نساء تخلّينَ عن أدوارهنّ في الحرب

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
تخلت المئات من النساء عن أدوارهنّ الروتينية في الحياة اليومية، وتحوّلن إلى سند للنازحين في مراكز الإيواء التي تغص بهم في مختلف المناطق اللبنانية، من جراء النزوح القسري من قراهم وبلداتهم نتيجة الحرب الإسرائيلية المفتوحة منذ 23 تشرين الأول الماضي.

في مراكز الإيواء في صيدا، باتت النساء يشكلن علامة فارقة بعدما انخرطت كثيرات منهن في احتضان النازحين. بعضهن موظفات في مؤسسات رسمية أو خاصة، وبعضهن الآخر متطوعات في جمعيات ومؤسسات أهلية، قرّرن أن يساهمن في التصدي لتداعيات الحرب الإسرائيلية بشتى أشكالها.
ولم تقتصر أدوارهن على الخدمات ومدّ يد المساعدة، بل امتدت إلى احتضان النازحين في أصعب ظروفهم النفسية واستيعاب ضغوطهم وصدماتهم، خصوصاً في ما يتعلق منها بنبأ استشهاد عدد من أفراد عائلاتهم أو إصابتهم أو تدمير منازلهم، ولا سيما الأطفال وكبار السن والمرضى، فمددن يد الرعاية والاهتمام في إطار بلسمة جراحهم.

مشهد مختلف
وتروي مديرة المدرسة اللبنانية الكويتية الرسمية، وداد جرادي، لـ”نداء الوطن”، كيف انقلبت حياتها رأساً على عقب بعدما تحولت مدرستها إلى ملاذ للنازحين، قائلة “في 23 أيلول، تلقينا رسائل من وزارة التربية تطلب فتح المدارس كمراكز إيواء. لم أصدق في البداية، لكن عند وصولي إلى المدرسة، وجدت النازحين قد تجمعوا أمام المدخل، فاستقبلناهم ليصبح المكان مأوى آمنًا لهم”.

وتضيف جرادي “فجأة وجدت نفسي، كمديرة مدرسة اعتادت متابعة القضايا التعليمية والإدارية ومراجعة الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين، أمام مشهد مختلف، مؤلم وغير مألوف، يتمثل بتأمين احتياجات النازحين وتوفير نواقصهم ومعالجة مشاكلهم التي تطرأ، والأهم تهدئتهم واحتضانهم نفسياً وتقاسم الحلوة والمرة معهم، وذلك بالتعاون مع جمعيات أهلية ومجموعات شبابية”.
تشرح جرادي تجربتها فتقول “اليوم، أجد نفسي أمام مسؤولية جسيمة؛ فقد أصبحت أدير مركز إيواء بالكامل، وأتحمل عبء تأمين احتياجات النازحين. أعمل في المدرسة على مدار الساعة، حتى أن عائلتي تزورني هنا، ثم تعود إلى المنزل. أرفع يدي بالدعاء كل يوم أن تنتهي هذه الحرب قريباً، وأن يعود هؤلاء النازحون إلى ديارهم وقراهم بكرامة مرفوعي الرأس”.

عائلة واحدة
وتضم المدرسة اللبنانية الكويتية اليوم أكثر من 138 عائلة نازحة من مختلف مناطق الجنوب، أي ما يقارب 452 شخصاً، بينهم أكثر من 150 طفلًا، وبعضهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. يُقيم النازحون في حوالى 27 غرفة من غرف المدرسة، في حين تم تقسيم الملعب وإقامة الشوادر لتوفير مأوى إضافي للعائلات التي لم تجد مكاناً، بينما تفترش بعض الأسر زوايا الملعب للنوم.

وتؤكد مسؤولة “الجبهة الاجتماعية” مروة الحريري أنها كرست كل وقتها منذ اللحظات الأولى لخدمة النازحين في المدرسة. تقول “تعاونتُ مع المديرة جرادي والجمعيات الأخرى لتأمين احتياجات النازحين، واستقبلناهم برحابة صدر، حريصين على أن يشعروا وكأنهم في منزلهم وبين أهلهم، وإن شاء الله لا تطول الحرب ويرجعون منتصرين إلى بلداتهم”.
وتضيف الحريري “نحن والنازحون هنا أصبحنا كعائلة واحدة، نتقاسم الحلوة والمرة، ونقدم كل ما نستطيع من احتياجات. نسعى جاهدين لنكون على قدر المسؤولية، ليظل في أذهان النازحين ذكرى طيبة عن دعمنا لهم. ما نقدمه لهم نابع من قلوبنا، وواجب وطني يقضي بأن نقف بجانبهم في هذه المحنة والحرب التي تستهدف كل لبنان”.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى