هل بدأ الحزب باستعادة زمام الميدان ضد إسرائيل؟

كتبت وفاء بيضون في “اللواء”:
على الرغم من تمكّن الاحتلال الإسرائيلي ضرب أهداف في عمق الضاحية الجنوبية، وخاصة الاعتداء على مقر مجلس الشورى في «حزب الله» ما أدّى الى ارتقاء أمين عام الحزب السيد حسن نصرلله شهيدا مع مجموعة من قادة المقاومة (الجمعة في 27 ايلول 2024)، إلّا ان الصدمة التي اجتاحت صفوف الحزب والبيئة القريبة ومعها كل اللبنانيين ومحبي السيد الشهيد من كل أصقاع العالم، لم تؤثر على مجرى المسرح الميداني، وخاصة في العمليات البطولية التي خاضها رجال المقاومة خلال تصدّيهم لمحاولات التقدم البري من محاور عدة عند الحافة اللبنانية – الفلسطينية من جهة، أو من خلال تكثيف الضربات الصاروخية التي امتدّ شعاعها الى أبعد من ثمانين كيلومترا داخل العمق الفلسطيني المحتل، لتثبت المقاومة جهوزيتها العسكرية على الرغم من زعم الاحتلال تدميره آلاف الفوهات ومئات المنصات، وتدمير عشرات النقاط والمراكز.

وعلى الرغم من أنّ الرد الإيراني النوعي الذي طال منشآت حيوية عسكرية واقتصادية في «تل أبيب» عبر الصواريخ الفرط صوتية على خلفية الانتقام لاغتيال الأمين العام لـ «حزب الله» إضافة إلى الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، فان ذلك من شأنه أن يساهم في رفع معنويّات جمهور وبيئة المقاومة، وحتى مقاتليها الذين شعروا بنوع من الاحباط، إلّا أن الأنظار بقيت مركّزة على موقف الحزب نفسه، الذي كان بارزا أن أي وعيدا بالثأر لأمينه العام لم يعلن عنه بعد.

من هنا، ترى جهات استراتيجية انه على مدى الأيام المنصرمة، قامت المقاومة بتكثيف عمليّاتها العسكرية على خط الجبهة في الجنوب، رافعةً من وتيرتها بشكل لافت، مؤكدة من خلال ذلك على أنها لا تزال تحتفظ بأوراق قوتها؛ وهذا يبرز من مسار المواجهات الأخيرة في العديسة وكفركلا ومارون الراس ويارون، حيث اعترف الكيان الإسرائيلي بعشرات القتلى والجرحى في صفوف نخبة جنوده من لواء غولاني وفرقة ايغوز، وان المقاومة لم تتأثر عمليا باغتيال قيادات الصف الأول، مجدّدة التأكيد في الوقت نفسه ثباتها على المعادلات التي كان السيد نصر لله قد أرساها في المقام الأول، خصوصا لجهة عدم وقف العمليات قبل انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة.

وتتابع المصادر بموازاة ذلك، اعتمد الحزب على ما يمكن عدّه تكتيكاً سياسياً مختلفاً عمّا كان سائداً في السابق، حيث عمد إلى تكثيف إطلالاته الإعلامية، بدءا من كلمة نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم إلى الجولة الإعلامية التي نظمتها العلاقات الإعلامية في الحزب على عدد من المباني السكنية المتضررة في الضاحية الجنوبية، وما بينهما إطلالات إعلامية لعدد من المسؤولين في الحزب، ممّن كانوا غائبين عن الإعلام منذ بدء الحرب. وصولا الى الجولة التي تحدث فيها مسؤول العلاقات الإعلامية محمد عفيف من أمام مبنى تلفزيون «الصراط» الذي استهدفته احدى الغارات الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية. وفي السياق نفسه، كان واضحا عدم اكتفاء العلاقات الإعلامية في «حزب الله» بالبيانات العسكرية المعتادة، حيث أصدرت أكثر من بيان لنفي بعض ما يسوّق له الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في سياق التصدّي لما تصفه بالحرب النفسية والدعائية.

وتؤكد المصادر، أن صدمة اغتيال الأمين العام السيد حسن نصر لله تبقى أكبر من القدرة على الاستيعاب، لدرجة أنّ جزءاً من الجمهور لا يزال يصرّ على عدم تصديقها ويتعاطى معها على قاعدة السردية الخيالية.

من هنا، تثبت جبهة المواجهة وما حملت وستحمل من تطورات ميدانية، ان المقاومة تستعيد المبادرة وتمسك بزمام المسرح الميداني على الأرض، ما يؤكد مجدّدا ان البنية العسكرية ورغم ما تعرّضت له من اغتيالات لقادة وكوادر ومسؤولي محاور، ما زالت فعّالة، بل أكثر من ذلك، باستطاعتها أن تقلب الطاولة وتعكس المشهد ليصيب الداخل الإسرائيلي بصدمات متتالية، ويعرّض جبهته الداخلية للتضعضع والإرباك ويشملها بالاحباط والهلع المسحوب على المستوطنين، وخاصة سكان الشمال، من ان هدف الحرب لتأمين عودتهم باتت شبه مستحيلة بقوة النار وحتى لو تمكّن الجيش الإسرائيلي من التقدّم أو احتلال أجزاء من الأراضي اللبنانية.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى