هذه خطة نصرالله الجديدة.. قرارٌ من نوع آخر
السؤال الأساس الذي يُطرح الآن هو التالي: ماذا سيفعل “حزب الله” بعد خطاب أمينه العام السيد حسن نصرالله أمس الخميس إثر التفجيرات الإسرائيلية التي طالت أجهزة “البيجر” واللاسلكي التابعة لـ”حزب الله”؟ ما هي الخطوات التي سيتخذها لـ”الرد”، وأيّ “ثأر وعقاب” سيكون متناسباً مع ما جرى؟
بكلّ بساطة، يبقى اعتراف نصرالله بأن “حزب الله” تلقى “ضربة كبيرة” بالتفجيرات التي حصلت بمثابة “مُصارحة لا يمكن الهروب منها”، لكن الغموض الذي اكتنف ما سيفعله الحزب بعد الذي حصل سيكونُ هو الأساس، فأمين عام “الحزب” أكد أن الأحداث ستزيد الحزب قوة، ولكن.. كيف سيكون ذلك إن تكررت التفجيرات؟ ما هي التحصينات التي ستؤدي إلى “مناعة ذاتية جديدة ضمن حزب الله”؟
من دون أدنى شك، يمكن القول إن “حزب الله” انتقل اعتباراً من يوم الخميس إلى مرحلة جديدة تماماً، وما بات عليه فعله هو إعادة تقييم كافة جوانبه الإستخباراتية على اعتبار أن هذا الأمر هو “الأسلم” بالنسبة له في ظل الهجمة الإسرائيلية الكبرى عليه. عملياً، هذا أول ما سيقوم به “حزب الله” لحماية عسكرييه وعناصره وقوته النخبوية، ذلك أن التفجيرات التي حصلت تعني أن منظومة اتصالات “حزب الله” الأخرى باتت قيد الرصد أيضاً والمتابعة.
أيضاً، حينما تحدّث نصرالله عن أن ردّ الحزب على مجزرتي “البيجر” واللاسلكي سيكون محصوراً ضمن “أصغر دائرة”، فإن ذلك يعني أن “حزب الله” انتقل إلى مرحلة أخطر من السابق، وفيها أن الشكوك باتت داخلية. بشكل أو بآخر، بات نصرالله متمسكاً بمعادلة السرية أكثر من أيّ وقتٍ مضى لاعتبارات عديدة أبرزها أن ما جرى استدعى قلقاً فعلياً حول حصول خرقٍ استخباراتي إسرائيل لـ”خاصيات الحزب”، ما يعني أن المطلوب اليوم هو الانتقال إلى خطّة “ب” استخباراتية تهدف للتصدي لهذا الخرق المتمادي الذي أثر على اتصالات “حزب الله” في صميمها.
استنساخٌ لتجربة السنوار و”حماس”
السرية التي يتحدث عنها نصرالله هي خطته الجديدة، ويقول مصدر عسكريّ سابق مؤيّد لـ”حزب الله” إن أي خطوة كبيرة بالهجوم على إسرائيل سيبرانياً أو أمنياً أو هجومياً رداً على تفجيرات الأجهزة، لن تخرج من إطار حلقة ضيقة تجمع نصرالله والقادة العسكريين المقررين في الحزب، لا أكثر، ويضيف: “صحيحٌ أن لدى حزب الله هيكلية معينة تتخذ القرارات، لكن الأمر اختلف هذه المرة. ما يجري هو أن نصرالله بات مسؤولاً أمام بيئة كاملة لانتزاع الثأر لها، وبالتالي فإنه سيصبح المقرر الأكبر والأبرز بالتشاور مع أقرب الناس إليه”.
يعتبر المصدر أنَّ نصرالله قد يستنسخ تجربة زعيم حركة “حماس” يحيى السنوار ليلة السابع من تشرين الأول عام 2023، وذلك حينما قرّر الأخير شن هجوم ضد إسرائيل يتم التحضير له من دون الكشف عنه، ويضيف: “كل ما تبين حينها هو أن حماس كانت تستعد وتتدرب لشيء ما، لكن القرار بشأن التحرك وتنفيذ العملية كان غير معروف بتاتاً وقد فاجأ العناصر. ان الجهوزية هي الأساس، وفي أي لحظة قد يعلن نصرالله الهجوم المفاجئ من دون أي سابق إنذار، ما يجعل حزب الله بكافة أركانه أمام حالة تأهب كبرى وغير مسبوقة”.
يشير المصدر إلى أن نصرالله بات يسعى لأن تكون الأمور محاطة بأكبر قدرٍ من الإتقان كي لا تنتقل الأمور إلى مربع أخطر، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو التالي: ماذا ستفعل إسرائيل من الآن ولغاية إتمام حزب الله الرد المنتظر؟ هل ستزيد الضغط عليه بوسائل وخطوات أكثر تأثيراً أو على غرار حادثتي “البيجر” واللاسلكي؟ كل الأمور واردة في ظل ما وصفته إسرائيل بـ”الحرب غير المرئية” ضد “حزب الله” والتي تعتمدُ على أمر أساسي وهو الاستخبارات.
انطلاقاً من كل ما سبق، يجب انتظار ما ستؤول إليه الأمور على صعيد نتائج التحقيقات بتفجيري “البيجر” واللاسلكي.. أما السؤال الأهم هنا: هل سيكشف حزب الله هذه المرة عن أسماء أي جهة متورطة بالأحداث التي حصلت أم أن الأمور ستبقى تحت إطار السرية؟ سننتظر ونرى…
المصدر: لبنان ٢٤