الهجوم الإسرائيلي البرّي واقع لا محال.. وهذا ما ينتظره
الذين يتابعون البيانات القتالية الصادرة عن “المقاومة الإسلامية” منذ بدء إسرائيل حربها الشاملة على لبنان، والتي تستهدف فيها قيادات مهمة في “حزب الله”، وعلى رأسهم السيد حسن نصرالله، ومواقع يُقال إنها ةleمخازن أسلحة، إضافة إلى المدنيين، يلاحظون أن وتيرة العمليات التي تُنفّذ إنطلاقًا من الجنوب لم تتأثر بعنف الغارات الإسرائيلية الضخمة. وهذا ما وعد به نائب الأمين العام لـ “الحزب” الشيخ نعيم قاسم، من حيث الجهوزية لردّ أي عدوان على لبنان، وبالأخص العدوان البرّي، الذي لن يكون بمثابة نزهة بالنسبة إلى الاسرائيليين، الذين لا يزالون ينظرون إلى الوراء عندما يتذكّرون حرب تموز، وما حلّ بهم، بل ستكون كلفة هذا الهجوم هذه المرّة باهظة أكثر من السابق، وفق ما يورده خبراء عسكريون على دراية ومعرفة بالقدرات العسكرية لدى “المقاومة”.
ويضيف هؤلاء الخبراء بأن الخبرات القتالية لدى رجال “المقاومة”، التي اكتسبوها في حربهم السورية ضد “داعش” وأخواتها زادتهم ثقة بالنفس، بحيث أصبحت قدرات المواجهة الميدانية لديهم أكبر بكثير من السابق، فضلًا عمّا تم تزويدهم به من أسلحة متطورة قادرة على إنزال الخسائر الفادحة بالجيش الإسرائيلي المهاجم برًّا.
ولكن في المقابل، فإن ثمة من يتحدّث عن أن إسرائيل لن تقع هذه المرّة في فخ “المقاومة”، وهي قد تكون استفادت من تجربة حرب تموز وما تكبدته من خسائر في مواجهاتها المباشرة أو بما يُعر ف بـ “حرب الشوارع”، حيث تم الاعتراف على لسان كبار القادة الإسرائيليين بتفوق رجال “المقاومة” على جيشهم النظامي غير المعدّ لهكذا نوع من الحروب. ولذلك يُقال إن تل أبيب لن تلجأ إلى هجوم تقليدي، بل تسعى إلى اعتماد سياسة الأرض المحروقة قبل زج جيشها في مواجهة تعرف مسبقًا أنها لن تكون لصالحها في حال اعتمدت على ما يُسمّى بـ “الحرب التقليدية”.
وفي اعتقاد أكثر من خبير عسكري أن موازين القوى في أرض المعركة لن يكون لصالح المهاجم باعتبار أن المدافع، وهو أبن بيئته، يعرف طبيعة الأرض أكثر من الغريب، خصوصًا أن العقيدة القتالية، التي يواجه بها رجال “المقاومة” الجيش الإسرائيلي، تفوق برمزيتها الدوافع القتالية لدى العدو، الذي لو خيّرت عناصره لما أقدموا على أي هجوم يمكن اعتباره بمثابة انتحار.
فأي من هاتين النظرتين هي الصائبة أو الأكثر تطابقًا مع الواقع؟ الجواب سيترك للميدان ولتطورات الساعات المقبلة. ولكن في المقابل، وقبل بلوغ الحرب هذه المرحلة، التي قد تكون حاسمة سواء بالنسبة إلى الإسرائيليين أو بالنسبة إلى رجال “المقاومة”، فإن الانباء التي تتوالى من أكثر من عاصمة غربية، والتي تحذّر إسرائيل من توغّلها البرّي في لبنان، محمّلينها مسؤولية ما يمكن أن ينتج عن هذا التوغّل، وإن كانت هذه العواصم لا تملك سحر أفعال النهي، وليست لديها الإمكانات التي تؤهلها لإيقاف إسرائيل عند حدّها بعدما تمادت في تحدّي الإرادة الدولية. وهذا ما لاحظته الدول، التي واجهها رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في كلمته من على أعلى منبر أممي.
وعلى رغم كل هذه التحذيرات يبدو أن تل أبيب مصرّة على زج جيشها في حرب برّية تعتقد أنها ستكون شبيهة بحربها على غزة، وأن الاستعدادات المتخذة على حدود الشمالية لا تدع مجالًا للشك في أن الهجوم البرّي واقع لا محال، خصوصًا أن الردّ الإيراني على اغتيال الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله وإسماعيل هنية جعل حكومة الحرب في تل أبيب أكثر إصرارًا على مواصلة عدوانها، الذي بدأته بغزة، ويبدو أنه لن ينتهي في لبنان.