بعضها يحتوي على أنفاق سرية تحت الأرض.. تعرّفوا إلى أشهر قصور لبنان الأثرية

يزخر لبنان بمعالم أثرية وسياحية تمتد من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب نتيجة للحضارات المختلفة التي مرت عليه ما جعله بلدا سياحيا بامتياز.
 
ففي لبنان العديد من الآثار الإغريقية والرومانية، والحصون والقلاع العربية والبيزنطية والصليبية، والكهوف والكنائس والمساجد التاريخية، والقصور والأبنية التاريخية والتراثية القديمة، التي تخفي بين جدرانها حكايات الزمن الماضي.

بعض هذه القصور القديمة تعرّض للهدم والإهمال والتخريب وهجرها أهلها، وبعضها الآخر تم ترميمه، وإصلاحه ليتحوّل إلى معلم تاريخي أو سياحي، وحتى تحوّل إلى أماكن فاخرة تنظم فيها أضخم الأعراس.
في هذا التقرير سنعرّفكم إلى بعض من أروع القصور الموجودة في لبنان، حيث لكل قصر حكاية خاصة به.

والبداية مع أشهر القصور التاريخية في لبنان وهو قصر بيت الدين:
في قلب جبل لبنان، يقف قصر بيت الدين شاهداً على تاريخ وثقافة وعمارة لبنان. هذا القصر يُعتبر من أهم المعالم السياحية والثقافية ومن أفضل الأمثلة على العمارة اللبنانية في أوائل القرن التاسع عشر.

يضم متحفاً ومهرجاناً سنوياً ومقراً صيفياً لرئاسة الجمهورية. يحكي قصصاً عن حقبة الإمارة الشهابية والعلاقات السياسية والثقافية بين لبنان والدول المجاورة والمستعمرات الأوروبية. بنى القصر الأمير بشير الثاني الشهابي، الذي حكم جبل لبنان من عام 1788 إلى عام 1840، بعدما نقل عاصمة الإمارة من دير القمر إلى بيت الدين.

استغرق بناء القصر أكثر من 20 عاماً، واستخدم فيه الأمير بشير الثاني طرازاً معمارياً يجمع بين العناصر الدمشقية والأوروبية واللبنانية.
يتكون من 3 أقسام رئيسية: دار الحريم، والدار الوسطى، والدار الخارجي، كما يضم قاعة كبيرة وأبراجاً مربعة وزخارف من الرخام الإيطالي والخشب المحلي.
يعكس القصر الطابع اللبناني في العمارة، الذي يمزج بين التقاليد الشرقية والتأثيرات الغربية.

سراي نسيب باشا
يقع هذا القصر العثماني الفخم في بلدة البرامية بالقرب مدينة صيدا، يعود تاريخه إلى 170 سنة.
يُعتبر قصر نسيب باشا جنبلاط واحداً من أجمل القصور اللبنانية لإقامة حفلات الزفاف.
عهد نسيب باشا الى نائبه رشيد بك جنبلاط بالإشراف على هندسة وبناء القصر الذي أصبح المسكن الشتوي للباشا.

تبلغ مساحة القصر الداخلية نحو 1200 متراً مربعاً، وشيّد القصر قبل مئة عام ونيف على الطراز الفن الايطالي ـ الفلورنسي، وهذا واضح من خلال القناطر المتعددة التي تحيط بالقصر ومن خلال أعمدة الغرانيت التي تملأ جوانبه. الا ان اروع ما في القصر الداخلي القاعة الشرقية او قاعة الفسيفساء التي تتوسطها بركة من الرخام.
وتعتبر حديقة القصر واحدة من أكبر وأجمل الحدائق في لبنان وتمتاز الى جانب العديد من انواع الاشجار والورود بنوع من شجر النخيل الذي لا مثيل له في لبنان وهذا النوع معروف باسم “النخيل الملوكي”.

قصر سرسق
يقع القصر في شارع سرسق في قلب الأشرفية في بيروت.
بني القصر عام 1860 من قبل موسى سرسق وهو مدرج كموقع تراثي ثقافي. القصر مكوّن من 3 طوابق وهو يعتبر معلماً تاريخياً في بيروت وموطنا لأعمال فنية رائعة وأثاث من العصر العثماني ورخام ولوحات من إيطاليا، جمعت من قبل 3 أجيال تنتمي إلى عائلة سرسق العريقة، ويتضمن قطعا فنية تاريخية نادرة تعود إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر.
يتميّز القصر بحدائقه الفاسحة التي شكلت موقعًا لعدد لا يحصى من حفلات الزفاف على مر السنوات.
صمد في وجه حربين عالميتين، وسقوط الإمبراطورية العثمانية، والانتداب الفرنسي، وخلال استقلال لبنان، واستغرق ترميمه بعد الحرب الأهلية في لبنان 20 عامًا، وقد تعرّض للتدمير مُجددا في انفجار 4 آب 2020 الا انه أعيد ترميمه.

قصر المير أمين
يطل قصر المير امين الذي يعرف بـ “لؤلؤة بيت الدين” على تلال بلدة بيت الدين في اعالي بلدة دير القمر في قضاء الشوف.
يعود تاريخ بنائه الى عام 1938 من القرن التاسع عشر ويرتفع عن سطح البحر 950 متراً. تبصم الهندسة العثمانية والاسلامية مختلف ارجاء القصر، لاسيما انه شيّد خلال فترة الحكم العثماني للبنان، ويطغى الطابع الشرقي على اثاثه ومختلف ارجائه. القصر كان مقر إقامة أمراء لبنان في القرن الـ19، ثمّ تحوّل الى فندق فاخر.

قصر البرج العالي
هو قصر تاريخي يقع في بيصور بناه المهندس حسين قائد بيك على أنقاض قلعة رومانية.
أصرّ المهندس على جعله يبدو بالكامل على شكل قلعة رومانية فوضع 4 أعمدة رومانية على المدخل وزيّن الشبابيك بالمثلثات وصمم مدخلا طويلا قبل الوصول إلى القصر.
ما يجعل هذا القصر مميزا هي الأبراج التي تزينه وتؤكد أنه قصر روماني. كما أنّه يحتوي على نفق تحت الأرض يمكّن الناس من الهروب من داخله إلى الخارج بسرية تامة.
موقع القصر الجغرافي على تلة ساحرة جعله معلما تاريخيا وسياحيا وطبيعيا مهما يستقطب السائحين.

قصر زيادة
كُلفّ شخص مجهول بتأسيس القصر في عام 1860 في زقاق البلاط في بيروت وبناه المهندس المعماري الإيطالي المعروف فقط باسم ألتينا. وقد اشتراه مغترب لبناني ثري يقيم في إنكلترا يدعى يوسف نصر بعد 10 سنوات من بنائه.
وفي عام 1930 اشتراه الأخوان الطبيب يوسف زيادة والمحامي البارع لويس زيادة رئيس نقابة المحامين في حلب. وقد كان أفراد عائلة زيادة ينتسبون إلى رئيس أساقفة بيروت الماروني في ذلك الوقت أغناطيوس زيادة والشاعرة والكاتبة والمحررة النسوية الشهيرة مي زيادة.

وبالرغم من هندسة القصر المعمارية الفريدة، فقد اكتسب سمعة سيئة في أعقاب حادث ارتبط بيوسف ومي زيادة. حيث كانت مي تعاني من اكتئاب حاد ووهن عصبي لعدة سنوات بعد فقدانها لوالديها وفوق كل ذلك وفاة حبيبها الاديب جبران خليل جبران. كما كانت ترتبط بعلاقة حب بائسة مع الكاتب عباس العقاد في 1936 ما أدى إلى تفاقم حالتها. وفي 1938، زارها يوسف زيادة في مصر وأقنعها بالعودة إلى بيروت والإقامة في قصر العائلة بالقرب من الأصدقاء والأسرة.
وقد عادت مي إلى بيروت عام 1939 وبعد عدة أيام من وصولها إلى قصر زيادة، أودعت في مأوى في الحازمية رغماً عنها. ومن ثمّ حاول يوسف الاستيلاء على ممتلكاتها كونه يعتقد أنها غير قادرة على إدارتها. وفي النهاية استعادت مي عافيتها وعادت إلى القاهرة حيث توفيت في 17 تشرين الأول 1941. ظل القصر في عهدة عائلة زيادة حتى بداية الحرب اللبنانية عام 1975. حينها تعرض للنهب وتُرك في حالة سيئة وقد غطت واجهته طلقات الرصاص. وقد أدرج على لائحة الجرد العام للمباني التراثية، حيث ينتظر تمويلاً لترميمه.

قصر “دبانة”
يجمع قصر “دبانة” في مدينة صيدا بين روعة تصميم العمارة العثمانية، وخصوصية المجتمع العربي، وأخشاب شجرة الأرز الشهيرة في البلاد.
فإبان العهد العثماني في المدينة (1516-1918) أُنشئت محالّ ومدارس ودور عبادة وفنادق ومستشفيات، فضلا عن القصور القديمة التي تعد من أوجه تلك الحقبة، الباقية حتى اليوم.
ومن بين تلك القصور قصر دبانة الذي شيّد عام 1721 على يد علي آغا حمود، أحد أعيان مدينة صيدا، ومن قيّمي الشؤون المالية والضريبية في ذلك الزمان.
قصر دبانة هو نموذج للبيت العثماني التقليدي، كونه يحتوي على كل خصائص الدار “العربية-العثمانية” الخاصة بتلك الحقبة، وبما يتضمنه من عناصر جمالية.
ويتألف القصر من بهو مركزي أو ما يعرف بفناء رئيس، ومنه تتفرع غرف عدة، تتضمن دواوين أو قاعات استقبال، تتوسطها بركة ماء ونافورة، كما يحوي طابقا سفليا يضم حوانيت وإسطبلات وحديقة.

قصر نوفل طرابلس
قصر نوفل الواقع بقرميده الأحمر وفخامته في ساحة التل في طرابلس، أقام فيه قنصل روسيا في طرابلس عام 1895 مع عائلته.
شكّل القصر في مطلع القرن العشرين معلما معماريا مميزا، إذ صممه مهندسون إيطاليون وبُني بمواد مستوردة من إيطاليا، وكان قرميده المستورد من مرسيليا الأكبر في وسط طرابلس.
جمالية القصر لا تقتصر على قرميده، بل تنسحب على مجمل تفاصيله، وهي تكمن من الخارج في تلك الزخارف والنقوش على الجدران والتي تزيّن الشرفات.
وقبل أن تستملك الدولة اللبنانية عام 1968 القصر، مرّ بمراحل عدة، إذ حُوِّل مطعما وكازينو. ووهب آل نوفل حديقة القصر إلى البلدية التي حوّلتها لاحقا إلى منتزه عام يُعرف باسم “المنشية”، وبات يومها أول حديقة عامة في كل لبنان.
وتُعرف حديقة المنشية بمساحتها الكبيرة وبالأشجار المعمرة، إضافة إلى نافورة مياه تعمل خاصة في فصل الصيف لتلطف الأجواء الحارة، وتعتبر المتنفس الوحيد لسكان المنطقة وخاصة المتقاعدين الذين يجلسون تحت ظلال الأشجار الكبيرة.

ورغم كل المتغيرات التي طرأت على الحديقة إلا أنها ما زالت تحتفظ بخصوصيتها النادرة وتجمع العابرين والباحثين عن قسط من الراحة.
وفي عام 1978 افتُتح قصر نوفل كمركز ثقافي تابع للبلدية وأُطلقت عليه تسمية قصر نوفل الثقافي.
وتكريما لذكرى رئيس الحكومة رشيد كرامي بعد اغتياله عام 1987، اتخذت البلدية قرارا بتغيير اسم القصر إلى مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي.

قصر موسى
يعتبر قصر موسى من المتاحف اللبنانية المتميّزة من حيث قصة بنائه ومضمونه، ويقع في بلدة بيت الدين.
تمّ بناؤه يدوياً على يد شخص واحد اسمه موسى معماري خلال الفترة ما بين (1945- 1997) وذلك تحقيقاً لحلم طفولته ثمّ أصبح من أهم المعالم التاريخيّة والسياحيّة والمشهورة في لبنان.
وضمت بعض الغرف فيه تاريخ التراث اللبناني من خلال بعض المجسّمات التي تُمثّل حياة أشخاصٍ لبنانيين عاشوا خلال الفترة ما بين القرنين التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بالإضافة إلى بعض الأسلحة القديمة التي كانت في العصر العثماني والانتداب الفرنسي على لبنان، حيث تعدّ مجموعة هذه الأسلحة من أكبر المجموعات في الشرق الأوسط والتي تتكوّن من 16 ألف قطعة من السلاح القديم. هذه عينة من القصور التراثية الممتدة على طول الأراضي اللبنانية وطبعا هناك المزيد من الأبنية والقصور التراثية الأخرى قد تكون معروفة وقد تكون منسية يجب إلقاء الضوء عليها سيما وإن كانت تحتاج للترميم لتبقى رمزا حيّا عن حضارة لبنان.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى