذا وجد داخل السجون والمقرات الأمنية السورية؟
283 تيرابايت من البيانات
“بات من الآن جليّا أن كمّيات كبيرة من الأدلّة موجودة”، بحسب بوتي الذي أشار إلى أن تسجيلات مصوّرة للسجون التي تفرغ من نزلائها تظهر “قاعات مملوءة بأطنان من المستندات”.
ويرى هذا المدّعي والحقوقي الكندي أن “كمّية كبيرة من المعلومات ستصبح في المتناول”.
وفي خلال 8 سنوات، جمع الأعضاء الـ82 في الآلية الدولية المحايدة المستقلة كمّيات كبيرة من الأدلّة على الفظائع التي ارتكبت في سوريا اختزلت في 283 تيرابايت من البيانات، وفق ما كشف بوتي.
وفي حديثه، يقول بوتي: “إذا ما تسنّى الوصول إلى مسرح الجريمة، قد تتغيّر المعادلة بالنسبة إلينا”، مشدّدا على ضرورة “صون الأدلّة” في الوقت الراهن. ويلفت إلى أن المجتمع المدني السوري يتمتّع بدراية وخبرة جيّدة في سبل حفظ البيّنات وضمان استخدامها في سياق ملاحقات قضائية.
ولهؤلاء الذين ليس لهم باع طويل في هذا الخصوص، نشرت الآلية “دليل استخدام” على موقعها الإلكتروني يوضّح بعض المسائل الأساسية، مثل ضرورة حفظ الأدلّة في موقع آمن والحدّ من عدد الجهات التي تتعامل معها إلى أقلّ قدر ممكن وتحديد سلسلة الحيازة بوضوح.
معتقلو صيدنايا لا يصدقون الخروج
بعد سقوط حكم بشار الأسد، دخل مقاتلون من الفصائل المعارضة السجون لإخراج المساجين وقد صوّر أحدهم تلك اللحظات بهاتفه: مسلّحون يكسرون أقفال زنزانات صيدنايا، أكبر السجون السورية الذي تفيد منظمات غير حكومية بتعرّض المساجين فيه للتعذيب، فيما تركض نساء وأطفال للخروج وهم لا يصدقون أن الرئيس السوري سقط.
في شوارع العاصمة السورية، يمكن التعرف إلى مساجين سابقين من وجوههم الهزيلة أو آثار التعذيب الذي تعرضوا له، وفق ما يقول رفاقهم في المحنة.
وظهرت مقاطع مصورة لبعض السجناء حليقي الرؤوس وفي حالة هزال حادة جعلتهم بالكاد قادرين على ذكر أسمائهم أو أسماء بلداتهم، ولم يتسن لوكالة رويترز التحقق من تلك المقاطع لكن تحرير السجناء على نطاق واسع ليس محل خلاف.
وداخل زنزانات الحبس الانفرادي غطت المياه والطين الأرضيات الخرسانية التي عُثر بكل منها على وعاء معدني واحد للطعام يتناثر البراز من حوله.
وفتش بعض من دخلوا إلى سجن صيدنايا في أوراق مهملة وسألوا نزلاء سابقين عما إذا كانوا يعرفون مسارات تؤدي إلى طوابق أخرى داخل السجن، بينما كان آخرون يهدمون جدرانا أو يحفرون في الأرض بحثا عن زنازين سرية.
وكشف هدم عدد من الجدران عن مداخل سرية ليطلق بعدها مسلحو المعارضة السورية النار في الهواء لتنبيه آلاف المنتظرين بالخارج.
وفشلت جهود المتطوعين في العثور على أبواب للطوابق الأرضية لسجن صيدنايا، بينما أظهرت مقاطع فيديو وجود معتقلين. (بلينكس – blinx)