حدثٌ من ثلاثة وحده يوقف الحرب
تنوعت القراءات والتفسيرات والتحليلات بشأن مسودة الاقتراح الأميركي لوقف إطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي الرقم 1701 التي نقلتها السفيرة الأميركية ليزا جونسون إلى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي نيابة عن الموفد الأميركي اموس هوكشتاين الذي نال “ضوءاً أخضر” للإستمرار في مهمته من الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وذلك حسب تعبير رئيس مجلس النواب أمام بعض زواره.
ومع أن المعنيين يحرصون على عدم تسريب نص هذا الاقتراح ردد الموفد الإيراني علي لاريجاني أمام بعض الذين التقاهم في لبنان تعبير “تفاءلوا” من دون أن يدخل في تفاصيل هذا الاقتراح الذي اطلع عليه خلال لقائه مع رئيس مجلس النواب، معتبرا أن بري “يعبر عن الشيء المناسب التعبير عنه” في شأن مضمون الاقتراح. واوضح مصدر مطلع في هذا المجال ان بري عندما تحدث عن أن هناك بندا واحدا في الاقتراح هو موضع خلاف وهو لجنة الرقابة الدولية على تنفيذ القرار 1701 يعني أن البنود بقية بنود الواردة فيه إيجابية ومقبولة وأن العقد قليلة، وأن مجمل الاقتراح منسق اجمالا بين واشنطن وتل أبيب وإلا لما كان الجانب الأميركي نقله إلى لبنان على رغم من محاولة إسرائيل خوض المفاوضات تحت النار ساعية الى أحداث خرق في الميدان يمكن أن يدفعها إلى التملص منه لاحقا تماما كما فعلت مع “البيان ـ المبادرة” الأميركي ـ الغربي ـ العربي الأخير الذي صدر في ايلول على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة في أيلول الماضي ونادى بوقف النار وتطبيق القرار 1701 والتزمه لبنان وكذلك التزمه نتنياهو بداية ثم ما لبث ان تراجع عنه وإنقلب عليه.
لكن بري وعلى رغم من نظرته الإيجابية إلى الاقتراح بمجمله أطلق عبارة لافتة عندما قال “العبرة في الخواتيم”. ومن المؤكد انه يقصد بها موافقة إسرائيل على الاقتراح من عدمها، لأن ثمة خشية لديه من تملص تل أبيب من الاقتراح لأنها ما زالت تراهن على الميدان بدليل ارتفاع منسوب تصعيدها بقوة هذه الأيام على رغم من الحراك الأميركي الهادف على ما تؤكد واشنطن إلى تحقيق وقف النار على الجبهة اللبنانية في موازاة العمل لوقف النار في غزة وإبرام صفقة لإطلاق الأسرى لدى حركة حماس وأخواتها مقابل إطلاق المعتقلين الفلسطينيين.
لكن مصادر مطلعة على موقف حزب الله تقول أن الحزب يرى أن أشاعة أجواء تفاؤل بمقدار كبير في ظل استمرار التصعيد الإسرائيلي قد يكون في غير مكانه اذ يجوز وعد الناس بإيجابيات قبل حصول اتفاق جدي يوقف العدوان لأنه إذا فشل الاقتراح الأميركي سيصاب الناس بالإحباط ومن الافضل عدم إعطائهم أي وعود وتركهم يتأقلمون مع الواقع القائم كما هو وتوطين أنفسهم على أساس أن الحرب طويلة حتى إذا توافر لها حل في أي لحظة يكون الأمر جيدا ويتقبلونه بطريقة طبيعية.
وفي ضوء هذا الواقع يقول مشاركون في الاتصالات ومواكبون للمساعي الجارية أن الحرب لن تتوقف إلا في حال حصول حدث من ثلاثة:
- الأول، حصول تطور داخلي في إسرائيل يؤدي إلى انفراط عقد التحالف الحكومي الذي يقوده نتنياهو، أو حصول مشكلة كبيرة داخلية في اسرائيل تدفعه إلى وقف الحرب مرغما على جبهة لبنان، ولكن هذا الأمر لا يبدو ممكنا حصوله لأن ما يظهر يدل على الى ان وضع نتنياهو الداخلي قوي ومحصن حتى الآن.
- الثاني، حصول تغيير جذري في الموقف الأميركي يدفع فعليا إلى ارغام إسرائيل على وقف اطلاق النار، لكن حتى الآن ليس واضحا امكان وجود مثل هذا التغيير لدى الإدارة الأميركية الحالية ولا لدى ترامب والإدارة الجديدة التي يعمل على تركيبها، وان ما يحصل يندرج في إطار إضاعة الوقت ومحاولة جس نبض حزب الله ومعرفة ما إذا كان في وارد التراجع أو تقديم تنازلات في الميدان تدل إلى أن قوته ضعفت او وهنت نتيجة الضغط العسكري عليه لكن ما يظهره في الميدان حتى الآن هو العكس بدليل غزارة النار لديه وصد كل محاولات التقدم البري الإسرائيلية في اتجاه الأراضي اللبنانية.
- الثالث، تحقيق حزب الله إنجازات عسكرية كبيرة في الميدان تؤدي إلى تغيير في موازين القوة على الأرض ترغم اسرائيل على وقف الحرب، لكن حتى الآن لا يظهر أن الحزب قادر على تحقيق هذا الأمر سريعا لكنه يعمل على مراكمة إنجازات يعتقد أنها ستؤدي بالنهاية إلى هذا التغيير .وتؤكد المصادر أنه طالما أن حصول هذه الأمور الثلاثة، أو على الأقل واحدا منها ليس متاحا حتى الآن فإن المعنيين لا يتوقعون حصول وقف لإطلاق النار قريبا، ويرون أن سقف البحث في وقف النار يمكن أن يكون مع بداية ولاية ترامب وتشكيل إدارته الجديدة وما بعدها.