بازار قطاع المياه في النبطية: استغلال وتقاذف مسؤوليات
كتبت رمال جوني في “نداء الوطن”:
لا يتوقف جشع التجار والاحتكار في منطقة النبطية على رفع أسعار البضائع بل يطال أيضاً سوق بيع المياه للمنازل، واحتكار أصحاب الآبار للمياه، لبيعها بأسعار خيالية، بهدف تحقيق مكاسب طائلة على حساب أبناء القرى الذين عادوا إلى قراهم شبه المدمرة وفي ظل انقطاع مياه الدولة.
تكاد لا تختفي الأزمات التي أفرزتها الحرب، وفي معظمها معيشية بدءاً من ارتفاع أسعار السلع والمواد الأولية المطلوبة لإصلاح الأضرار في المنازل والمحال، مروراً بأسعار الخضار وصولاً إلى أسعار صهاريج المياه، والقاسم المشترك الوحيد “جشع التجار”.
مؤشرات توحي باشتعال الحرب الاقتصادية وبضرواة، فقد علت الصرخة من تسعيرة الصهاريج المخصصة لنقل المياه والتي وصلت في داخل النبطية وعدد من القرى إلى 50 دولاراً، وتراوحت في باقي القرى بين الـ 30 والـ 40 دولاراً. والتسعيرة تحدّد حسب مزاج صاحب الصهريج والآبار الإرتوازية، مستفيدين من انقطاع مياه الخدمة (الدولة) منذ بدء الحرب، وحاجة الناس إلى المياه بعد عودتهم، لتنظيف منازلهم ومحالهم.
صاحب بئر في بلدة حاروف، قرر عدم بيع المياه لأصحاب الصهاريج، واحتكارها لصالح صهاريجه الخاصة، ليتحكم بتحديد السعر مستغلاً الطلب الكبير على المياه.
يقول صاحب أحد الصهاريج في البلدة: “حاولت مراراً وتكراراً شراء المياه من صاحب بئر في حاروف ضمن السعر المحدد قبل الحرب أي 20 دولاراً، لكنه رفض الأمر، بحجج واهية، لاستغلال الناس وتحقيق الأرباح، وهذا ظلم واستغلال”.
هذا الواقع الأليم في منطقة النبطية، دفع بالناس إلى الاحتجاج على الأسعار الخيالية والخارجة عن قدرتهم. أحد المواطنين في بلدة كفررمان يقول: “إن تسعيرة نقل المياه بواسطة خزان الجرار الزراعي والتي كانت قبل الحرب بـ 800 ألف ليرة لبنانية، تجاوزت اليوم المليون و500 ألف ليرة، وتنظيف المنزل يحتاج إلى أكثر من 5 صهاريج، أي أكثر من مئة دولار، فيما يعاني الناس من توقف مصالحهم، وهذا أمر يحتاج إلى مراقبة من وزارة الاقتصاد للجم هذه الظاهرة”.
رئيس مصلحة الاقتصاد في النبطية محمد بيطار أكد أن “هذا القطاع كما قطاع الإيجارات خارج صلاحيات المصلحة ويتبع مباشرة للبلديات وللمحافظة والبيئة ووزارة الطاقة، ويفترض بالبلديات أن تتحرك للجم هذه الظاهرة قبل أن تخرج عن السيطرة أكثر”. ودعا بيطار البلديات إلى التحرك سريعاً كون هذا القطاع يندرج ضمن صلاحياتها”.
ويبقى السؤال أين البلديات من كل ما يحصل؟ وهل ما زالت قادرة على إدارة شؤون القرى الداخلية؟ من المؤكد أن استغلال الحرب وتداعياتها بات واقعاً خطيراً اليوم، وإن لم يطبق القانون ويعاقب المحتكرون حينها ستعمم “شريعة الغاب” ووحده المواطن يدفع الثمن وهذه المرة بشكل كبير.