أربعة مؤشرات إلى اقتراب الحرب الشاملة في لبنان
كتب علي حمادة في “النهار“: لم يعد الحديث عن احتمال تمدّد الحرب من غزة الى لبنان ضرباً من الخيال. ثمة معلومات ومؤشرات تدل على ان لبنان ينزلق أكثر فأكثر نحو حرب شاملة. ويمكن في هذه اللحظة ان نورد أربعة مؤشرات تؤكد مدى خطورة الموقف:
أولا: الرسالة التي وجّهها وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الى رئاسة مجلس الأمن على شكل إحاطة غير مسبوقة ورد فيها ان “إسرائيل سوف تفرض الأمن على حدودها الشمالية عسكرياً، في حال لم تطبِّق الحكومة اللبنانية القرار 1701 وتمنع الهجمات من حدودها على بلاده”. وخطورة الرسالة نابعة من كون إسرائيل تكره التعامل مع الأمم المتحدة وتتحاشى التعاطي معها. وقد أتت الرسالة التي وجّهها كاتس حاملة تفاصيل عن قيام ايران بتسليح “حزب الله” ومسألة القرار 1701. ويعتبر بعض المراقبين ان الرسالة هي جزء من تحضير المجتمع الدولي لتوسيع الحرب نحو لبنان.
ثانيا: تكثيف الضربات الإسرائيلية على اهداف عسكرية لـ “حزب الله”، وتوسيع نطاقها الجغرافي، ورفع مستوى العنف، والاستعداد للتصويب على المدنيين الذين تختلط بهم الأهداف العسكرية. وقد كانت مجزرة النبطية قبل عشرة أيام مثالاً على النمط الجديد للاستهدافات، من دون أن ننسى التسريبات الإعلامية لجهاز “الموساد” حول وجود بنى تحتية صاروخية لـ”حزب الله” في مناطق بعيدة عن الحدود كالمناطق ذات الغالبية المسيحية أو السنّية في قضاءي كسروان وجبيل صعوداً الى تخوم مدينة طرابلس ومحافظة عكار.
ثالثا: تحضير الرأي العام الإسرائيلي لحرب واسعة ضد لبنان، من خلال مراكمة المواقف السياسية من أعضاء مجلس الحرب، والعسكرية من خلال كبار ضباط الجيش، وعلى رأسهم رئيس الأركان هرتسي هاليفي التي تؤكد ان التحضيرات لشن الحرب باتت كاملة. كما يمثل حشد مدرعات ثقيلة ونشر ألوية مقاتلة جديدة ومتمرسة جرى نقلها من غزة الى الحدود الشمالية واستكمال التدريبات والمناورات براً وبحراً عنصراً آخر يؤكد جدية التهديدات. وأخيرا لا نقلل من أهمية نشر استطلاعات رأي مثل الذي صدر في صحيفة “معاريف” قبل أسبوع تشير الى ان 71 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون شن حرب واسعة ضد “حزب الله” في لبنان.
رابعا: بدء توافر معلومات خارج نطاق المستوى الحكومي والعسكري الإسرائيلي وتسرّبها الى جهات فلسطينية تمتلك شبكات علاقات واسعة مؤشراً إلى ان قراراً إسرائيلياً بات بحكم المُتخذ يقضي بشن حرب على “حزب الله” في لبنان. وفي هذا الاطار، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت لافتة تغريدة غير معتادة للدكتور مصطفى البرغوتي الذي نادراً ما يتناول مواضيع خارج إطار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. جاء في التغريدة التي نشرها في حسابه على منصة “إكس” مساء امس: “تبعاً لمصادر مختلفة فإن الحكومة والجيش الإسرائيليَّين يخططان لحرب شاملة مع لبنان قريبا”.
المؤشرات التي نتحدث عنها ليست العنصر الوحيد الذي يدل على أن ثمة شيئاً يتم الإعداد له. فاقتراب حرب غزة من مرحلتها النهائية في رفح تزيد من مخاطر الانزلاق في لبنان، لا سيما بعدما فقدت إسرائيل الأمل في إمكان انتزاع وقف لإطلاق النار من “حزب الله” وتنفيذ القرار 1701، وإنْ مخففاً على مستوى العمق المطلوب انسحاب الحزب المذكور منه.
أخيراً لا بد من التذكير بان صدمة إسرائيل من عملية “طوفان الأقصى” قد تدفعها الى حرب ضد “حزب الله” الذي يمثل خطراً استراتيجياً أكبر من “حماس” على أمنها في المستقبل.