أعباء النزوح تضغط وسجال جديد بين نهرا ويمق
كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”: تُعتبر بلديات طرابلس والمنية وأخرى في عكار والضنية، من أكثر بلديات الشمال كسلاً في التعامل مع تنظيم النزوح السوري في نطاقها، إذا ما قورن نشاطها بنشاط بلديات الكورة والبترون، وحتى بلديتي الميناء والقلمون اللتين تداران بواسطة القائمقام إيمان الرافعي.
أكثر من سببٍ وعامل يجعل هذه البلديات تتكاسل أو تتغاضى عن التجاوب مع قرارات وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، وأهم الأسباب المتعلقة بالوضع المالي، إضافة إلى تخوّفها من أن يؤدّي أي قرار تتّخذه في حق النازحين، إلى ردود فعل سلبية في شارعها الذي لا يزال يتعاطف مع النازحين، ويشعر بالحاجة إلى العمالة السورية في قطاعي الزراعة والبناء بشكل أساسي، وقسم منه يعتبر أنّ جزءاً من الحملة التي تستهدف تنظيم النزوح السوري في لبنان ذو طابع مذهبي وطائفي.
ولفت في اليومين الماضيين الكتاب الذي وجّهه محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا إلى بلدية طرابلس، يسألها فيه عن تقاعسها وتقصيرها في تنفيذ قرارات مولوي في شأن تنظيم الوجود السوري على أراضيها. ولا بدّ من التذكير بأنّ ثمة نفوراً بين نهرا ورئيس بلدية طرابلس رياض يمق. فعند أي خلاف بينهما كان الرأي العام الطرابلسي يقف إلى جانب يمق حكماً، بينما يُتهم نهرا بأنه ينفّذ أوامر رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل كونه مقرباً منه. وردّ يمق على نهرا ببيان اعتبر فيه أنّ مجلس بلدية طرابلس يقوم بواجبه في هذا الشأن، ولكن من دون دعاية وعراضات إعلامية، ولا ينتظر من أحد أن يعلّمه ماذا عليه أن يفعل.
لم يكترث الشارع الطرابلسي للسجال الجديد بين نهرا ويمق، وإن كان ثمة شبه إجماع في المدينة على أنّ المجلس البلدي من أكثر المجالس البلدية تقصيراً وفشلاً في تأمين مصالح طرابلس وحقوق مواطنيها، فكيف سيكون ناجحاً في تنظيم الوجود السوري أو غيره من الملفات؟ ولعلّ بعض الرأي العام الذي لا يزال يدافع عن وجود النازحين في مناطق طرابلس وباقي البلديات المذكورة، قد ساعد البلدية في تغطية تقصيرها في هذا الملف، علماً أنه لو أرادت بلدية طرابلس والبلديات الأخرى المقصّرة تنظيم هذا الوجود، أو أي ملف آخر يقع ضمن صلاحياتها، فلن تنجح، خصوصاً أنها بلديات منهكة من كل النواحي، وقد وصلت إلى الرمق الأخير بعد أكثر من تمديد وتجديد لولايتها.
وكما كل ملف يتم تسييسه ومذهبته وتطييفه على الطريقة اللبنانية، فإنّ ملف النزوح قد دخل هذا المسار، والرأي العام الطرابلسي ينظر إلى القضية من زاويتين مختلفتين. فهناك من يرى أنّ ثمة حملة مبالغ فيها وذات أبعاد مذهبية وطائفية لإخراج السوريين من المناطق ذات الطابع المسيحي إلى المناطق ذات الغلبة الإسلامية، وينفّذ المحافظ نهرا في سياقها سياسة باسيل. وقسمٌ آخر يعتبر أنّ هناك ضرورة لتنظيم النزوح وترحيل من هم غير شرعيين، ونهرا يُبلي بلاءً حسناً في هذا الشأن، حتى لو كانت له مآخذ على المحافظ في ملفات أخرى. تجدر الإشارة إلى أنّ النازحين الذين أخرجوا من الكورة والبترون وبعض مناطق بيروت في الأسابيع الأخيرة، كانت لهم 3 وجهات لا غير. الوجهة الأولى مدينة طرابلس، والوجهة الثانية مخيمات عكار وبعض قرى السهل مثل دارين، والوجهة الثالثة إلى الداخل السوري مباشرة.
ويرى متابعون أنّه مهما تمّ تنظيم الوجود السوري في لبنان فإنّ مناطق كعكار والمنية وطرابلس ستبقى بعيدة عن كل أشكال التنظيم، بل ستزداد الفوضى، ويصبح النزوح أكثر ضغطاً وإيلاماً على هذه المناطق، وهناك قرى صارت أعداد السوريين فيها أكثر من أعداد اللبنانيين كالدريب والسهل، وقرى أخرى ستصل إلى وقت لا تعرف فيها النازح السوري من المقيم اللبناني.