مكاتب المراهنات: مصيدة للشباب ومحفّز للجريمة
كتبت رمال جوني في “نداء الوطن”:
عادت قضية المراهنات إلى الواجهة مجدّداً، هذه المرة ليس من باب مكاتب المراهنات التي تفشّت بشكل خطر في منطقة النبطية والجوار فحسب، بل أيضاً من بعض مكاتب التداول في العملات التي تُخصّص حيّزاً من عملها للمراهنات. وتحضّ الشباب على خوض تلك التجربة على قاعدة الربح السريع، والتي من شأنها الإيقاع بالشباب الغارق في اليأس والبطالة، والنتيجة ارتفاع معدّلات السرقات والجريمة. وماذا بعد؟ من يضبط إيقاع مكاتب المراهنات في منطقة النبطية؟ سؤال بدأ يطرح على نطاق واسع هذه الأيام، خصوصاً بعدما تخطّت أعداد المراهنين حدود المنطق، وزادت عن حدّها بشكل مخيف، حسب ما تصف مصادر أمنية متابعة، بل تتخوّف من ارتفاع نسبة الجريمة والقتل بسببها، بعد تزايد نسبة السرقات بسبب الحصول على المال لسدّ «ديون المراهنة».
منذ أمس الأول يقوم مكتب أمن الدولة بحملة لإقفال بعض المحال التي تتراوح بين 4 إلى 5 مكاتب في كلّ بلدة وقرية، حتى في قلب مدينة النبطية، ويقع أحد هذه المكاتب قبالة مركز قوى الأمن الداخلي في كفرجوز.
في هذا الإطار، يشير مصدر أمني متابع إلى «أنّ غالبية هذه المكاتب، إن لم نقل كلّها، غير شرعية، أو تتبع مكاتب مراهنات كبيرة في بيروت». حملة لا يتوقع منها أن تحدّ من خطر تفشّي آفة المراهنات باعتبار أنها تتمّ عن طريق التعبئة «التشريج» عبر الهواتف الخليوية، لهذا قد يكون إقفال المكاتب تبعاً للمصدر الأمني «شكليّاً ما لم يُستتبع بتوقيف الرؤوس الكبيرة التي تنشر هذه الآفة الهادفة إلى ضرب جيل الشباب وتحديداً ما دون الـ20 عاماً، أي الفئة الأكثر انغماساً في المراهنات اليوم».
تسيطر حال من القلق على منطقة النبطية، بسبب هذه العدوى، ويسود الخوف من مافيات القرى، أي مكاتب المراهنات التي توظّف لديها أصحاب السوابق أو ما يعرف «بالبلطجية» لتحصيل ديون المراهنات، وهؤلاء وفق مصدر أمني يقومون «بالتهديد بالقتل، أو مصادرة المنازل والممتلكات وكل ما تقع عليه أيديهم تحت تهديد السلاح، ما يشكل خطراً داهماً على المجتمع». ما يخشاه المصدر الأمني أن «تدفع المراهنات بالشباب نحو الجريمة، لم ننسَ بعد حالات الإنتحار التي سُجّلت في الفترة الماضية بسبب هذه اللعبة، وقد تطوّر الأمر وصارت المكاتب توفد «بلطجيتها» لتهديد المراهنين، ما يضعهم أمام خيارين، إما السرقة أو الانتحار». لا إحصائية دقيقة حول أعداد المراهنين التي زادت في عام فقط زيادة كبيرة، حتى صارت في كل بيت ضحية لهذه المكاتب، وعليه تدفع العائلة ضريبتها أكان بمصادرة منزلها أم بيع أثاثه.
وحسب المعطيات، فإنّ أمن الدولة بدأ باستدعاء أصحاب هذه المكاتب، وأقفل بعضها بالشمع الأحمر بناءً على إشارة النيابة العامة المالية. خطوة جاءت بعد لجوء صاحب أحد هذه المكاتب إلى أمن الدولة لتحصيل حقّه من أحد المراهنين، علماً أنه غير شرعي، وبعد «انكشاف الأمر تحرّك أمن الدولة تجاه تلك المكاتب وأخذ بإقفالها بالشمع الأحمر. وما توقّفت عنده المصادر الأمنية أنّ هذه المكاتب حاولت استغلال الحرب لتوسيع نشاطها واستقطاب مزيد من الضحايا إليها.