رسالةٌ حاسمة للأسد: “أنت عبء أكثر من حليف”
في تطور مفاجئ، كشف مصدر إيراني مطلع لـ”فاينانشيال تايمز” عن آخر رسالة سلمها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للرئيس السوري السابق بشار الأسد، قبل أيام من سقوط نظامه. الرسالة التي حملت طابعًا حاسمًا، كانت بمثابة إعلان غير مباشر عن توقف الدعم الإيراني لأسد الذي كان يشكل في وقت سابق حليفًا استراتيجيًا لطهران.
وفقًا للمصادر، أوضح عراقجي للأسد أن “إيران لم تعد قادرة على إرسال المزيد من القوات لدعمه”، مؤكدًا أن الأسد أصبح “عبئًا أكثر منه حليفًا”.
وقال المصدر الإيراني: “استمرار دعم الأسد كان سيُحمّل إيران تكاليف باهظة، مما جعلها تشعر بالإحباط من استمرار الوضع”، مضيفًا أن طهران بدأت منذ عام بالتخلي تدريجيًا عن دعمها للأسد، على الرغم من التصريحات الرسمية الإيرانية التي أكدت دعم الحكومة السورية بشكل علني.
وجاءت هذه الرسالة في وقت حساس حيث كانت القوى المعارضة تواصل تقدمها السريع على الأرض، وتمكنت من السيطرة على عدة مدن رئيسية. وعلى الرغم من تصريحات الأسد التي أكد فيها أن الانسحاب من حلب كان “تكتيكيًا” وأنه لا يزال مسيطرًا، فقد أثبتت التطورات العسكرية عكس ذلك، حيث بدأت الفصائل المسلحة تتقدم بسرعة من حلب إلى حماة ثم إلى مناطق أخرى وصولًا إلى مشارف دمشق.
وفي الوقت نفسه، لعبت تركيا دورًا رئيسيًا في دعم الفصائل المسلحة التي أسقطت الأسد واستولت على دمشق. حيث كشف مصدر مطلع على الأحداث أن الاستخبارات التركية قد قدمت دعمًا كبيرًا للفصائل المسلحة، من خلال تقديم صور جوية وخرائط للمنشآت العسكرية عبر طائرات مسيرة.
هذا الدعم جاء في وقت كانت فيه تركيا تدعم فصائل مسلحة متعددة، بما في ذلك تلك التي عملت تحت مظلة الجيش الوطني السوري، والذي قام بالتنسيق مع “هيئة تحرير الشام”.
ورغم نفي أنقرة الرسمي للتورط في الهجوم المباغت الذي أسقط الأسد، إلا أن المعلومات تشير إلى أن تركيا قدمت دعمًا عسكريًا مباشرًا للمعارضة، في مقابل ضمانات بعدم انضمام هذه الفصائل إلى القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، الأمر الذي كانت أنقرة حريصة على تجنبه.
أما بالنسبة لروسيا، التي كانت تعتبر الحليف الأبرز للأسد، فقد بدأ موقفها في التغير بشكل ملحوظ. بينما قدمت موسكو دعمًا علنيًا للأسد طوال فترة الحرب، أكدت مصادر في الكرملين أن روسيا أصبحت عاجزة عن مساعدة الأسد بشكل فعال بسبب استنزاف مواردها في الحرب في أوكرانيا.
وفقًا لمصادر في الكرملين، قامت الفصائل المسلحة بضمان سلامة القواعد العسكرية الروسية في سوريا، مثل قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية، وهو ما كان له دور كبير في اتخاذ قرار موسكو بعدم التدخل بشكل مباشر في المعارك ضد المعارضة.
وبحسب تصريحات جون فورمان، الملحق الدفاعي البريطاني السابق في موسكو، فإن سقوط القواعد الروسية في حميميم وطرطوس كان مسألة وقت مع تقدم الفصائل المعارضة.
وقال فورمان: “لو لم تتمكن روسيا من ضمان أمن هاتين القاعدتين، كانت ستضطر إلى المغادرة”. وهو ما يعكس العجز العسكري الروسي في ظل تزايد التحديات على الأرض.
ومع تزايد الضغط على الأسد من كل الجهات، لم يعد الرئيس السوري السابق يشكل أولوية لحلفائه الذين كان يعتمد عليهم بشكل كبير. فإيران التي كانت تدعمه عبر إرسال قوات إلى سوريا، وروسيا التي كانت توفر الدعم العسكري المباشر، وتركيا التي كانت توفر الدعم اللوجستي للفصائل المعارضة، كلها بدأت في تخفيض مستوى دعمها.
وفيما يخص الأسد، فقد أصبح وضعه أكثر عزلة مع سقوط نظامه. ففي الوقت الذي منحه فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حق اللجوء إلى موسكو، فإن الأسئلة حول مستقبل الأسد تظل بلا إجابة واضحة. مع سقوط نظامه، أصبح الأسد يواجه مستقبلاً غامضًا، في وقت تراجع فيه حلفاؤه الأقوياء دعمهم له.