ميقاتي مُلاحق في فرنسا… العائلة بخطر
لا يبدو أن مصير رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سيختلف عن مصير حاكم مصر لبنان رياض سلامة في القضاء الفرنسي وسيكون ملاحقاً قضائياً في تلك الدولة بفعل دعوى خطيرة بحقه باشرت بالتحقيق فيها النيابة العامة المالية الوطنية في فرنسا وتتعلق باستغلال النظام الإقتصادي الفرنسي من أجل تبييض الأموال.
فقد تقدّمت جمعيتان بدعوى قضائية، أمام النيابة العامة المالية الوطنية في فرنسا، ضد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني، نجيب ميقاتي، بتهمة الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال.
فقد رفعت كلّ من منظمة “شيربا” غير الحكومية لمكافحة الجريمة المالية و”تجمع ضحايا الممارسات الإحتيالية والإجرامية في لبنان” الذي أسّسه عدد من المودعين في البنوك اللبنانية المتضررين من تبعات الأزمة المالية، دعوى قضائية، ضد ميقاتي.
ودعّمت الجمعيتان الدعوى بمستندات ووثائق حول عمليات مالية كبيرة لذلك جاء نص الدعوى من النياببة العامة المالية على اعتبار أن ميقاتي استغلّ النظام الإقتصادي الفرنسي من أجل تبييض الأموال.
وفي العادة يقوم القضاء الفرنسي عند تقديم أي دعوى بتحقيق أولي للتأكد من أن هناك أسس تسمح بالسير بالدعوى للإنتقال بعدها إلى قبول الدعوى وبدء التحقيق فيها، وفي حالة الرئيس ميقاتي فقد تجاوزت الدعوى المرحلة الأولى لتبدأ التحقيقات في الملف.
وقد ردّ الرئيس ميقاتي على كل الإتهامات مؤكداً، أن “ما تمتلكه العائلة هو من جرّاء أعمال شركاتها التجارية التي تعود لسنوات طويلة، ويتسّم بالشفافية التامّة والإلتزام بالقوانين المرعية، وبأعلى المبادئ الأخلاقية”.
وأضاف: “لم تتمّ إدانة أي شخص في العائلة أو في مجموعة الشركات العائلية بأي ملف قضائي، سواء في لبنان أو في أي مكان آخر في العالم”.
إلا أن هذه التبريرات لا تحجب الوقائع التي يستند إليها القضاء الفرنسي حيث كشفت التحقيقات ارتباط اسم الميقاتي بأحد المصارف اللبنانية الذي يواجه دعوى قضائية في سويسرا بتهمة فساد، كما يرتبط اسم شركته “M1” بشركات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وبالتحديد Cross Land و SI2SA ، والملاحق أصلاً أمام القضاء الفرنسي.
وفي هذا الاطار يؤكد عزيز سليمان من ” تجمع ضحايا الممارسات الإحتيالية والإجرامية في لبنان” أن على الرئيس ميقاتي مماسك كثيرة مثل حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، مؤكداً أن الملفات جرى تحضيرها بشكل “مبكّل” ولن يستطيع أن يتنّصل منها أبداً.
ويوضح أنه سبق أن تهرّب ميقاتي من الدعوى التي أقامتها ضدّه إمارة موناكو لأنها مختلفة عن القضية الحالية، ويوضح أن الإمارة فتحت تحقيقاً عاماً بموضوع تبييض أموال على أراضيها ومر خلال التحقيق اسمي رياض سلامة ونجيب ميقاتي في التحقيق, عندها دخل التجمع على خط الدعوى كطرف ثانٍ في التحقيق ولكن بما أن ميقاتي يسيطر على كل شيئ في الدولة لم يسمح للقضاة ان بالإستجابة لطلبات النيابة في موناكو، التي اضطرت إلى وضع الملف على حدى.
ويكشف أنه بالتوازي مع سير التحقيق في موناكو كان التجمع وشيربا يحضران الدعوى في باريس وبعد أن اكتملت الملفات بشكل “مبكّل” تقدمتا بالدعوى التي قبلت من النيابة المالية.
ويؤكد أنهم لا يطلبون التعاون من القضاء اللبناني الذي وصف بعضه بالفاسد لأن الملفات مكتملة مدعمة بالمستندات والوثائق.
أما عن قدرة القضاء الفرنسي على ملاحقة رئيس حكومة لبنان فيرى أن ذلك أمر طبيعي فالقضاء الفرنسي لاحقوا رؤساء جمهورية أمثال شيراك وساركوزي.
وبالنسبة إلى إستدعاء ميقاتي إلى فرنسا للإستماع إليه والتحقيق معه؟ فيجزم بأن مصير ميقاتي سيكون نفس مصير رياض سلامة، ويتجنّب الغوص في سير التحقيقات.
ولكن المعلومات تشير أن الرئيس ميقاتي يتوجس من هذه الدعوى بالذات، موضحة أن الأخير خسر “السند الفرنسي” له أي مدير المخابرات الخارجية في الإليزيه برنار ايميه الذي استبعده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو من كان يؤمن التغطية لـ “نجيب لبنان” لما كان له من يد طولى داخل المؤسسات والأجهزة الفرنسية.
فرجل الظل الفرنسي لنشاطات ميقاتي الذي كان مولجاً بالملف اللبناني كان له الدور البارز في تسمية سفير لبنان لدى ألمانيا مصطفى أديب لتشكيل الحكومة في لبنان بعد إنفجار المرفأ والذي لم يتمكّن من القيام بهذه المهمّة ليعود التكليف إلى الرئيس ميقاتي بدفع من ايميه نفسه.
وإذ كان يتحجّج الرئيس ميقاتي بأن القضاء الفرنسي لا يستطيع ملاحقته على اعتبار أنه رئيس حكومة لبنان، فهو يغفل بأنه رئيس حكومة تصريف أعمال لا تحظى بثقة المجلس النيابي، وبالتالي سيلج الجانب الفرنسي من هذه الثغرة لملاحقة ميقاتي، والذي سارع بطبيعة الحال إلى توكيل مكتب محاماة في باريس لمتابعة الدعوى بحقه.
ولكن يبدو أن الدعوى القضائية جادة لا سيّما أن المحامي للمدعين وليم بوردو معروف عنه جدّيته في ملاحقة قضاياه ويسجل له إسقاطه للعديد من الأنطمة على خلفية فساد مالي.